مع القاتل أم مع المقتول ؟

مع القاتل أم مع المقتول ؟
آخر تحديث:

بقلم:ابراهيم الزبيدي

إن الذي نظنه عارا على صاحبه، وأنه سيعجل بنهاية ظلمه وفجوره وجنونه، هو نفسه الذي يتعمد النظام الإيراني نشر أخباره والترويج له، لأنه هو الذي يكسب به قوته وقوت عياله. والأوربيون الذي كثيرا ما انتظرنا ديمقراطيتهم وسلامهم وعدالتهم لتعاقب القاتل وتنصف المقتول، تبين لنا أن ضمائرهم، حين يجد الجد، مع الظالم وضد المظلوم، ومع السارق وضد المسروق، وأن الشرف لديهم لا قياس له إلا بما يدخل في جيوبهم من مال حلال أو حرام.

ومناسبة هذا الحديث أن حسن روحاني، رئيس جمهورية الخميني، وجمهورية وريثه علي خامنئي، وهو في طريقه لإقناع أوربا بوقوفها إلى جانب نظام وليه الفقيه في مواجهة أمريكا، هدد بمنع شحنات النفط من الدول المجاورة إذا ما استجابت دول العالم، وفي مقدمتها أوربا، لطلب الولايات المتحدة بعدم شراء النفط الإيراني.

وفي نفس اليوم ونفس الساعة سارع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، فبارك له تهديداته تلك، وقال: “أقبّل يدكم للإدلاء بهذه التصريحات الحكيمة التي جاءت في وقتها. وأنا في خدمتكم لتطبيق أي سياسة تخدم الجمهورية الإسلامية“.

ثم نضم قائد آخر في الحرس الثوري الإيراني إلى قائمة المهددين بمنع مرور شحنات النفط في مضيق هرمز بالخليج العربي.

فقد أعلن العميد إسماعيل كوثري نائب قائد قاعدة ( ثار الله) التابعة للحرس الثوري، في مقابلة مع وكالة (نادي المراسلين الشباب): “أن إيران لن تسمح بمرور أي شحنة نفط في مضيق هرمز، إذا كانوا يريدون وقف صادرات النفط الإيراني”.

ولأن مواقف روسيا والصين معروفة مسبقا، باعتبار أنهما تبحثان عن أية فرصة لتعكير مزاج الأمريكان، فقد توهمنا بأن هذا التهديد سيكون كافيا لجعل القادة الأوربيين، بشكل خاص، يغلقون في وجهه الباب، ويرفضون الحديث معه، لأنه لا يستحق الثقة ولا الاحترام.

فقد كانوا، ومنذ إعلان ترمب انسحابه من الاتفاق النووي، وإعلان عزمه على إطلاق مسلسل عقوبات جديدة على إيران، وهم لا يوفرون جهدا من أجل الخروج من بين مطرقة ترمب وسندان علي خامنئي، بإلعثور على حل وسط يمكن أن يرضي الطرفين، وهو أضعف الإيمان.

وطبعا، ودون شك، ومؤكد أن أجهزة مخابراتهم ووزارات خارجيتهم ودفاعهم وداخليتهم كانت تعطيهم، على مدى تسعة وثلاثين عاما هو عمر النظام الإيراني، تقارير متلاحقة تؤكد لهم قناعتها باستحالة إحداث تغيير حقيقي في سلوك النظام الإيراني وطبيعته،وتحويله من نظام لا يستطيع العيش إلا بقوة السلاح والعصابات والمليشيات إلى نظام آخر يجنح للسلم، ويكف عن العناد، ويتخلى عن ثقافة ممارسة السياسة بالخناجر والسواطير والمفخخات.

ثم جاءهم حسن روحاني، (المعتدل) (الإصلاحي) وقال لهم بالفم المليان، وبالتصريح وليس بالتلميح، إن عشمكم بأننا قد نغير جلودنا، وننزع أظافرنا، ونخلع أنيابنا التي ولدنا بها وكبرنا وشخنا وسوف نموت، هو عشم إبليس بالجنة. فقد هددهم وهو في عقر دارهم دون لف ولا دوران.

ثم يشاء السميع العليم أن تضطر حكومة النمسا، والقادة الأوربيون في حالة الحيص بيص تلك، إلى تفجير فضيحة طازجة جديدة من فضائح النظام الإيراني، فتكشف عن عملية إرهابية جديدة خطط لها وأشرف على تنفيذها الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي كان ينوي بها تفجير اجتماع المعارضة الإيرانية في باريس.

ولكن يبدو أن الكرامة والعدالة والإنسانية لا تهم أحدا من قادة أوربا التي يفترض أنها أم الكرامة والعدالة والإنسانية، وأن المصالح والمنافع والمكاسب، وحساب الربح والخسارة،فوق كل اعتبار، وأشرف من كل شرف، وأكرم من كل عدلٍ وقانون.

فقد وضعوا، أخيرا، أيديهم في أيدي الروس والصينيين، وأعلنوا أنهم مع النظام الإيراني في نزاعه مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، برغم كل ما كانوا يعرفونه سابقا، وما عرفوه لاحقا، عن سلوكه الإرهابي الذي كانوا هم من ضحاياه وقتلاه الأولين.

فمن بين 11 هدفا أعلن وزراء خارجية (روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) عزمهم على تحقيقها، يؤكد الهدف الأول على “استمرار صادرات الغاز والنفط الإيرانيين”، رغم أن إدارة ترمب طلبت من جميع الدول الوقف التام لوارداتها من النفط الإيراني، بحلول 4 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهددت جميع الشركات التي سوف تتعامل مع إيران، بعد ذلك التاريخ، بشمولها بتلك العقوبات.

ومعنى هذا أن أية حكومة تسطيع أن تقتل، بالجملة وبالمفرق، وأن تغتصب، وتحرق وتفجر، وتنهب، وترتكب كل موبقات الدنيا والآخرة، ثم تجد لها ليس يعمى عن جرائمهافقط، بل يقف معها ضد العدالة والحق والقانون، ويقتل معها أهل بيتها، وأهل بيوت جيرانها، مادامت شركاته ومصانعه ومؤسساته وخزائنه تريد ذلك، وإن كره الكارهون.

وكأن كل التاريخ الإرهابي الطويل ضد الأوربيين والأمريكيين، بشكل خاص، وضد شعبهالإيراني، وضد العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين والفلسطينيين، ليس بذي قيمة لدى قادة الدول الكبرى، بل إنه هو الذي يمنح لهذا النظام الدموي السلفي المتخلف قدرتَه على تركيع القادة الكبار والصغار، على حد سواء، وإن جعجعوا كثيرا عن السلام والحرية والعدالة والمساواة، وهم كاذبون.

– دشن نظام الخميني مسيرته (الجهادية) باقتحام السفارة الأميركية في العام 1979 واحتجاز موظفيها لمدة 444 يوماً، بقيادة واحد أصبح فيما بعد رئيسا لجمهورية إيران، هو أحمدي نجاد.

– في العام 1982 قامت مجموعة من حزب الله اللبناني (الإيراني) بخطف 96 مواطناً أجنبياً في لبنان، بينهم 25 أميركياً فيما يعرف بـ أزمة الرهائن التي استمرت عشرسنوات.

– في العام 1983 تم تفجير السفارة الأميركية في بيروت من قبل حزب الله، وقتل في الحادث 63 شخصاً في السفارة.

– في العام 1983 أيضا قام الإيراني إسماعيل عسكري الذي ينتمي لـ الحرس الثوريبتنفيذ عملية انتحارية في بيروت استهدفت مقر مشاة البحرية الأميركية، نجم عنها مقتل 241 شخصا، وجرح أكثر من 100 من أفراد البحرية والمدنيين الأميركيين.

– في العام 1983 تم تفجير مقر القوات الفرنسية في بيروت من قبل حزب الله، بالتزامن مع تفجير مقر القوات الأميركية الذي نجم عنه مقتل 64 فرنسياً مدنياً وعسكرياً.

– وفي نفس العام أي 1983 قامت عناصر من حزب الله و حزب الدعوة  بمجموعة هجمات طالت السفارة الأميركية والسفارة الفرنسية في الكويت ومصفاة للنفط وحي سكني نجم عنها مقتل 5 وجرح 8.​

– وفي 1983 تمكنت شاحنة محملة ب 45 اسطوانة كبيرة من الغاز متصلة بمتفجرات بلاستيكية من اقتحام البوابات الأمامية للسفارة الأمريكية في مدينة الكويت، وهدمت نصف المبنى.

– وفي عام 1988 تم اختطاف طائرة الجابرية من قبل مجندين من حزب الله اللبناني وحزب الدعوة العراقي، بأوامر من إيران، وكانت تقوم برحلة إلى الكويت قادمة من مطار بانكوك في تايلاند. وقد اقتاد الخاطفون الطائرة إلى مطار  مشهد  في إيران وطالبوا بإطلاق سراح سجناء جندتهم إيران في الكويت، وتم اعتقالهم إثر تفجيرات استهدفت البنية التحتية لدولة الكويت إضافة لسفارتي فرنسا والولايات المتحدة.

– في العام 1994 تورطت إيران في تفجيرات  بيونس آيرس التي نجم عنها مقتل أكثر من 85 شخصاً، وإصابة نحو 300 آخرين.

– في العام 1996 تم تفجير أبراج سكنية في  الخُبر من قبل (حزب الله الحجاز) التابع للنظام الإيراني، ونجم عنه مقتل 120 شخصاً، من بينهم 19 من الجنسية الأميركية. وقد اعترف المواطن السعودي أحمد المغسل الذي تم القبض عليه في عام 2015 وفي حوزتهجواز سفر إيراني بأن الذي أشرف على العملية الإرهابية هو الملحق العسكري الإيراني لدى  البحرين آنذاك.

– وفي عام 2003 اعتقلت الشرطة البريطانية هادي بور السفير الإيراني السابق في الأرجنتين بتهمة التآمر لتنفيذ هذا الهجوم.

– وفي العام 2003 تورط النظام الإيراني بتفجيرات الرياض بأوامر من أحد زعامات القاعدة في إيران، وقد قتل فيها العديد من المواطنين السعوديين والمقيمين الأجانب، ومن بينهم أميركيون.

– في العام 2011 أحبطت الولايات المتحدة الأميركية محاولة اغتيال السفير السعودي، وثبت تورط النظام الإيراني في تلك المحاولة، وكشفت المحكمة الاتحادية في نيويورك عن اسمي الشخصين الضالعين في المؤامرة، وهما منصور اربابسيار، (وقد تم القبض عليه وسجن 25 عاماً)، وغلام شكوري وهو ضابط في الحرس الثوري الإيراني متواجد في إيران، ومطلوب من القضاء الأميركي.

وهنا نتساءل، ألا يحق للعراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين والبحارنة والفلسطينيين الذين أحرق خامنئي وأعوانه ومستشاروه قلوبهم وأراوحهم وأجسادهم، وخربوابيوتهم، ونهبوا أموالهم، وجففوا أنهارهم، وسمموا هواءهم، وعطلوا حياتهم، أن يقولوالزعماء أوربا، أجمعين، إن النظام الذي تعاونونه، وتؤيدونه، وتخوضون معه حروبه ضد شعبه وضدنا، هو النظام الذي ولد وولدت معه الصعلكة والبلطجة والتشبيح والابتزاز. ألم يأتكم رئيسُه (المعتدل) (الإصلاحي) شحاذا وخنجره في حزامه؟.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *