إعلان الحنانة يوم أمس لم يكن اتفاقا ثنائيا بين سائرون والفتح لتشكيل الكتلة الأكبر كما أعلن عنه , بل هو جزء من مساع لتشكيل تحالف خماسي يضم سائرون والفتح والنصر ودولة القانون والحكمة , ولقاءات قادة تحالف الفتح العامري والخزعلي مع مقتدى الصدر ونوري المالكي وعمار الحكيم قد أكدّت أن الإرادة الشيعية تتجه باتجاه تشكيل تحالف الفضاء الوطني , وهذا التحالف الجديد هو في الحقيقة نسخة جديدة من التحالف الوطني الشيعي , ويبدو أنّ مؤشرات الصراع السياسي في المنطقة قد حسمت لصالح الراعي الإيراني على حساب الراعي الأمريكي السعودي , وهذا ما أكدّناه مرارا وتكرارا أنّ الراعي الإيراني في العراق أقوى بكثير من الراعي الأمريكي السعودي لاعتبارات لا زالت ضاربة بجذورها في عمق المجتمع العراقي , وما أطلق عليه تحالف الفضاء الوطني هو الاسم الجديد للتحالف الشيعي السابق الذي فشل فشلا ذريعا في بناء مقدمات الدولة المدنية القائمة على أساس المواطنة وبناء دولة القانون والمؤسسات , والذي أرسى قواعد وأركان نظام المحاصصات الطائفية والحزبية المسؤول عن الفساد العام والشامل الذي ضرب مؤسسات الدولة العراقية والمنظومة القيمية للمجتمع العراقي , وإعلان هذا التحالف الجديد اصبح شبه مؤكد وهو الآن في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة لإخراجه .
لا شيء جديد في هذا التحالف , ونظام المحاصصات باق وبقوة , ولن تكون هنالك حكومة أغلبية سياسية أو حكومة خارجة عن إرادة الكتل السياسية المسؤولة عن فساد المرحلة السابقة , ومثل هذه التحالفات لا تقوم على أساس البرامج المشتركة والتوافق الفكري والسياسي , وإنما تنشأ لاعتبارات المصالح الحزبية والصراع السياسي في المنطقة , والوليد المنتظر سيدخل جلسة مجلس النوّاب الجديد كونه الكتلة الأكبر بعد المصادقة على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية والانتهاء من قضية إعادة العد والفرز التي على ما يبدو تتجه لمعالجات طفيفة عن حالة التزوير العام الذي رافق الانتخابات البرلمانية , إذن نحن أمام مرحلة جديدة من نظام التوافق والمحاصصات الحزبية والطائفية , وما كنّا نطمح له من تشكيل حكومة أغلبية سياسية , بات بحكم المستحيل بعد الإعلان عن الاتفاق الخماسي , ومن الطبيعي جدا أن تحالف الفضاء الوطني سيتّجه إلى باقي أركان العملية السياسية من أكراد وسنّة لاستكمال تقاسم النفوذ والسلطة , والفرق الوحيد في التحالف الجديد هو أنّ سائرون سيكون صاحب الحصة الأكبر في تقاسم كعكة الحكومة القادمة ,وبما أن نوري المالكي لن يكون مرّشح هذا التحالف الجديد , فأعتقد أن الأمور ستسير بشكل طبيعي وسلس في التوافق على المرّشح الجديد لرئاسة الوزراء , وأعتقد أنّ حظوظ العبادي في رئاسة الوزراء لا زالت كبيرة .
في الختام أقول .. أنّ المحاصصات الحزبية والطائفية باقية وتتمدد , وكل شعاراتنا قبل الانتخابات كذب في كذب في كذب , أمّا أنتم رفاقي السابقون في الحزب الشيوعي العراقي فاعتقد أنّكم لم ولن تتعلموا من تجاربكم , ومبررات التحالف معكم انتفت بانتفاء الموضوع , وساحة التحرير لن تستقبلكم مرة أخرى .