أن حمى الفساد التي تلتهم قوت الفقراء وتقتل الامل في نفوسهم وتدمر العراق ولدت وقبل أن تصبح عملا جرميا في رحم ظاهرة السطحية والتبسيط المتعمد في النظر للحلول والمعالجات للقضايا والمشاكل التي تهم الوطن والمواطن حتى غدت مشكلة المشاكل التي تواجه المجتمع العراقي في سعيه المتواصل لترسيخ الاستقرار والتنمية بين ربوعه. وقبل الولوج الى أصل الموضوع لابد من مثال واقعي عن السطحية والتبسيط المتعمد عندما تقوم أمانة بغداد بالتعاقد مع مقاولين للتنظيف بمبالغ مجزية ؟ يقوم هؤلاء بتجميعها لأيام ومن ثم رفعها وأحيانا حرقها ورفعها بشفل أو قيام عامل النظافة (بكنس) التبليط ورمي التراب والاوساخ على الجانب الترابي أو في فتحات المجاري؟؟ وبالتالي لا نظافة وانما رفع قمامة؟؟ وبدون أدنى مراعات للشروط التي تحفظ صحة الانسان والبيئة والذوق و جمالية المدينة ولو أعتمدت المهنية لما حصلت هذه الظاهرة التي تعتبر أهم أداة لكسر نفسية المواطن وبث روح اليأس به؟؟؟ .وفي مثال أخر إجراء امتحانات الدور الثالث في المدارس الذي يؤدي الى قتل روح الابداع والاجتهاد لدى الطالب أو تضخيم المناهج للأطفال تلاميذ الصف الاول والثاني الابتدائي بعمر ستة سنوات.
ان التعامل السطحي و الارتجالي في مسائل الادارة والاعمال مع غياب الانظمة والضوابط في عمل كل مؤسسة من مؤسسات الدولة التي تحدد الاختصاص والصلاحيات وكذلك الاجهزة الامنية التي تتطلب المركزية في أدارتها من اجل تحسين الاداء اليومي لها وترسيخ دورها في تنظيم العلاقة بين الحكومة والمواطن, ولاحقا شيوع ظاهرة الصلافة و المماطلة والتسويف في التعامل مع مختلف الاحداث التي تركت أثرا سيئا في نفوس العراقيين وعملا محبطا للمسؤلين المخلصين مثل التحقيق في سقوط الموصل بيد داعش الارهابي او تفجير الكرادة أو مجزرة سبليكر أو حرق الاطفال الخدج في مستشفى اليرموك أو تهريب السجناء الارهابيين من سجن أبو غريب وسجن معسكر العدالة و غيرها الكثير من الاحداث التي مرت ولم يعلن عن حقيقتها . يعني توفير غطاء شرعي أو رسمي للفساد وخلق فرصة الاستمرار والتفشي للأرهاب ويمكن القول إن هذا الامر هو المدخل الرسمي للفساد والارهاب.
وفي ظل هذه الأجواء السياسية والامنية تشكلت مجموعات تقودها شخصيات عامة أستقوت على الشعب تحت مسميات القومية و الدين والطائفية بعد أن ظللته بالكذب والتزوير والتدليس تمتلك شبكة علاقات أحيانا عابرة للحدود ذات نفوذ وقوة تعمل على سرقة المال العام و الاستحواذ عليه من خلال العقود والمناقصات الوهمية وغير الوهمية … أوعدم اتمامها بصورة صحيحة وبأرقام خيالية مكلفة مما شكل سبب رئيسي للمعضلة السياسية والامنية والاقتصادية التي تواجه العراق كدولة موحدة .
أما الوجه المشترك للأرهاب و الفساد والذي لا يقل خطورة هو الأبتزاز والترهيب الذي ظهر بعد سقوط النظام السابق و الذي مارسته بعض التنظيمات السياسية التي لا تريد للعملية السياسية الديمقراطية الجارية ان تتكلل بالنجاح وعلى وجه الخصوص التنظيمات المرتبطة بالمنظمات الارهابية حيث قامت بتخصيص مجاميع وواجهات مختلغة مكلفة بعمليات استدراج وتوريط و اقناع بصورة مباشرة او غير مباشرة للمسؤولين المدنيين والعسكريين الضباط و المحققين و السياسيين و المحامين والموظفين والقضاة النزيهين…. وتخييرهم أما القبول و التغاضي عن عملبات تزوير و غسيل أموال وتحويلات مشبوهه وبيع وتهريب نفط مسروق و تبرئت مدانين بالارهاب أو مواجهة التسقيط وتشويه السمعة أوالقتل في نهاية الامر,
وأخيرا الفساد( اليومي) كونه في تماس يومي مع المواطن ويحرق أعصابه وبالتالي أصبح مادة دسمة وممتعة تتداولها الاجهزة التشريعية والتنفيذية والاعلامية الحكومية في سعيها الوهمي للقضاء عليه بسبب قيام بعض الموظفين باستغلال عنوانهم الوظيفي وابتزاز المواطنين مقابل تسهيل معاملاتهم في مختلف المجالات ,
ان الارهاب والفساد ليس وجهان لعملة واحدة فسحب بل لا إرهاب بدون فساد ولا فساد بدون إرهاب متفشي لذلك يجب محاربتهما بتشريعات تحظى بالرضى الوطني وتعيد الاعتبار للقانون الذي فقد اعتباره بعد العام 1968 عندما اختزل بمادة واحدة وبيد شخص واحد استباح بها كل شيء صحيح.
ومملا شك فيه وبدون مقدمات إن أهم أسباب تفشي الفساد بهذه الكثافة هو الطائفية المقيتة وعلى وجه الخصوص عندما نرى الفاسدين تحميهم مظلتهم السياسية الطائفية وأحيانا يبرر الفاسدون أفعالهم بحجة عدم رغبتهم او رفضهم لحكم ينسب لطائفة معينة أو العكس حتى لا يستفيد من هذا المال الذي هم أولى به من أخرين من طائفة أو قومية أخرى؟؟ و من جانب أخر ان المحاصصة الطائفية للمناصب كأسلوب للمشاركة في السلطة فككت من قوة القانون وهيبة السلطة لأنها تقدمت على الخبرة والكفاءة والنزاهة وبالتالي خلقت الاجواء القلقة والطارئة والتعامل السطحي لا المهني مع مختلف الامور , ومما لا شك فيه أيضا ان الطائفية سبب رئيسي للارهاب والعنف رديف الفساد واللاقاتون وسبب التدخل الاقليمي أيضا ,
وعلى ضوء ما تقدم كلما أمعنا في البحث والاستقصاء نجد أن العراق يعيش في خضم إشكالية تبدأ وتنتهي بالطائفية,
أن الحل الاسلم لهذه المشكلة هو البحث في وسائل العيش المشترك وتحييد تأثير الطائفية السلبي فـــــــي عيــش العراقييــن وسعادتهم كبداية لنحر الفساد والقضاء عليه, والله من وراء القصد ,