أهالي الموصل:التصاريح الأمنية والمخبر السري إجراءات تعسفية مقصودة
آخر تحديث:
بغداد/شبكة أخبار العراق- نشرت صحيفة “الشرق الأوسط”،الثلاثاء، تقريراً تحدثت فيه عن خشية اهالي مدينة الموصل من خسارة السلام بعد كسب الحرب على تنظيم داعش الإرهابي في تشرين الأول عام 2017، بسبب “التصاريح الأمنية والمخبر السري”.وذكرت الصحيفة في تقريرها: “مر أكثر من عام على تحرير مدينة الموصل وبقية المناطق في محافظة نينوى، لكن ما زالت إمكانية خسارة السلام قائمة في مقابل ربح الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، نظرا للتحديات الكبيرة التي يعاني منها الناس في ثالث محافظة عراقية من حيث عدد السكان الذي يتجاوز سقف الـ3 ملايين نسمة”.وأضافت: “تظهر الحصيلة التي يمكن الخروج بها من مجموعة أحاديث وشهادات من السكان المحليين والعاملين في منظمات المجتمع المدني بالمحافظة أن الجهود التي قامت بها الحكومة العراقية ومن ورائها التحالف الدولي لكسب الحرب ضد داعش، لم تقابلها جهود مماثلة لكسب معركة الإعمار ومواجهة تحدي السلام”.وتابعت: “صحيح أن الموصليين وأهالي نينوى بشكل عام ما زالوا يشعرون بالارتياح لخلاصهم من داعش، لكنهم يخشون أيضا من صعود جماعات تطرف بمسميات جديدة نتيجة الإهمال وتلكؤ إعادة الإعمار وتعسف الإجراءات الأمنية”.ونقلت الصحيفة عن الصحافي يونس أحمد، قوله إن “التصاريح الأمنية واحدة من بين أهم الإجراءات التي تثير استياء وغضب السكان”.ويضيف أحمد: “لا توجد حالة اجتماعية أو مالية إلا ويتطلب من المواطن الحصول على تصريح أمني بشأنها، تسجيل بيان الولادة بحاجة لتصريح، السفر أيضا، سحب مبلغ مالي من المصرف كذلك، وحتى دفن الأموات”.وينقل أحمد حادثة وقعت منذ أشهر، مفادها، بحسب الصحيفة، أن “امرأة مسنة يناهز عمرها التسعين عاما ومصابة بمرض السرطان توفيت عام 2015، أيام سيطرة داعش، فدفنت في فناء منزلها وعندما أرادت عائلتها نقلها إلى مقبرة المدينة استغرق التصريح الأمني لدفنها نحو 3 أشهر”.أوضحت الصحيفة، أن التصاريح الأمنية وبشهادة الجميع تقريبا، تجاوزت هدفها المتمثل بالتحقق من الأشخاص الذين تعاملوا في السابق مع داعش، وأدت إلى تعقيد حياة الناس وتعاملاتهم الرسمية وغير الرسمية وسمحت للفاسدين في دوائر الدولة والأجهزة الأمنية بابتزاز الناس والحصول على مبالغ مالية منهم في مقابل تسريع إجراءات الحصول عليها.ويتفق عضو المؤسسة العراقية للتنمية، إياد صالح، على أن “التصاريح الأمنية والمخبر السري من بين أهم القضايا التي تثير حفيظة سكان نينوى، إذ إنها أضافت المزيد من الأعباء الحياتية عليهم”.ويقول: “من حيث المبدأ الاهتمام بالجانب الأمني وملاحقة عناصر داعش شيء إيجابي، لكن الأمور زادت عن حدها كثيراً، بحيث لاحقت التصاريح الأمنية جميع الفئات والأعمار”.
وحول بقية المشكلات التي يعاني منها سكان نينوى، يؤكد صالح وهو من العاملين في مجال المنظمات الإنسانية أن “المخبر السري مصدر قلق متواصل لأنه يعتمد في أحيان كثيرة على الوشاية الناتجة عن تعارض المصالح وليس الوقائع على الأرض وقد ذهب كثيرون ضحية لذلك، كما أن بعض الجهات الأمنية رجعت إلى الأساليب المتعسفة التي كانت شائعة قبل 2014″، مضيفا: “هناك مشكلة الخدمات المتفاقمة وخلو المستشفيات من الأدوية والمستلزمات الطبية”.وعن الجهود الحكومية والدولية في مجال إعادة الإعمار وتقديم المساعدات، يؤكد إياد صالح أنه “لا وجود لجهد واضحة من السلطات، أغلب الأعمال تقوم بها المنظمات الإنسانية، لاحظ أن هناك أكثر من 6 آلاف جثة تحت الأنقاض في الجانب الأيمن من الموصل تفوح منها روائح قاتلة بحيث لا يستطيع الناس الاقتراب منها، ومع ذلك لم تبادر السلطات إلى معالجة الأمر”، ويميل صالح إلى الاعتقاد بأن “الحكومة والمجتمع الدولي لم يكن لديهما أية خطة لمرحلة ما بعد القضاء على داعش”.ويتشاطر عبد العزيز الجربا ذات القناعة مع إياد صالح بشأن الإهمال الحكومي والدولي لنينوى بعد تحريرها من داعش ويقول: “كأن العالم كله وبمجرد طرد داعش من جميع المناطق سواء في نينوى أو بقية المحافظات نسي الموضوع وباتت تلك المحافظات أقل أهمية وكأن القصة تتعلق بالعمل العسكري فقط”.
ويرى عبد العزيز، وهو رئيس جمعية التحرير للتنمية أنه “لا وجود لوقفة حقيقية مع مشكلات المناطق المتضررة، وهذا أمر بالغ الأهمية، فداعش استغل مجموعة من العوامل وتمكن من احتلال الأراضي». ويتفق الجربا مع الشكوى المتكررة بشأن التصاريح الأمنية والمخبر السري، ويعتقد بوجود عوامل أخرى لا تقل خطورة وقد تسهم بصعود موجة جديدة من التطرف وإن بأسماء وأشكال مختلفة ومنها عدم توفر الموارد والصراعات السياسية في المناطق المتنازع عليها وتعامل القوات الأمنية مع المدنيين، إضافة إلى التشظي في القرارات الأمنية نتيجة وجود قوات وجهات أمنية متعددة”.ويضيف الجربا: عاملين آخرين لا يساعدان برأيه على إحراز التقدم المطلوب في مجال إعادة إعمار وتأهيل نينوى من جديد وهما “ضعف وفساد الإدارة المحلية والتنافس بين أحزابها المختلفة والفساد المرافق لعمل المنظمات الدولية”.وبسؤاله عن عزوف الموصليين عن الاحتجاجات التي يقوم بها نظرائهم في محافظات الوسط والجنوب، أجاب: “الناس عانوا الكثير خلال 3 سنوات متواصلة من احتلال داعش، ثم إنهم سئموا من فكرة معاداة الدولة التي بدأت مع حلول عام 2003، العام الذي أطيح فيه بنظام صدام حسين”.