آخر تحديث:
اسعد عبدالله عبدعلي
انتكاسة الموصل في عام 2014, كانت نتيجة فساد الجماعة الحاكمة, حيث كان الفشل الذريع في عملية التسليح, مع أن الأموال التي صرفت منذ عام 2006 تحت عنوان التسليح تكفي لبناء ترسانة مخيفة, وكذلك الأموال لهائلة التي صرفت على التدريب والتطوير, فكشفت فضيحة الموصول عورة السلطة, فتبين أنها كانت تبني جيشا من قش, لكن مع الأسف لا توجد جهة تحاسب في العراق فعملية التقييم والحساب مغيب تماما في العراق, لان السلطة تعمل على إدامة حكمها وتعتمد على استمرار الفوضى, التي تتيح لها استمرار سطوتها.
لكن مع الأسف كان اغلب الحديث السياسي بعيد عن ما يهم العراقيين, فقد تم تناسي سبب مصيبة الموصل! وتحول الحديث الى محاور أخرى, لا تحقق العدل الذي ينتظره العراقيون, وهنا نشخص حديث الساسة عن ما بعد تحرير الموصل يمكن في ثلاث خطوط, حسب طريقة تفكير الساسة.
أولا: حديث المكاسب
يحاول جماعة الحزب الحاكم إزالة الماضي من ذاكرة العراقيين, عبر الكلام الدائم عن النصر والمنتصرين, والإسهاب في الحديث عن الحرب والمعارك, وكيف كان دور الحزب الحاكم من المعارك, وتعمد لبس الزي العسكري والإكثار من التقاط الصور بين الجنود للحصول على بعض الهيبة, فإعادة الروح لكيان فشل في الحفاظ على الموصل أمام قوة صغيرة, يعتبر أمر مهم, وهو ما يسير عليه شخوص الحزب الحاكم.
وهؤلاء يسعون بكل جد لتحميل الظرف الإقليمي وقصة المؤامرة أسباب سقوط الموصل, ويعزون الانتصارات لهم باعتبار المنصب الذي بحوزتهم, في محاولة للتعتيم على حقيقة ناصعة البياض وهي أن الحشد هو من انتصر, ولولا الحشد الشعبي لابتلع الوحش الداعشي كل البلد.هذا الصنف من الحديث لا يبحث عن العدل, ولا يهتم بوعي الجماهير, كل ما يهمه أن يستمر بالحكم.
ثانيا: حديث المزايدات
بعض الساسة يستغل الظرف لتحقيق مصالح خاصة, أو تبعث موقفه من دوافع نفسية نتيجة الشعور بالحقد اتجاه الآخرين, أو الحنق من شرف الأخر وخسة نفسه, فينتهج منهج المزايدات, فاتجه حديث هؤلاء حول خطين الأول تخوين من تسبب بسقوط الموصل, والطعن بانتصارات الحشد والقوات الأمنية, مع رسم صورة انه هو فقط (المنزه والوطني والطيب والعطوف والعاشق للعراق), فمن جهة يسقط الآخرين, ومن جهة يرفع نفسه, وأمثال هذا الخط كثيرون, فالكثير من فلول البعث تتكلم بهذه النغمة كي تطعن بالفاسدين والشرفاء في عملية خلط ظالمة تستهدف تسفيه وعي الناس, بالاضافة لعملية تسقيط كل المنافسين, كي يدفعون الناس للترحم على زمن الطاغية, في عملية قذرة لتدمير الوعي وإحلال الجهل مكانه.
هذا الخط لا يبحث عن حق, ولا يسعى وراء عدل ضائع, بل أن المصالح والعقد النفسية تحركه, ولن ينتج خيرا للعراقيين, وعلى المواطنين التنبه لهكذا خط مريض وأناني, لأنه لا ينمو ولا ينجح الا في البيئة الجاهلة, لذلك هو يعمد الى تسفيه وعي الجماهير كي يستمر بروزه وقيادته لها.
ثالثا: حديث المحاسبة
لم يتكلم احد عن صولة لمحاسبة المفسدين بعد تحرير الموصل, حيث كان الحديث في تكريس النصر لجهة أو عملية مزايدة فاضحة, افتقد الخطين السابقين لمنهج ورؤية لتحقيق العدل, ذلك العدل الذي يعتمد على المحاسبة, والجماهير تنتظر من يرسم لها صورة واضحة للمستقبل تعتمد على تحقيق العدل.
في يوم الشهيد العراقي سمعنا حديث المحاسبة, حيث جعلت محاسبة الفاسدين هدف ووعد, ( ستكون لنا صولة في مكافحة الفساد والمفسدين حال الانتهاء من معركتنا مع الدواعش), فهو الوعد الذي تنتظره الجماهير أن يصبح حقيقة حيث يعلن عن موسم اصطياد حيتان الفساد, ومن دونه يبقى ميزان العدل مائلا, يجعلنا نستشعر أمكانية بزوغ فجر طال انتظاره.
هذا الحديث هو صرخة لتنبيه الجماهير من غفلتها, وإيصال فكرة أساسية لهم, وهي أن الجماهير يجب أن تطالب دوما بملاحقة الفاسدين مهما علا شانهم, وهذا الأمر يحتاج لوعي, وحديث المحاسبة هو من يزرع الوعي في الأمة, وينبهها من غفلتها, أن الجماهير متعطشة ليوم القصاص ممن افسد حياة العراقيين, بصولة كبيرة ضد حيتان الفساد.