مع الشعراء الشباب

مع الشعراء الشباب
آخر تحديث:

باقر صاحب
 في البدء نقول إن واجبنا الثقافي يحتم علينا الإشادة بمبدعينا الشباب، ممن نرى أنهم يجاهدون لكي تكون لهم أدبيتهم وفنيتهم الخاصتان، بهما يديمون تغذية ثقافتنا بدماء جديدة، ويتحملون مسؤولية تداول الإبداع من سابقيهم، كي تستمر الحياة بألق رموزنا وسحر كلماتهم وبهاء صورهم.هنا نتوقف عند الشاعر الشاب أيهم محمود العباد، فقد وجدنا من خلال قراءتنا لمجموعته الأولى «رقصة على استحياء» ما يدعم حكمنا بأنه يحاول نحت شعرية خاصة به تميزه عن مجايليه.مقومات ما نقول واضحة في لغته الجزلة، التي تنبئ عن مراس مستمر مع الكتابة، صوره تحاول أن يكون لها وقعها الخاص المميز على القارئ: «لو تسقط أصابعك/ في فنجان قهوتي/ سيرتفع سكر دمي».. صناعة الدهشة لدى القارئ، هي ما يبتغيه الشاعر، لأجل زيادة الوعي بواقعه، عبر تطعيمه بأغصان المفارقة، ومن ثم الهدف الأبعد بقاء الأثر، بعد انجلاء الدهشة.  
أيهم العباد يبدو أكثر انشغالا بشعرنة الوقائع اليومية، لإيمانه أن ضميره الشعري يحتم عليه الاغتراف من هذا الواقع الأليم، لا لشيء إلا لأجل الانتصار على أحزان الناس في يومياتهم ووحشة المدن لخلوها من بصمات الحياة الحقيقية، عديد موضوعات نصوصه تقارب هذا الحزن العراقي الذي لا ينضب:
«الموت/ ملاح بدين مولع بقنص الخرائط/ كلما رمى صنارته غرب المتوسط/ اصطاد العراق» أو تلك الصورة الملفتة عن حروبنا المستمرة:» وحده حزب الدود يرقص في جنائزنا/ فرحا بما آتته الحرب من التوابيت الفاخرة».
عدا هذا هناك غنائيات الحب، وهي تعد من طقوس الاحتفاء بالحياة والانتصار على الكراهية: «أن ترتع  عيناك في مرابع النوم/ بينما الأرق يلتحف 
أجفاني».
يبدو أن السعي إلى المغايرة هو ما يرسم خطوات العباد منذ مجموعته الأولى، بدءا من صناعة عناوين تريد استفزاز المتلقي والإلقاء به في حومة النص،»مطلع يرفض الخاتمة»،»العالم اون لاين»،»هكذا تكلم ابن منظور»،» هايكو على النهر الطويل»، مرورا ببناء القصيدة المباغتة،  وليس انتهاء بعشق الأمكنة وأنسنتها والإصغاء إلى آلامها:»أشفق على الرصيف/ كلما ضغطت عليه يئن/ للرصيف/ صوت وروح/ للرصيف/ وجع وحكايات/ الرصيف/ يكبر ويعمر/ لكنه لا يشيخ..»
ننتظر من العباد ما هو أفضل في المقبل من نتاجاته، مع رصدنا المستمر لكل المواهب الشابة، التي تحمل مبكرا ملامح نبوغها كي تسهم في تطعيم شجرة الإبداع العراقي الدائمة الخضرة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *