بداية اريد ان ابدي عتبي على المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني لاعطائهم حجما اكبر من الحجم الحقيقي الذي يستحقه المالكي في ردهم الرسمي على اتهاماته المضحكة التي خلت من اي فحوى سياسي . فنوري هذا يحاول جهد ايمانه الان تسليط الاضواء على نفسه باية وسيلة بعد ادراكه بان نجمه قد افل , وان مكانه الان هو ارشيف السياسة العراقية لا صدارتها .من يطلع على اتهامات نوري الاخيرة لاقليم كوردستان يصل الى قناعه مفادها ان الرجل قد وصل الى حالة ميئوس منها من الجهل السياسي لا ينفع معه الا اعتزال السياسة والبدء بكتابة مذكراته عن ثمان سنوات عجاف قضاها في الحكم كانت من اسوء السنوات التي مرت بالعراق على مر تاريخه .
فاي اتهام سياسي يفترض ان بكون مبنيا على معلومات اكيدة تستند الى دلائل ثابتة , لا ان يكون الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هو مصدر المعلومات فيها , فقد خرج علينا نوري (بطلعته البهية ونظرته الحادة التي ان دلت على شيء فانما تدل على حنكته وسعة مداركه السياسية) ليتهم الاقليم بانه قد اصبح مرتكزا لاسرائيل , واعتمد في اتهامه هذاعلى ثلاث نقاط .. النقطة الاولى اقامة مجلس عزاء في كوردستان للسياسي الاسرائيلي شمعون بيريز , والنقطة الثانية افتتاح معرض اسرائيلي , والثالثة وجود مراسلة اسرائيلية على جبهات القتال مع داعش في محيط الموصل .
هذه هي مبررات السياسي اللامع والفطحل البارع نوري في اتهام كوردستان بهكذا اتهام خطير … فهل هذا الاتهام وبهذا الشكل يمكن ان يطلقه انسان عاقل واعي لما يقول , ام انها من تراهات الزمن الرديء الذي جعل امثال هذا الرجل يمثل شريحة واسعة من العراقيين ويتكلم باسمهم ؟ منذ متى كانت مجالس العزاء في اي مكان في العالم تحتاج الى موافقات رسمية لناتي وننتقد الجهات الرسمية في كوردستان في سماحها لبعض الكورد من ذوي الاصول اليهودية باقامة مجلس عزاء لوفاة سياسي يهودي ؟ ثم ..هل ان وجود مراسلة اسرائيلية دخلت اقليم كوردستان بجواز سفر اوروبي وقامت بارسال تقاريرها الى فضائيات عديدة من بينها فضائية اسرائيلية هي نقطة تؤاخذ عليها الجهات الرسمية في كوردستان ؟
نعم ..يمكن اعتبار نوري بانه من سخريات المشهد السياسي الدرامي في العراق .. فما ان اوصلته الصدفة الى واجهة العملية السياسية حتى تلقفته ايران مستغلة ضعف شخصيته وضيق افقه السياسي لتحركه كدمية تضرب به هذا الطرف او ذاك تحقيقا لمصالحها السياسية. ونجحت من خلاله في السيطرة على العراق بشكل كامل ثم اتخذته درعا تستخدمه في محاربتها للدول العربية السنية في المنطقة . وهذا هو سر كل اللغة التهديدية والتصاعدية في تصريحاته منذ بداية ولايته الاولى ولغاية يومنا هذا…ولو لم يات نوري للمشهد السياسي العراقي لسارت العملية السياسية في مسار اخر يختلف تماما عن مساره الحالي بعيدا عن التشنجات والتوترات . ولما وصلت الامور الى ما وصلت اليه الان من فساد وخراب في مختلف نواحي الحياة , ولما نزف الدم العراقي مثلما نزف وينزف الان .
كنت قد ناديت في الالفين واحد عشر لمحاكمة المالكي بتهمة الخيانة العظمى بعد اصرار غير مسبوق منه لخروج القوات الامريكية من العراق , رغم التحذيرات العديدة التي اطلقها اكثر الساسة والقادة الامنيين العراقيين انذاك من خطورة هذا التوجه وتوقيته الخاطيء , مؤكدين بان القوات الامنية العراقية ليست قادرة على مسك الملف الامني في المدن العراقية حينها , الا انه وتحت الضغوط الايرانية اصر على موقفه , ساعده في تحقيق ذلك مجيء اوباما الى البيت الابيض حينها بتوجهاته المعتدلة . وعليه فهو يتحمل مسئولية كل الدماء التي سالت منذ تلك الفترة ولغاية يومنا هذا .
اما اليوم فقد اصبح موضوع تقديمه للعدالة امرا لا مناص منه بعد تورطه في سقوط الموصل بيد داعش .. فكل الدلائل تشير الى ان نوري هو المسئول الوحيد عن سقوط تلك المدينة , وانه قد قام ذلك عن سابق اصرار وترصد , وذلك لتوسيع الصراع الداخلي السوري الى خارج الحدود السورية , وافراغه من محتواه السياسي , ثم اعطاءه بعدا مذهبيا حتى وان كان على حساب شعب العراق . فاظهار داعش على انها تمثل الطرف الاخر السني في هذا الصراع ضمن له مسبقا تضامن المجتمع الدولي , ومكنه من الدخول الى الجهود الدولية لمحاربة الارهاب بعد ان فشل في اخر زياره الى امريكا ( في ولايته الثانية) من اقناع اوباما باشراك العراق و ايران في الحرب العالمية على الارهاب .هذين السببين السابقين ليسا هما الوحيدان اللذان يستحق نوري ان يحاكم وفقهما, فاسباب محاكمته كثيرة منها : – – استهتاره بالاموال العراقية طوال سنوات حكمه الثمانية , والذي كان العراق فيه يحصل على واردات هائلة من النفط ذهبت كلها ادراج الرياح بسبب الفساد الاداري والمالي الذي كان يشجعه, وحمايته لسراق المال العالم , للحد الذي اصبح فيه الفساد ظاهرة تسود المجتمع العراقي ويفتخر به الفاسد دون خجل .
– تدميره للمؤسسة العسكرية واحلال مليشيات منفلته مكانها , الامر الذي ينذر ومنذ الان بسفك المزيد من الدماء العراقية مستقبلا.- محاولاته هو ومن يدور في فلكه من نواب وساسة شرعنة ارهاب هذه المليشيات باصدار قانون من البرلمان العراقي يحمي ما تقوم به هذه المليشيات من جرائم .
– لم يكتف نوري بتمكين هذه المليشيات من رقاب العراقيين بل قد نادى قبل ايام للقتال ليس في سوريا فحسب بل وحتى في اليمن عندما قال (قادمون يا رقة وقادمون يا يمن) في توجه منه الى تصدير ارهاب هذه المليشيات وفوضويتها خارج حدود العراق وتحويلها الى مجاميع ارهاب دولي .
كل هذه التهم وغيرها كثير تلزم السلطات القضائية في العراق لان تقوم بمهامها ومسئولياتها تجاه الشعب والقانون وان تدعو لمحاكمة هذا الشخص الذي يمثل وجوده خارج السجون عبئا على العراق والمنطقة وينذر بسفك المزيد من الدماء.