يقال والعهدة على القائل ان احتلال العراق للكويت عام 1990 خلق صراعا بين مراكز القوى في العراق لتقسيم الغنائم على اعتبار ان الكويت بحسب تصنيفها من قبل النظام السابق دولة مشمولة بنظام دفع الجزية وان المستحصل من عملية الغزو يعتبر غنائم واجبة التوزيع بين مراكز القوى المشاركة في عملية الغزو .. وبسبب نوع الغنائم التي تم العثور عليها في الكويت وهي في كل الاحوال غنائم غالية الثمن ومنها السيارات الحديثة حدث خلاف في عملية توزيع الغنائم بين المسؤولين الكبار كاد ان يؤدي الى نتائج غير محمودة العواقب وفي محاولة من البعض لفك الاشتباك الحاصل اقترح ان توزع السيارات بين المسؤولين الكبار حسب تصنيفها والمنشأ فأن كانت من منشأ امريكي كسيارات الشوفرليت او الجمسي او الفورد او الكديلاك فهي من حصة المسؤول الفلاني ” بدون ذكر الاسماء ” وان كانت المانية المنشأ كسيارات المارسيدس او الفوكس واكن او الاودي فهي من حصة المسؤول الفلاني وان كانت من منشأ ياباني كسيارات التويوتا والنيسان ووو .. فهي من حصة المسؤول الفلاني .. وهكذا .. فيما قسمت الغنائم الاخرى كل حسب نوعها الى المسؤولين الاصغر والاصغر .. حتى وصلت لاصغر مسؤول .. هذا التوضيح ليس انتقادا لحالة بقدر ما هو الانتقال الى حالة مشابهة تحدث اليوم فتقسيم الغنائم بات حالة متلازمة لاكثر المسؤولين العراقيين ..
ولكن غنائم المسؤولين هي غنائم من نوع اخر فهي تقسم وفق مبدأ ” هذا الك وهذا الي ” وكل حسب نفوذه وقدراته الخلاقة والمتميزة في جني الارباح لصرفها في الليالي الملاح .. فما يحدث اليوم حدث امس لكن بطريقة مختلفة لان السارق في ذلك الوقت معرّف بالسرقة ويحتمي تحت خيمة العائلة الحاكمة لكن سراق اليوم ويا مكثرهم يدَّعون العفة والطهارة والشرف في تصريحاتهم وخطبهم الرنانة وهم في كل مايفعلون تجار مرابون .. وقد كشف وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي جانبا من عمليات الفساد المالي وقد كان صريحا في ما اعلنه امام اعضاء مجلس النواب بعد ان كشف مسا ومات مارسها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري لتمرير صفقات عقود تسليح واطعام الجيش مقابل افشال استجوابه الاول .. وان صحت هذه الرواية فستكون سابقة خطيرة تتطلب من المسؤولين مراقبة المفسدين من هيئات متخصصة ومنظمات لكشف المستور ووضع النقاط على الحروف . واتهم العبيدي كذلك النائب محمد الكربولي بابتزازه والضغط عليه من اجل تمرير صفقة فاسدة لاستيراد طائرات وان رئيس البرلمان مشترك معه واتهمه ايضا بمساومته على عقود سيارات مصفحة كما اتهم واتهم واتهم .. ولم يكن اتهام العبيدي جاء وفق موآمرة تم اعدادها مسبقا ضمن عملية تسقيط مدبرة بل تكلم العبيدي وهو في كامل قواه العقلية بلا خوف محتميا بالجماهير الخيرة من ابناء الشعب العراقي التي حتما ستكون هي الفيصل في محاسبة السرّاق وفق مبدأ ” شلع قلع ” .. لقد كان وزير الدفاع صريحا وواثقا من نفسه عندما كشف وبالوثائق فساد المفسدين حتى تحولت جلسة مجلس النواب الى جلسة يستجوب فيها العبيدي اعضاء مجلس التواب عفوا مجلس النواب المتهمين بقضايا فساد ..
وفي بداية الجلسة حاول النائب محمد الحلبوسي ان يخفف من حدة الاحتقان بعد ان دخل وزير الدفاع ومعه جنرالاته وقال الحلبوسي في مداخله له “ان الاستجواب ليس استجوابا للمؤسسة العسكرية ولا للجيش الذي هو مفخرة لنا بل لشخص وزير الدفاع فنرجوا من قادة الجيش ان يجلسوا في مكان اخر وليس في مقعد المستجوبين” .. وقد فهم وزير الدفاع خارطة الاستجواب وان التهم موجهه له وان خلفها اغراض سياسية .. فجهز سلاحه معتمدا على القيم والمباديء التي يحملها كعسكري وفتح النار ليفجر مفاجأة في البرلمان ويتهم الرأس الكبير سليم الجبوري بالضلوع في عمليات فساد مالي ومن ثم وجه نيران سلاحه على النائب الكربولي متهما اياه بمساومته على صفقات سلاح فاسدة .. وقدكانت اجابات العبيدي على اسئلة النائبة عالية نصيف اجابات صريحة تعتمد المهنية العسكرية وخاصة حول سؤالها عن اعادة 30 طيارا ومهندسا الى الخدمة العام الماضي وهم يحملون انواط شجاعة ومشاركون في معارك النظام السابق .. فقد اكد العبيدي ان قرار اعادتهم تم قبل توليه وزارة الدفاع وان بعضهم استشهد خلال معارك الجيش ضد داعش .. وقال العبيدي ” انني اعمل في حقل الغام يديره الفاسدون” ..
هكذا تجري السرقات بفعل منظم ومبوب حسب منهج ومبدأ ” هذا الك وهذا الي ” وهي في كل الاحوال اتفاقات مبطنة تجري في الغرف المغلقة بين مسؤولين كبار في الدولة العراقية وتجار لقاء دفع مبالغ متفق عليها لبيع عقود لمشاريع مهمة لمقاولين وهميين يتاجرون بالمشروع على حساب الجودة والمتانة .. ان اتهامات وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي كانت واضحة وصريحة وهي محط فخر واعتزاز كل عراقي شريف يتحفز حاليا للانقضاض على شلة الفساد واستئصالها من الجسد العراقي المنهك حيث ظهرت هذه الشلة ونمت وترعرعت حتى ازداد حجمها ووزنها وباتت اشبه بمرض السرطان لايمكن علاجه بغير الاستئصال .