بغداد/ شبكة أخبار العراق -قانون ( التأمينات الاجتماعية ) الذي صوت عليه مجلس الوزراء مؤخرا وينتظر المثول على طاولة مجلس النواب للتصويت عليه ..والذي أثار العديد من ردود الافعال السلبية لدى المواطنين والمختصين ايضا قبل أن يصبح واقعا معاشا.وللتعريف بمشروع قانون التأمينات الاجتماعية ، اعلن المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء في بيان له ان الحكومة تسعى لتطوير الاقتصاد العراقي واصلاح منظومة موارد الدولة واعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية بالاعتماد على أسس جديدة تقوم على الشراكة مع القطاع الخاص وتنشيطه وهو ماادى الى اقرار مشروع التامينات الاجتماعية الذي سيسهم في تامين العيش الكريم للمشمولين بأحكامه وزيادة اعدادهم ودعم قيم التكافل الاجتماعي اذ يعمل على توحيد المنافع والامتيازات لتسهيل انتقال العاملين بين القطاعين العام والخاص وتخفيف الضغط على الدولة بخصوص توفير الوظائف اذ ينص القانون على ضمان الدخل للمؤمن عليهم في القطاعين ولورثتهم في حالات التقاعد والعجز والاصابة والشيخوخة والوفاة ..واشار البيان الى انه ستؤسس بموجب احكام القانون هيئة التامينات الاجتماعية وصندوق التامينات الاجتماعية لاحتساب واستيفاء مبالغ الاشتراكات التي تستقطع من المؤمن عليه بنسبة 7% من مجموع مايتقاضاه والمساهمات التي يتحملها صاحب العمل بنسبة تساوي مايعادل 13% من الأجر الشهري للمؤمن عليه وصرف الحقوق التقاعدية للمؤمن عليهم المحالين الى التقاعد .ترى عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية نجيبة نجيب ان من الصعب تمرير القانون في هذه الفترة ، مبينة ان “فكرة القانون ليست جديدة وكانت ضمن افكار رئيس الوزراء حيدر العبادي منذ ان كان رئيسا للجنة المالية البرلمانية ومضى فيها بعد توليه رئاسة الوزراء من خلال ورش عمل ومناقشات مع خبراء دوليين مشيرة الى ان مشروع القانون تضمن عدة ايجابيات من بينها توحيد كل القوانين المتعلقة بالحقوق المكتسبة للمتقاعدين اضافة الى شمول شرائح اخرى بالتقاعد كالقطاع الخاص كما ستخلق واردات اخرى غير النفط وتقلل العبء على صندوق التقاعد بالياته المعمول بها حاليا”ربما يختصر ماسبق الصورة الوردية للقانون فهل يراه المواطنون بنفس العين أم يبدو لهم قاتم الملامح ؟!…
ترى ايمان نجاح / مديرة قسم في وزارة الزراعة ان مايحدث هو سرقة علنية لرواتب الفقراء والمتقاعدين والكفاءات باقتطاع رواتبهم لتحقيق العدالة الاجتماعية فكل خدماتهم للبلد باتت هباءا متساءلة عن كيفية تقليص الراتب التقاعدي للموظف لدرجة ان لايكفي حتى للعلاج فمن غير المعقول مساواة الجميع لان كل شخص يجب ان يتم تقييمه على اساس مستواه العلمي ، مؤكدة على ان هذا القرار يدفع الموظفين للرشوة وفعل ماينافي الاخلاق من اجل تأمين مستقبلهم ومستقبل اولادهم فالمتقاعد يحتاج الى عيشة كريمة ليستمر باعالة عائلته ..ويرى المشرف التربوي ناظم عبد الله ان الجهل هو الحقيقة الوحيدة الباقية في بلدنا فنحن نعيش في شبه دولة ولم يصدر لحد الان قرار يخدم المواطنين بل شملت مقررات البرلمان رواتب وامتيازات النواب وذهبت موازنات العراق الهائلة الى جيوب الساسة والسماسرة المنتفعين ، فالحكومة لم تذكر المواطن بموازناتها الانفجارية بل تذكره فقط بتقليص الرواتب وزيادة الفقر كما ان هدف الحكومة كما يبدو هو التقليل من قيمة الكفاءات العلمية الحقيقية وانحدار التعليم لالرفع مستواه …
اما الاكاديمي جاسم رمضان من كلية الاعلام في الجامعة العراقية فيرى ان هذا القانون من القوانين الامريكية المصممة اصلا للمجتمع الامريكي أي لمجتمع مستقر ومشبع بالخدمات بكل مجالاتها ولن ينفع تطبيقه في مجتمع مسحوق اتعبته الحروب والحصار والفساد والارهاب ، ورغم نفقات الحرب الاخيرة على الارهاب ومايترتب على ذلك من مديونية بلغت اكثر من 120 دولار ، ومع انخفاض اسعار النفط والاختلالات في الاقتصاد العراقي ومع العلاقة المتوترة مع اقليم كردستان وضرورة ضغط النفقات التشغيلية غير الاساسية لكن تخفيض الرواتب الحالية والتقاعدية لابد وان يتناسب مع مستوى معيشة العراقيين واجور الخدمات والضرائب الحالية والمستقبلية ( ايجارات ، اجور المولدات ، اسعار البنزين والغاز ، اجور المدارس الاهلية بعد فشل التعليم العام ن واسعار اللحوم والمواد الغذائية ..الخ ، فاذا ماتم التخفيض فيجب تخفيض اجور تلك الخدمات ايضا ، كما ان المواطن العراقي يفتقد للضمان الصحي لاسيما للفئات التي بلغت سن التقاعد وهي بامس الحاجة لله ، فمن يضمن ان القيمة الشرائية للراتب الان او الراتب التقاعدي لاحقا ستكون نفسها بعد سنتين او اكثر وقد يعود الراتب ليساوي ثمن طبقة بيض كما في سنوات التسعينات ..ويتساءل رمضان عن سبب استثناء القضاة والرئاسات الثلاث والنواب من التخفيض بينما يشمل به الاساتذة الجامعيون رغم ان عددهم لايزيد على 4-5 الاف اكاديمي فهل يحل ذلك مشكلة العجز المالي بينما يكمن الحل في تقليص الكوادر الفائضة في الرئاسات واعداد الحماية والنفقات التشغيلية الوهمية ومعالجة ووضع الكمارك المزري وسيطرة الاحزاب على الموانيء وسيطرات الكمارك ، مطالبا ذوي الشان بمصارحة الشعب وشرح الوضع الاقتصادي والعسكري بعيدا عن حرصهم على الاستحقاقات الانتخابية …
وتعود عضولجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي نجيبة نجيب لتوضح سلبيات القانون فهو يلغي جميع القوانين السابقة التي شرعت ومنحت حقوق مكتسبة لشرائح معينة من المجتمع كالشهداء والسجناء السياسيين ومنتسبي بعض الوزارات كالخارجية ومفوضية الانتخابات والنزاهة والدرجات الخاصة والاستاذة الجامعيين والتي شرعت لهم قوانين خاصة منحتهم بعض الخصوصية والامتيازات خلال الفترة السابقة”.موضحة ان “السلبية الاخرى تتعلق بالمعادلة التقاعدية اذ احتسبت على الخمس سنوات الاخيرة وليس كما هو معمول به الان باحتسابه لثلاثين شهر”، ومبينة ان “وصول القانون بهذا الوقت ومع قرب انتهاء الدورة النيابية الحالية والاستحقاق الانتخابي الجديد ومع وجود معارضة له مع بعض اللجان النيابية كلجنتي الشهداء والتعليم العالي والكتل السياسية قد لايمنح الفرصة لتمريره بهذا الفترة وان تم تمريره فسيكون بتعديلات قد تطعن بها الحكومة لدى المحكمة الاتحادية”. واكدت نجيب، ان “مشروع القانون بحاجة الى تعديلات ودراسة اضافية لابقاء امتيازات بعض الشرائح، بالتالي فعلى وزارة المالية وهيئة التقاعد توضيح تفاصيل القانون بشكل اكثر تفصيلي وبالارقام لتوعية الشعب والقوى السياسية بجوانبه نتيجة لعدم المام الكثيرين بتلك التفاصيل وغياب الرؤية الكاملة حوله”.
ويؤكد الاكاديمي الدكتور محمد العبيدي من كلية القانون على ان اصلاح احوال بقية فئات المجتمع ينبغي الا يكون على حساب فئة اخرى ، بمعنى الاننقص المستوى المعاشي للاستاذ الجامعي في سبيل ان نرفع المستوى المعاشي للعامل ، لأن النتيجة ستكون واحدة أي سينتقل الضرر من العامل الى الاستاذ ، فاذا انقصنا رواتب الاساتذة سندخل فايروس الفساد الى المستقبل لأن الاستاذ عندما يجد نفسه مظلوما قد يقصر في عمله وبالتالي يخلق لنا جيلا جاهلا ، كما ان تمرير هذه الاستقطاعات قد يسمح بظهور استقاطاعات اخرى في المستقبل وسيؤدي هذا القانون ايضا الى هجرة الكفاءات العراقية الى الخارج …من جهته ، يشدد الدكتورحسن هادي من كلية الادارة والاقتصاد على ضرورة ان يواصل الاساتذة تظاهراتهم لرفع اصواتهم الى الحكومة والبرلمان لشرح مضار القانون وبيان انعكاساته المستقبلية على التعليم في العراق ، مع التلويح بامكانية حدوث اعتصام عام في الجامعات العراقية اذا لم يتم التراجع او التعديل على القانون ، وضرورة طلب المساعدة من المنظمات الدولية والمجتمع المدني لانقاذ شريحة الاساتذة في العراق ..ويقترح هادي كبدائل عن القانون ان تستقطع الدولة مبالغا مالية من الكليات الاهلية كونها تمتلك موارد ضخمة ، وان ترفع الدولة سقف المبالغ المستحصلة من الدراسات العليا ( النفقة الخاصة) كما ترفع سقف مبالغ التعليم المسائي ، وان تبني شققا سكنية او بيوت استثمارية تباع للاساتذة او تؤجر بمبالغ معقولة لتوفر الاموال البديلة عن القانون ، وان يعطى الاساتذة الجامعيون فرصة لاعداد قانون جديد يكون أقل ضررا واكثر فائدة للطرفين ، بدلا من اقتطاع رواتبهم ورواتب المقاعدين لتحقيق ( التكافل الاجتماعي ).