سفسطائية المصالحة الوطنية .. بين المكر الشيّعي والغباء السنيّ وبلادة كوبيتش
آخر تحديث:
قحطان السعيدي
ان التفكّر في بدائع الفكر الإنساني لاستلهام روح العدالة وحسن الأداء المعرفي، يمنحنا الرؤية الثاقبة كي نستخلص الثوابت، بغية تقدير الموقف لحل المعضلة، وحين تكون الثوابت مطرزة بروح الصفح والتسامح نجد ان جبل المعضلات يتلاشى بالحكمة والاعتدال وإلتماس العذر للغير، كما قال جورج برنارد شو:
“سئل حكيم: لماذا يجب عليّ أن التمس العذر للناس؟
فرد قائلاً:لأنك في يوم من الأيام ستحتاج أنت أيضاً أن يلتمسوا لك العذر فبادر بالصواب!”
وأضاف: “التقدم مستحيل بدون تغيير، واولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء.”
ومع جلّ احترامنا لاي مبادرة في التغيير .. لكن بشرط ان تكون مقرونة في تغيير النفوس ومراجعة الذات والرفعة في الطرح، حتى يكتب للمبادرة القبول والنجاح، مثلما قال تولستوي: “الجميع يفكّر في تغيير العالم، لكن لا أحد يفكّر في تغيير نفسه.” وبغية محاكاة التحالف الشيعي علينا تذّكير صاحب المبادرة بما كتبه المفكر جورج جرداق في كتابه الامام علي صوت العدالة الانسانية:
“هلاّ عرفت بين العقول عقلا نافذاً كانت له السابقة في إدراك حقيقة كبرى هي أصل الحقائق الاجتماعية وعلّة تركيب المجتمع وتسييره على هذا النحو دون ذاك، وهي الموضوع الذي تدور عليه دراسات الباحثين العلماء في الشرق والغرب اليوم بعد ألف وأربعمائة عام وما ينيف تمرّ على إدراكه إيّاها؟ ولا نعني بها إلاّ واقع الاستغلاليّة وأساليبها في الاحتيال على قواعد الطبيعة، وفي تضليل العقول عن أسبابها الصحيحة ونتائجها المحتومة، وتفاهة منطقها الذي صنعه الأغنياء لاستثمار الفقراء، والحكام لاحتكار مجهود الناس وبعض الإلهيّين لتثبيت سلطانهم على الأرض!!” بعد تلك المقدمة نؤشر لمواطن الخلل بما جاء في المبادرة التي سمّيت بالتاريخية من حيث الجوانب الشكلية والموضوعية:اولا: الجوانب الشكلية:
اولا: كان الاجدر ان تكون مبادرة المصالحة الوطنية برعاية رئيس الجمهورية او رئيس مجلس الوزراء او رئيس البرلمان .. حتى تأخذ الشكل الوطني للمبادرة تحت خيمة الدولة الجامعة.
ثانيا: المبادرة جاءت من طرف سياسي مختلف في الرؤى مع طرف اخر في العملية السياسية، فكيف لممثل الامين العام للأمم المتحدة ان يتبنى التبشير لمبادرة طرف بوجود خصومة مع طرف آخر.
ثالثا: قيام السيد ممثل الامين العام للأمم المتحدة بمفاتحة جهات سياسية واجتماعية خارج العملية السياسية في الطيف السنيّ، وكأنه يعلن للملأ ان المجموعة السياسية السُنّية المتمثّلة في البرلمان والحكومة لا تشكل بمفردها التمثيل العام للطيف السنّي، بل هنالك أطراف اخرى تمثله خارج العملية السياسية.
السؤال الذي يطرح نفسه:
هل يقوم السيد ممثل الامين العام بمفاتحة شخصيات اجتماعية وسياسية شيعية خارج المجموعة الممثلة في البرلمان والحكومة بذات المعيارية التي تشبه الخطوة التي قام بها ممثل الامين العام لمفاتحة الخنجر والضاري في الاْردن؟ وهل ذلك الامر ينسحب على الطيف الكردي؟
ثانيا: الجوانب الموضوعية للمصالحة الوطنية علينا ان نؤسس لموضوعية الحوار وثوابت المشروع، وقبل الشروع علينا ان نستوفي التفسير العقلائي لمواقف متبناة، نتفق عليها سلبا او ايجابا … وفي تقديري ستكون اس البناء لثوابت المصالحة الوطنية لتحديد مواقف اما نرفضها مجتمعا وأما نقبلها ونجعلها اللبنة الاساسية لمعيارية التقييم:
المحور الاول: تفسير وتقييم الفترة الزمنية القتالية للمجلس الاسلامي الاعلى للفترة من عام ١٩٨٢ بداية تاسيسه في معسكرات الأحواز الإيرانية لغاية عام ٢٠٠٣.
وكذلك الفترة الزمنية لحركة الانصار الشيوعين منذ عام ١٩٧٩ بتاسيس قواعد قره داغ، بادينان، هركي وكوستة لمهاجمة وقتال الجيش العراقي الى جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البارازاني وبدعم إيراني وكذلك الحال لبعض الفصائل الكردية. بما فيها النتائج القانونية المعتمدة حاليا، لتكريم المقاتلين ومنحهم الرتب العليا والشارات العسكرية وصرف الرواتب واحتساب المدد كخدمة فعلية وسمّيت بالخدمة الجهادية.
السؤال: هل ان القتال تحت لواء دولة ايران في مرحلة عصيبة تتسم بفترة الحرب الشرسة بينهما، بحجة اختلاف المواقف مع حكام بغداد.هل هو جائز وله سند اخلاقي وقانوني؟
اذا كان الجواب بنعم …
يمكن وقتها تطبيق المعيارية على كل من اختلف مع نظام الحكم في بغداد وشهر السلاح بوجه الجيش العراقي بعد عام ٢٠٠٣ ويعد مشمول بأحكام التكريم النافذة ويعامل أسوة بأقرانه لما قبل عام ٢٠٠٣. واذا كان الجواب لا ….
علينا محاسبة الجميع ما قبل وبعد عام٢٠٠٣ وتعد مقاتلة الجيش العراقي تحت لواء دولة اخرى بمثابة الخيانة العظمى .. ويحاسب الجميع وتسحب الامتيازات.
المحور الثاني: لتقريب وجهات النظر يمكننا تفكيك الفترة الزمنية للبعث لما قبل عام ١٩٧٩ وما بعدها …لان البعثيين الذي اتفقت رؤاهم مع البعث السوري حلّت عليهم الكارثة من قبل صدام حسين عام ١٩٧٩ والجميع يتذكر واقعة قاعة الخلد، وإعدام جميع القيادات البعثية المتناظرة مع البعث السوري.*هنا سيكون أمامنا اتجاهين بالراي:اتجاه الرأي الاول: تجريم فكر البعث وتنظيماته منذ النشئة ولحد الان .. وبذلك نستخلص فكرة مفادها، يمنع تعامل جميع الاحزاب الحاكمة في العراق مع حزب البعث السوري لان التجريم جاء مطلقا لفكر البعث .. وتطبيق القانون بمعاقبة جميع الفصائل الساندة والداعمة للبعث السوري وفق احكام القانون.
اتجاه الرأي الثاني: اذا أسلمنا لرؤية الفصل بين الحقبتين، وسمحنا للشراكة السياسية بين حزب الدعوة وفصائل الاسلام السياسي العراقي مع قيادة البعث السوري.
بذلك يمكننا قبول جميع البعثيين لمرحلة ما قبل ١٩٧٩ في العملية السياسية بكافة تنظيماتهم لإيمانهم بافكار وتطلعات البعث السوري.. ويمكن تحويل ملف البعثيين لما بعد عام ١٩٧٩ الى ملف قضائي ويعاقب كل من ارتكب جريمة وفق احكام القانون.. وغلق الملف السياسي العشوائي الانتقائي في التطبيق والممارسة.
خلاصة القول … اذا أسسنا لإجابات موضوعية لتلك الظواهر يمكننا اعتماد النتائج وتعميمها .. بغية حلّ المعضلات وفق معايير روح العدالة والانصاف.. ونؤسس الى اعتماد معايير المواطنة، والتأسيس لمشروع المصالحة الوطنية وفق معايير العدالة.
*(ذلك المعلن في واقعة قاعة الخلد عام ١٩٧٩واعترافات عبدالحسين المشهدي، ولكن للامانة التاريخية هنالك دراسة معمقة وموضوعية تسلط الضوء على تلك المرحلة للكاتب القدير الاستاذ مؤيد عبد القادر نتمنى إنجازها ووصولها للقارئ انتصارا للحقيقة).