آخر تحديث:
بقلم: فاروق يوسف
ليس مهما في ما إذا كان حزب الدعوة الحاكم في العراق إيراني أو عراقي التأسيس والنشأة.وليس مهما أيضا فيما إذا كان ذلك الحزب يتبع ولاية الفقيه مؤمنا بها أو يعارضها سرا ويتوافق معها علنا نفاقا أو تقية.ليس مهما أن نوري المالكي وهو زعيم الحزب الحالي كان قد هرب في سنوات المعارضة من طهران إلى دمشق ليعتق نفسه من الخمينية.
المهم أن حزب الدعوة الذي يحكم العراق منذ أكثر من عشر سنوات كان وفيا عبر كل تلك السنوات في تنفيذ فقرات المشروع الإيراني في العراق الذي يعتبر استكمالا لفصول الحرب التي نشبت بين العراق وإيران عام 1980.لقد تحقق النصر لإيران في تلك الحرب يوم استلم حزب الدعوة السلطة.
وإذا ما كانت هناك جهات تحلم بزوال العراق من الخريطة الجغرافية فإن إيران تقف في مقدمتها. وما قام به حزب الدعوة من موقع تمكنه المطلق من القرار السياسي والاقتصادي والتعليمي من إجراءات يصب في ذلك الهدف.عمليا كان الحزب ضد عروبة العراق.
وإذا ما كانت العروبة اختراعا بعثيا من وجهة نظر الحزب المذكور فإن عراقية العراق في ظل حكمه قد انتزعت وصارت نوعا من الماضي.لقد صنع حزب الدعوة لأعضائه ومناصريه الموالين منطقة مغلقة تتم فيها عمليات سرقة المال العام المدعومة بقوانين غرائبية يشرعنها مجلس النواب المحكوم بأغلبية شيعية وعدم اكتراث كردي وانتهازية سنية.
كان هدر المال العام ولا يزال وسيلة لإجهاض محاولات الأعمار التي صارت تتم عن طريق مناقصات مشبوهة، تذهب أموالها إلى جيوب منتسبي الدعوة من غير أن يتحقق منها شيء على المستوى لواقعي.
هناك اليوم في العراق مدارس ومستشفيات هي عبارة عن هياكل حديدية واسمنتية. هناك جسور للمارة من غير سلالم. هناك أرصفة عالية من غير طرق معبدة. هناك قطارات صينية من غير أن تكون هناك سكة حديد. هناك مبان للفقراء نهبت أموالها من غير أن يقع منها حجر على حجر.لقد تفنن أعضاء حزب الدعوة في بناء عراق وهمي لم ير طريقه إلى الواقع بالرغم من أن حجم الانفاق عليه قد فاق الترليون دولار.
كانت الراحلة زها حديد ساذجة حين تقدمت بمشروع معماري في مسابقة لبناء مبنى مجلس الوزراء. لقد هُزمت المعمارية العراقية الأشهر في العالم أمام مشروع تقدم به واحد من أتباع المالكي. اختفت أموال ذلك المشروع ولم يُشيد المبنى.
لم تفهم حديد أن سياسة العراق الجديد بقيادة حزب الدعوة قائمة أصلا على إزالة العراق بلدا بملامح يمكن نلمس الطريق إليها عن طريق الحواس.العراق الذي يفكر فيه حزب الدعوة هو عراق الحرب الأهلية الدائمة. وهو ما يشكل غطاء لحملة الفساد المنظم.
عراق الأقليات الذي سعى حزب الدعوة إلى ترسيخه خوفا من قيام دولة المواطنة كان عنوانا لدخول تنظيم داعش الإرهابي إلى المعادلة العراقية من أجل تهشيم العراق إلى الأبد.كان سقوط الموصل وأجزاء كبيرة من العراق في قبضة التنظيم الإرهابي نذيرا بنهاية دولة اسمها العراق.
لقد تخلى حزب الدعوة عن المناطق ذات الأغلبية السنية بيسر وكان قبلها قد تخلى عن كردستان غير أن شيعستان لم تكن جاهزة. وهو ما أربك خطط حزب الدعوة. ذلك لأن العراقيين من العرب الشيعة وبالرغم من الضغوط الدعائية التي مورست عليهم كانوا ولا يزالون عراقيين وعربا بما لم يكن الحزب يتوقعه.
ومثلما تمسك العراقيون السنة بعروبتهم ها هم العراقيون الشيعة يطلقون العنان لعروبتهم بعد زيارتي مقتدى الصدر إلى السعودية والإمارات.ما صار واضحا أن العراقيين السنة قد اضطروا إلى دفع ثمن عروبتهم. فهل العراقيون الشيعة على استعداد لدفع ثمن شبيه من أجل إحباط مشروع حزب الدعوة؟من وجهة نظري فإن حزب الدعوة سيغادر الحكم قبل أن تقوم دولة كردستان. بل أن العملية لسياسية الحالية القائمة على المحاصصة سيتم انقاذها من خلال التخلص من حزب الدعوة لا لنفاد صلاحيته حسب بل وأيضا لأن عراقا من أي نوع لن يقوم في ظل فساده.