تبديل أذرع الفساد

تبديل أذرع الفساد
آخر تحديث:

 

  كريم عبدالله هاشم

نعود مجددا الى حكاية (( حكومة تكنوقراط )) والكابينة الوزارية المرتقبة التي تم اتخاذها على انها الخطوة المناسبة والشكل المطلوب والخلاصة المطلوبة للأصلاح والبناء وسيتم بها تقويم حال العراق الذي وصل الى حالة (( مقصودة )) من التردي غير المسبوق .

وهنا أقول :

بما ان هذه الوزارة (( التكنوقراط )) الجديدة لن تصبح شرعية الا بمباركة البرلمان القائم والكتل السياسية والأحزاب القائمة . .

وبما ان الحكومة كما اثبتت الأيام ليس لديها برنامج ، والسيد رئيس الوزراء ليس لديه رؤية أو منهاج مرسوم أو برنامج حكومي صريح وواضح المعالم يريد الوصول اليه وبمساعدة هؤلاء (( التكنوقراط )) . .

فأذن هي أشبه بعملية تبديل (( الذراع )) أو (( القفاز )) لهذا الجسد الذي ينخره الفساد والخراب والعفن وأصبحت رائحته تزكم الأنوف .

ان الفساد والخراب الذي استشرى في الجسد العراقي هو (( نتاج )) لعملية هدم مقصودة منذ أمد بعيد ، وقد تم تمريرها على العراق والعراقيين بخطط وأحاييل مختلفة واتخذت هذه الخطط والأحاييل أشكال ومناهج ووجوه وشخوص مختلفة للوصول بالعراق الى هذه الهاوية , وأنتجت لنا هذا النتاج وولدت هذا التشرذم .

والفساد الذي نحاول محاربته قد أصبح ثقافة وعقلية وجسد وهيكل ، وأصبح له هيمنته وله أدواته وفعله . وقد وجد هذا الجسد ووجدت هذه التركيبة الشرعية القانونية والغطاء الكافي لوجودها واستمرارها من خلال بعض المنافذ والمدخلات التي كانت مقصودة الغرض في الدستور (( البريمري )) الذي كان من ابرز غاياته تهديم العراق وتفتيته .

ان عملية الأصلاح المطلوبة يتطلب العمل على تفعيلها بمستويين متوازيين هما :

1- المستوى الأول : هو مستوى الأصلاحات الآنية والفورية لأفرازات المرحلة السابقة وتقديم الحلول والمعالجات الجريئة والمقدامة والتي تستدعي أول ماتستدعي تشخيص أخطاء المرحلة وسلبياتها بوضوح وصراحة تامة ومعالجتها جذريا بأقتلاع جذورها ومسبباتها حتى وان اقتضى ذلك هدم وتفتيت الكثير من الأركان التي بنيت عليها العملية السياسية القائمة .

2- المستوى الثاني : رسم ووضع واعتماد رؤية اصلاحية طويلة الأمد تنتقل بفعالياتها وتقويمها وتعديلها ونتائجها الى تفاصيل حياة عامة الناس . وذلك بخلق ثقافة صالحة وخلق وعي اجتماعي صالح ، ملتزم ومسؤول ، كبديل ضروري وحتمي لثقافة ووعي التمزق والفساد التي

انتجتها الحروب والهزات السياسية والأنهيارات والتي استشرت كثقافة وظواهر اجتماعية أدت الى انحطاط المجتمع وتفسخ قيمه وأخلاقياته .

يبدأ هذا المستوى من حركة الأصلاح من أصغر حلقات المجتمع ورياض الأطفال وصعودا الى الشرائح الأجتماعية المختلفة ، ويعتمد وعي تربوي واجتماعي سليم يواكب العصر ويعزز البناء الصحيح لشخصية الفرد وتنمية روح المواطنة والقضاء على رواسب ومخلفات الحروب العبثية ، وتأكيد اللحمة الأجتماعية والوطنية وتدعيم نسيج المجتمع العراقي . وتعتمد في سبيل تحقيق هذا المستوى اعادة نظر بالسبل التربوية والأعلامية وحلقات الوعي ومنظومات الثقافة العراقية وتوجيهها بشكل فعال لخدمة هذا الغرض .

وان الحديث السائد الآن عن خطوات نحو تغيير وزاري وحكومة (( تكنوقراط )) وماالى ذلك من ذر الرماد في العيون ان هو الا استمرار في توطين الهياكل الفاسدة الهدامة التي أدت بنا الى النتائج الوخيمة التي وصل اليها المواطن العراقي ، وهي ليست الا عملية فاشلة الغرض منها خلق ديمومة واستمرارية لحواضن الخراب القائم .

لو تسائلنا :

– من أين سيأتي هؤلاء التكنوقراط . . ؟ . .

– من الذي سيرشحهم ، وماهي أسس التزكية والترشيح . . ؟ . .

– هل هم مستقلين فعلا ولاسلطة على قراراتهم ، هل لديهم مرجعيات يتبعون لها غير مرجعة الهدف والواجب المطلوب منهم تحقيقه . . ؟ . .

– مامقدار التجربة العملية والخبرة المتراكمة التي يمتلكونها . .؟ . . فليس كافيا ان يكون صاحب شهادة جامعية ، هذه الشهادة مالم تعزز بالخبرة المتولدة من الممارسة العملية والفعلية تصبح مجرد حبر على ورق . . وقد رأينا في الحياة كم من صاحب خبرة ومحترف ومختص اكتسب الخبرة العملية من ميادين العمل يتفوق بقدرته على الكثير من أصحاب الشهادات ، وكم من الأشخاص يقودون أساطيل اقتصادية وهم بلا شهادة جامعية ، فقد أهلتهم ميادين العمل واكسبتهم الخبرة اللازمة . .

– هل يستوعب هذا التكنوقراط ماذا يعني انه تكنوقراط وماذا يعني هذا التكليف ، والمديات المطلوبة منه . . ؟ ؟ . .

– من الذي سيقبل أو يرفض توليهم لمهام القيادة ويصادق على وجودهم . . ؟ . .

– ماهي السلطات والصلاحيات الممنوحة لهم ، الى أين حدودهم ، والى أي مدى تنفذ قراراتهم ، وماهي ضمانات نفاذ قراراتهم . . ؟ . .

– مامقدار ولائهم الوطني للعراق ، هل لديهم جنسيات غير العراقية ، هل هم على استعداد للتنازل عن جنسياتهم الأخرى والتفاني وربط مصيرهم بمصيرالعراق . . ؟ ؟ . .

– في حلة تولي هكذا (( تكنوقراط )) دفة الأدارة في العراق ، هل سيكونون بمعزل عن تأثيرات ومصالح الكتل والأحزاب السياسية ، هل بأمكانهم فرض القرارات التي يرونها مناسبة وينفذونها دون الرجوع الى مراجعهم ودون انتظار اذنهم وموافقاتهم . . ؟ ؟ . .

حين تتمكن الكابينة الوزارية المزمع تشكيلها من الأجابة بشكل منسجم مع تطلعات العراقيين على التساؤلات أعلاه ، ستكون هذه خطوة بالأتجاه الصحيح .

واذا لم تتمكن من الأيفاء بالأجابة والفعل كما ينبغي وكما ننتظر ، فسيكون مجرد حديث للألهاء وتضييع الوقت يدلل على عدم معرفة وعدم قدرة على الطريقة التي يجب اصلاح الأمور بها ، ومجرد تبديل لأذرع أو قفازات الفشل والفساد بأذرع مختلفة اللون . وهذا حديث سيدخلنا في الحيص بيص لزمن طويل .

أود أن أشير للقاريء الكريم للتفضل بالأطلاع على موضوعي (( مشروع الشهيد العراقي للأصلاح والبناء )) للاطلاع على مزيد من التفاصبل الواجبة للأصلاح الذي ننشده جميعا .

كريم عبدالله هاشم

E-MAIL: [email protected]

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *