العراق و ” البسطات ” السياسية!!

العراق و ” البسطات ” السياسية!!
آخر تحديث:

 

  شاكر الجبوري  

يمر العراق بمرحلة تحول هي الأخطر منذ 2003 لأن تحالفات ” الصدمة ” تتجه نحو التشظي الاجباري فرأس المال السياسي ” أفسد الشعارات و فضح التخندقات” خارج مصلحة الوطن، كما أن سنوات “المخاض القسري” في الواجهة أنضجت مواقف و بعثرت مراهنات أبتعدت عن فرضية ” بقاء الحال من المحال” لذلك نسمع أصواتا و ردود أفعال لم يتوقعها البعض لانشغالهم بالمكاسب و مراهنة مغلوطة على موت” عراقيي الداخل”، من خلال تنظيمات حزبية خارج الانتماء الوطني، فكل حزب لما لديهم فرحون في الانغلاق الطائفي، و مع ذلك يتجدثون عن مسؤولية وطنية فلا عربي متنفذ في سلطة كردستان و لا شيعي صانع قرار بالحزب الاسلامي و لا قيادي سني في حزب الدعوة و الحبل على الجرار!!

وهنا اريد تذكير القاريء بمفهوم خاطئ ارتكزت عليه قوى سياسية قبيل 2003 وذلك خلال مشاركة في مؤتمر ” ايلنغ” للمعارضة العراقية ، حيث انتخى بعضهم الى أعتبار التعامل مع مثقفي و اعلاميي “الداخل” خطا أحمرلا يجوز التعامل معه، و الحال لا يختلف عن ” وجهاء ” آخرين على المستوى السياسي الحزبي المؤدلج ،ارادوا تأسيس منظومة خكم على مقاساتهم تلغي نقابة الصحفيين و تختار قاموسا جديدا للتواصل الدبلوماسي الخارجي مع اهمال منظم للشارع العراقي، قبل ابتلائه بالشحن الطائفي للفوز بأصوات ” جمهورية الفراغ الدستوري”، الذي سبقنا الكاتب ماركيز الى وصفها في ابداعه ” خريف البطريق” لذلك تتكرر نفس الوجوه في دائرة الحكم ” الحزب العائلي” منذ 31 سنة وكأن رحم العراق قد جف باحتلال البلاد، بينما الصحيح غير ذلك فالشعوب تصبر لكنها تنتفض لكرامتها الوطنية، لذلك سبقنا الأخوة الاكراد الى سياسية “اعتدال” بطي صفحة الماضي ، باستثناء متهمين بالقتل و الاضطهاد، حيث استوعبوا الدرس مبكرا بحكم تحالفات و تجربة حكم لم تتعودها قوى سياسية عارضت غزو العراق و تتسيد المشهد منذ 2003، لكنها لم تجتهد بالمكان الصحيح لاقامة دولة المواطنة و القانون لاعتبارات تخص فلسفتها في البقاء و التفرد بالحكم.

اليوم و قد تبين الخيط الأبيض من الأسود في طريقة انضاج تحالفات المشاركة السياسية وقنوات التواصل غير المرئي مع الشعب على أساس المناطق و الأحزاب على قاعدة من ” النفاق المفتوح” ، يقابلها انهيار خندق الطائفية حيث نسبة عالية من ممثلي المحافظات ” هجروها لفقدان شرعية التمثيل” لذلك يتداولون التقارير عما يسمى” شارعهم الانتخابي” عبرالفضائيات و وسائل التواصل الاجتماعي غير المحايدة لينقلوا صورة مغايرة للواقع ليقعوا في فخ غفدان الحكمة و الآهلية الوطنية ما أفقدهم المقبولية من الشركاء و قطع المتبقي من خيوط التواصل” المتهالكة” مع ذويهم في مسقط الراس لا التفاهم أو الانسجام على مصلحة الوطن، نقول بعد أن أنفضحت طلاسم اللعبة فان الحل يبدأ بتغيير بيادق ” المعركة الافتراضية”.

وضمن واقع يحتمل كل المفاجئات و شعب يزحف على المتفجرات لؤاد الفتنة الطائفية ، وقد نجح في ذلك أبعد من قدرة السياسيين على لجم مفرداتهم الطائفية، و لأن العراق ليس بيتا يضيق بأهله، ولأن الحكم الانتفائي أثبت فشله، فنحن بحاجة الى حلول عملية تبدا برفع ” العصمة” عن المتصيدين للمسؤولية و التنافس على المناصب، وثانيا انهاء المحاصصات و التوافقات لأنها تحافظ على بيادق فقدت صلاحيتها الشعبية، مثلما العراق بأمس الحاجة الى مؤسسات حكم غير مؤدلجة حزبيا ضمن دولة مدنية تستوعب

الجميع و تنهي ظاهرة “الرمزية الفضائية” لصالح الأخوة العراقية الحقيقية الأكثر تماسكا من جميع التحالفات السياسية و عناوينها، عراق يتسيد فيه القانون على الجميع، لانهاء” المقامات الورقية” أي التي تستمد قوتها من نهب المال العام بلا رقيب للتحول الرشوة الى وجهاة اجتماعية بعد ان كانت مثلبة تصل حد البراءة العشائرية، نحن بامس الحاجة الى عراقنا الغريب عن أرضه و تاريخه، عراق يخلو من عقد المؤامرة و التخوين، عراق لا يقفز على ثوابت التعامل الانساني و الواقع الجغرافي، هراق تكون فيه ايران جارا مثل السعودية و سلطنة عمان، نقبل منها الاجتهادات و الدفاع عن مصالحها بعيدا عن فرضية اعتبارها ” الخطر الدائم” فالخلل ليس في توجهات طهران في الدفاع عن أمنها القومي و مصالحها في العراق و المنطقة بل في منظومة حكم عراقية لم تبلغ مرحلة الفطام في العلاقات الدولية، نحتاج عراقا يستوعب ابنائه و يحزن على غرقهم في المتوسط بحثا عن حياة مستقرة، نريد عراقا لا يضطر فيه علي على تغيير اسمه للعيش في العامرية و لا عبدالله يجبر على تقمص لقبا جديدا للمرور في ضواحي بغداد و ديالى و صلاح الدين، نريد عراقا لا تبحث فيه الانبار عن ” كيان مستقل” أو اقليم لاتستوعب فيه البصرة كل هوية العراق، نريد استعادة عراقيتنا بوصفها الباب العالي في الانتماء الوطني و أعتبار ما غير ذلك وهما يتلاشى في ايقاد شمعة العراق الكفيلة بحرق مشاريع الفتن و ” الردح” الطائفي مدفوع الثمن لتخريب أخوتنا ،لاسامح الله، وقبض ثمن ذلك على جثث الشهداءمن خلال ” بسطات سياسية” لن تنضج، لذلك نريد عراقنا المتسامح عبر دولة مدنية تعتبر المواطنة قدرا من السماء و تؤمن بأن الطائفة ليست مدخلا للحكم و التسلط ،انما الخوف على الوطن وآهله هو أسمى المقدسات بعد الايمان بالله [email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *