مئة ليلة وليلة

مئة ليلة وليلة
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق- الشهرة التي حصل عليها كتاب (ألف ليلة وليلة) جعلت العرب يهملون بالمقابل كتبا كثيرة، ربما من أهمها كتاب (مئة ليلة وليلة)، هذا الكتاب الذي اكتشفته المستشرقة والمترجمة الألمانية كلوديا أوت قبل أكثر من ثلاثة عقود. المخطوط يعود إلى العام 632 هجري، أي العام 1234 أو 1235 ميلادي. وتشير المستشرقة إلى أنه ضاعت من المخطوط الأوراق الأخيرة. النص المتبقي يصل إلى الليلة الخامسة والثمانين، لذا لا يوجد في هذا الجزء من المخطوط ترقيمة خاصة به. بيد أنّ مؤسسة آغا خان للثقافة أعلنت عن عزمها على إجراء فحص علمي على الورق والتجليد. وإذا ما تم إثبات أن الكتابين قد خطهما المدوِّن نفسه يكون مخطوط “مئة ليلة وليلة” أقدم بخمسمئة عام من أقدم مخطوط معروف لألف ليلة وليلة. وبناءً على طبيعة الخط وأسلوبه تؤكد أوت أن المخطوط مغاربي، من شمالي أفريقيا أو الأندلس. ويمكن لهذا المخطوط أن يكون المفتاح الذي بحث عنه العلماء المتخصصون منذ عهدٍ بعيد. هذا المخطوط كان عينة مهمة لدراسة الأنساق العربية والبنيات السردية لدى عدد من الباحثين، كان آخرهم الناقد الدكتور محمد تنفو، الذي أصدر كتاباً بعنوان (قالت شهرزاد.. البنيات الحكائية في مئة ليلة وليلة). قسم تنفو كتابه إلى أربعة فصول، وهي: الأفعال والوظائف في مئة ليلة وليلة، بنيات الشخصيات والفواعل والعوامل، البنيات الزمانية، وأخيراً: البنيات الفضائية. كان سؤال تنفو هو: كيف تبنى البنيات الحكائية وتتعالق في هذا الكتاب؟ وقد انطلق المؤلف من فرضية مقتضاها ان هذا المتن ينتمي إلى جنس السرد العربي، وان حكائيته تتألف من بنيات حكائية أربع متواشجة فيما بينها، وهي التي قسمها على فصول الكتاب الأربعة. في فصل الكتاب الأول بيّن تنفو أنه لا يمكن للفاعل المركزي أن ينجز الوظيفة المركزية، التي تتمفصل إلى ثلاث وظائف أساسية (الأوان، القرار، والنفاذ)، إلا بعد حصوله على الموجهات، بدءاً بوجوب الفعل ومرورا إلى معرفة الفعل، ووصولا إلى إرادة الفعل وانتهاءً بالقدرة على الفعل. ويحكم هذه الموجهات التسلسل عينه الذي تخضع له الوظيفة المركزية والوظائف الأساسية. أما في الفصل الثاني فيخلص تنفو إلى أن بنيات الشخصيات الكبرى تتمفصل من جهة إلى شخصيات تخييلية من نسج خيال الراوي، وشخصيات عجائبية ذات صفات أو أفعال تثير الحيرة أو التردد لدى المتلقي، وشخصيات مرجعية. في حين كان الفصل الثالث من الكتاب (البنيات الزمانية) فيقسمها إلى زمان القصة العام وزمان القصة الخاص. الأول يتمفصل إلى زمان عجائبي تنتجه كائنات عجائبية من خلال خرقها للزمان العادي، وزمان تاريخي ذي مرجعية تاريخية تراهن على أحداث وشخصيات ذات مرجعية تاريخية إسلامية وغير إسلامية. الفصل الرابع اشتغل على البنيات الفضائية وتتمفصل في الأحاديث إلى بنيات فضائية عامة، تشمل فضاءات مرجعية (كلية وجزئية، أساسية وثانوية، وفضاءات تخييلية “بيضاء، سوداء، وحمراء” يحكمها تسلسل محدد، وفضاءات عجائبية (مباحة ومحظورة مطلسمة). وبنيات فضائية خاصة تتمثل في علاقة الفضاء بالزمان وبالشخصيات، فالفضاءات تكون مركزية في فترة زمانية معينة، وتصبح فرعية في فترة أخرى. وغالباً ما تكون فضاءات الفاعل المركزي مركزية سواء أكانت مرجعية إسلامية أم كانت ذات مرجعيات غير إسلامية، واقعية أم متخيلة، لتبقى متفاعلة فيما بينها ومتواشجة، تحكمها رؤية ومنطق محددان. الكتاب صدر عن دار رؤية في القاهرة بـ496 من القطع الكبير.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *