شهد العراق حاكمين من اقسى واسوء واغلظ حكامه واكثرهم تدميرا وتخريبا لبنيته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وهما من اوصلاه الى حالته الحالية البائسة وحولاه الى دولة فاشلة ومن اسوء واقذر واوحش وافسد دول العالم(بحسب الشفافية الدولية)الحاكمان هما(صدام حسين ونوري المالكي) ، فالاول دمر العراق باسم العروبة والاسلام ودق الاسفين في المجتمع العراقي وبث الفتنة بين اهم مكونيه الرئيسيين(الكرد والعرب) اللذين تعايشا بسلام وهدوء وعلاقة طيبة لعقود ، باسم العروبة والاسلام خاض حروبا طاحنة معهم ودمر قراهم ومدنهم ومارس كل انواع الجرائم الانسانية بحقهم ، وفي ظلها هاجم الكويت واحتل مدنها واستحل دماء ابناءها واموالهم ، وكما مر صدام حسين بمرحلتين في حياته السياسية؛ مرحلة التحضير والاستعداد وفيها كان رجلا مطواعا و منقادا لاوامرالرئيس(احمد حسن البكر)عندما كان نائبا له ، ينفذ اوامره بالحرف ولا يعصي له امرا والمرحلة الثانية عندما تمكن من إزاحة “البكر”(1979)وتولى السلطة المطلقة في البلاد ، وتحول الى دكتاتور جبار ،
يعني “تمسكن حتى تمكن “، ومرَ(نوري المالكي)ايضا بمرحلتين خلال سنوات حكمه الثمان للبلاد وان كان في المرحلتين بدأ ثوريا عنيفا لايهادن الخصوم ، يستعجل التفرد بالحكم ؛ ففي مرحلته الاولى من الحكم بدى رجلا وديعا نوعا ما وسياسيا يحرص على وحدة البلاد وامنها واستقرارها ولم يكن قد انخرط بعد في التحالف الايراني السوري ، وكثيرا ما يدخل في صراع مع النظام السوري ويتهمه بالوقوف وراء العمليات الارهابية في العراق ويهدده بنقل شكواه الى المحافل الدولية ، ولكنه بعد انتخابات عام 2010 تحول 180 درجة باتجاه ايران وسوريا ، وعندما طلب مساعدة ايران ودعمها في التجديد لولايته الثانية ، فانه انضم للتحالف الايراني السوري”الطائفي”فور توليه الحكم واصبح عضوا اساسيا فيه ووضع مقدرات البلد المالية والسياسية في خدمته ، وان كان كثير التطرق في خطاباته الاسبوعية الى الوطن والوطنية ولكن وفق معايير طائفية وعروبية شبيهة بمعايير النظاميين البعثي الصدامي والشيعي الخميني ، والجمع بين مباديء هذين النظامين في ادارة الدولة الجديدة ،وطبعا لم يكن يتم له هذا الامر الا باعادة السلطة المركزية الصارمةالى العراق ويخضع كل مكوناته وطوائفه وتياراته السياسية الى هيمنتها ، ومن اجل الوصول الى هذا الهدف ،
دخل في معترك صراع مرير مع كل القوى والحركات السياسية والدينية في آن واحد ؛ ففي الوقت الذي يقاتل فيه السنة ويخوض حربا طائفية معهم كان يخوض غمار حرب آخرى مع ميليشيا “الجيش المهدي” الشيعية ، وفي نفس الوقت يحرك دباباته ومدرعاته صوب مدينة”خانقين”الكردية لضرب اهلها وتأديبهم بسبب رفع العلم الكردي على مبانيها ومؤسساتها(يا لها من تهمة شنيعة!!) ولم تمض فترة طويلة حتى شكل قيادة عمليات “دجلة” في كركوك لضرب البيشمركة واجتياح “اربيل” وعندما عجز عن ذلك بسبب الضغوط الامريكية ، فرض حصارا شاملا على الشعب الكردي.. وعندما ادرك العراقيون وقواهم السياسية الشيعية والسنية خطورة هذا الرجل على وحدة البلاد وامنه واستقراره واستقرار المنطقة، طردوه من رئاسة الحكومة ومن رئاسة الجمهورية وانتزعوا منه كل المناصب الحساسة ، لكنه لم يستسلم للامر الواقع ، ولم يبك او يندب حظه العاثر، بل لملم قواه المبعثرة ورتب صفوفه استعدادا لجولة اخرى ومعركة جديدة ضد خصومه السياسيين وهم كثر انطلاقا من(البرلمان) هذه المرة ، ومن هناك بدأ يوجه ضرباته الناجحة اليهم، فسحب الثقة من وزير الدفاع “السني” (خالدالعبيدي) ووزير المالية “الكردي” (هوشيارزيباري) وقد يأتي الدور غدا على “حيدرالعبادي” (قريبا سنستجوب العبادي قالها “حنان الفتلاوي”) او مقتدى الصدر” او”مسعود بارزاني” وقد طالب نائب من كتلته فعلا باستجواب الاخير على خلفية السماح للقوات التركية بالدخول الى المناطق المجاورة لموصل.. ومازال في جعبة “المالكي” الكثير من الملفات بقضايا ارهاب وخيانة وفساد وغيرها من التهم الشنيعة (المفبركة وغير المفبركة) ضد خصومه (كما صرح هو بنفسه) يفتحها في الوقت المناسب وحسب اقتضاء المصلحة ، وبحسب دراسة شخصيته، فانه لن يهدأ له بال حتى ينتقم من اعدائه واحدا بعد آخر الى ان يخلو له الساحة تماما ليكون فيها القائد الاوحد والزعيم المفدى مثل صدام حسين.. والخاسر دائما وابدا هو الشعب العراقي!.أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه