المال السياسي ، والدين السياسي مفردات دخلت العراق مع الدبابة الامريكية التي جائت تجر ورائها النفوذ والتدخل الاقليميان وهما دون شك نفوذ ايراني معلن وتدخل خليجي تركي غير معلن والفرق بين النفوذ والتدخل واضح وبلا شك ايضا
هذا هو مما ينبغي وضعه نصب العين دائما عندما نريد ان نحلل مدخلات ومخرجات العملية السياسية التي لا يتوقع لها تجاوز الفشل في المنظور القريب ألا بحالتين..الاولى بدأت وهي تتمثل في وعي جماهيري لأبعاد الازمة يفضي الى تشكل كتلة عراقية وطنية مدنية ان توفر لها رجال ونساء مستعدين للتضحية بالأنا ولو نسبيا يضعون لائحة داخلية قادرة على تشذيب وتقليم غريزة الأنا ، قادرة على ان تكون قاعدة ترتكز عليها الجهود الدولية والاقليمية (الخيرة منها بالطبع) لتغيير الواقع المؤلم
الصعوبات والمطبات التي تكتنف هذه المسيرة تحتاج لبحوث ودراسات ، وأريد ان اركز على واحدة منها وهي عدم توفر المال في ضروف اصبح كسب الجماهير فيها يعتمد كثيرا وليس كليا على المال والمال فقط لأن الانحدار وصل الى حد ان المنتمي يريد منك مالا وحال اكتشافه انك غير (مدعوم) غادرك الى غيرك مهما كان هذا الغير حتى ولو كان وهما او شبحا وحتى لو كنت انت ملاكا .
ايام المد القومي الذي هو ليس فكرا او نظرية وليس عقيدة كما يتصور من يسمون انصار هذا الانتماء ب(القومجية) بل هو انتماء طبيعي لأمة تتكلم لغتك وتحمل ثقافتك ..حاول السيد صلاح جديد تأسيس تيار قومي ومن ضمن من زارهم كان السيد كمال جنبلاط فسأله الثاني محققا أكيد انك التقيت بعبدالناصر وتعاطف مع تيارك ؟؟ فأجابه بالنفي فسأله اذا انت اتفقت مع الرئيس البكر؟؟ فأجابه بالنفي ايضا فتساءل : الا توجد دولة تمولك ؟؟ فأجابه كلا دعني اوضح لك الموضوع فبادر السيد جنبلاط الى مناداة الخادم قائلا له باللهجة اللبنانية (( هاتلنا طاولة الزهر خلي نئضي فيها الوئت احسن من ما نبددو بكلام فاضي))
كنت بعد الاحتلال انشر المقالات عن اهمية قيام البعث بمراجعة التجربة البعثية وعزل ايجابيات وسلبيات الحزب عن ايجابيات وسلبيات السلطة في فاستدعاني رجل نسيت اسمه تجاوز الثمانين وهو زعيم لحزب سوري وكان لوائيا كما يسمون عرب الاسكندرونة في سوريا ليقص لي انه اول من ادخل البعث الى العراق وكان طالب معهد في الاعظمية وكيف انه كان يعيش على المساعدات وأن الرئيس العراقي اعطاهم منحة شهرية قدرها نصف دينار وكيف كانو يجمعون التبرعات بشق الانفس ..وليعذرني القاريء على الخروج عن الموضوع …انه قام بأول ترديد قسم لعضوين وكانت في قرية بالشطرة (((كدليل على ان حزب البعث حزب الركابي وغيره كان سنيا واليوم داعشيا ))) ..يقول الرجل بدأنا ترديد القسم ((بسم الله الرحمن الرحيم )) ..فقامت الدنيا وقعدت وانهالت عليه التأنيبات من القيادة في سوريا ((الا تعلم اننا نؤمن بفصل الدين عن السياسة )) او ((الوطن العربي فيه اديان كثيرة فلماذا اعتمدت الاسلام فقط)) وهكذا
البعثيون في العراق كانو قبل السلطة يدفعون مشروع القرش زائد الاشتراك الحزبي وكنت منهم وكانت تكلفني 140 فلسا يدفعها والدي رغم فقرنا ، وبعد استلام السلطة في العراق غاب مشروع القرش وبقى الاشتراك الشهري الا انه لم يعلم الكثيرون لماذا سمي بمشروع القرش والذي هو عبارة عن عشرة فلوس تدفع في كل اجتماع دوري والحقيقة انه اسم سوري يعني (مشروع الفلس) حيث كانو يدفعون فلسا واحدا لكل اجتماع
هل من الصعب ان يدفع كل عضو 1% من دخله لتصبح بمعدل عشرة آلاف دينار لكل مليون ؟؟ وأذا اندمجت الاحزاب المدنية الا يصبح لديهم عشرة آلاف دافع للأشتراك في الأقل فيكون الوارد السنوي راقيا عدا مشروع القرش ؟؟
لماذا ضحكتم.. اوليس ذلك افضل من تقبيل الايدي واللحى والعمائم لأجل مقرات فارهة ووسائط اعلام تمجد بالامين العام وزياراته ورحلاته ولقاءاته وابتساماته ودعواته (السابوحية الناطوحية) ..فكرو بالموضوع جيدا وستجدون انه غير مضحك على الاطلاق وأن الفكرة ليست ساذجة كثيرا وخصوصا لدى التيارات الوطنية المدنية الخالصة لأن لا عرب سيدعمونها ولا فرس كونهم عراقيون لا يلبسو الا عباءة العراق وهذا لا يخدم اية جهة خارجية