العراق بين الحالين الحال الأول والحال الأخير

العراق بين الحالين الحال الأول والحال الأخير
آخر تحديث:

 بقلم:عبد القادر ابو عيسى

نَحنُ في دَولةٍ تلاشت قُوَاها * كالنُّضَارِالمدفونِ في الغَبراءِ

أو كمثل الجَنينِ ماتت بهِ ألحا * مِلُ حياً يجولُ في الأَحشَاءِ

أطربتنا الاقلامُ لمَّا تغنَّت * بالمساواةِ بيننا والإخَاءِ

فَسكرِنا بِها فلمَّا صحونا * ما وجدنا منها سِوى أسماءِ

في العراق دليلي احتار وحيرني .

عشنا ولا زلنا نعيش في دولة العراق , تتماثل امامنا شواهد مختلفة المواضيع نشاهدها كصور مختلفة المشاهد والالوان تؤشر مشاعرنا وآمالنا وآلامانا وحالات طموحنا . انها خليط من احلام سعيدة وكوابيس . مرايا نرى فيها انفسنا ويرى الاخرين فيها حقيقتنا ونراهم . الوجدان هو الفيصل . الواقف المتفرج من على التل غير الفاعل في ساحة الملعب , اَلحَكَم هناك حكم لا يكذب يدين ويسجل الصحيح والخطئ الصالح والطالح . أنه ” التاريخ ” . ياله من حكم ومن شاهد عادل, قاس ٍاحياناً وأحيانا رحيم , يحاولون تكذيبه وتسفيهه ومغالطته والاعتداء عليه . لكنهم واهمون , أنه حياة مشاعر وسلوك نحياها به , نُحييه بها ونجافيه ونصد عنه نخاصمه ونراضيه ونرتضيه . . . ماكانت الامة الاسلامية ودولتها تصل الى دَرَكها المتدني على يد هولاكو السفّاح وعلى يد الحلفاء المجرمين . لولا تردي حاكميها وضعفهم وعدم ثقتهم بشعوبهم وعماهم عن رؤية الماضي واستشرافهم للمستقبل .

عند تأسيس دولة العراق سنة 1920 وأعلان دستورها عام 1921 ساد موضوع الحرية والديمقراطية والقانون والشرف السياسي والسيادة الوطنية . كان هناك صراع خفي ومعلن بين رجال النظام الحاكم وبين المستعمر البريطاني . عند تعيَّن ” عبد الرحمن النقيب الگيلاني ” أول رئيس لوزراء العراق قال في حديث . لم اكن راغباً بالقيادة بقدر رغبتي بخدمة شعبي ووضعه على الطريق الصحيح بعد الالحاح عليَّ في العمل بهذا . كان عالما له الكثير من الكتب والمؤلفات وكان رئيس نقباء دولة الاسلام . بنى مدرسة اعدادية من ماله الخاص ورشح كملك على العراق . وملك العراق يزوره في داره ولا يستدعيه عند حاجته اليه احتراماً له . ” عبد المحسن السعدون ” رئيس وزراء للعراق في العهد الملكي . أنتحر لتقاطعه مع الانكليز مستعمري العراق ذلك الزمان . و” رشيد عالي الگيلاني ” رئيس الوزراء في العهد الملكي ثار على اقوى دولة استعمارية في العالم كرامة لشعبه ولسيادة وطنه ودولته . وملوك العراق كانوا الأكثر حرصاً وواقعية مِن مَن استخلفهم . مقتل الملك غازي كان بسبب اخلاصه لشعبه ورجولته ومبادئه واخلاقه المَلَكِيَّة العالية . الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق . اراد اقتراض مبلغ من وزارة المالية . رفضت الوزارة طلبه . ” نوري السعيد ” ظهرت صوره وهو يشرب الويسكي بدل مشروبه الاعتيادي ” العرق العراقي ” الرخيص الثمن . في احدى زياراته لدولة اوربية هاجمته الصحف العراقية لذلك . ردَ رئيس الوزراء عليهم أن المشروب على حساب الدولة المضيَّفة وليس على حساب دولة العراق . ومرة كان عائداً من زيارة لدولة لبنان مصطحباً معه سلة ليمون حامض اشتراها من حسابه الخاص . حُجِرِت في مطار بغداد وتم اتلافها بموجب القوانين المحلية العراقية رغم رجاء وتوسل نوري السعيد رئيس الوزراء . القانون هو القانون مثل الموت يتساوى به الجميع الكبير والصغير الآمر والمأمور الغني والفقير هذه فلسفة القانون الصحيحة , والعدل والاخلاق العالية الرائدة هي الاسس التي كانت سائدة في ذلك الزمان . اليوم بالمقارنة مع هذا نعيش ونشاهد ” المضحك المبكي ” ناس أعاجِم*1 يتحكمون بنا اشكالهم مثل اشكالنا واصولهم وعقولهم وجنسياتهم ليست مثلنا مختلفة عنا . يدَّعون ويتشدقون ويسمّون انفسهم ” دولة القانون ” أيَّ صخام هذا “. عنداستماعي لهذا المصطلح الكاذب الصادر من احدهم , يتشابه لي نشازهذا الصوت و صوت ” الهقهقة ” الصادر من الدابة المتعبة من السير الشديد . ويضحكون على انفسهم وليس على الآخرين يسمون انفسهم بالدولة الديمقراطية . دمقراطية القتل والفساد والتهجير والسرقة وعدم احترام القانون ولا الشعب ولا الوطن ولا القيَّم ولا لكل شيء . أبتداءاً من قبل الدولة المحتلة أميركا واعوانها في قمة الهرم الحاكم. أنهم الكارثة كارثة العراق الحقيقية .

ايها المتظاهرون المحتجون يا ثوار وطنكم وعصركم لقد سمّاكم المالكي ” الفقاعة ” أنه الفقيع وانهم هم الفقاعة ولستم انتم . وحَّدوا جهودكم ونظالكم بدل تفرقكم وضياع جهدكم . حاصروا ” قيادة سجن الباستيل في المنطقة الخضراء ” ويقيناً ستثمر ثورتكم . سيتهموننا بالتحريض , فليكن . . نُحرَّض من اجل حرية شعبنا وصون كرامته المبتذلة وسيادته المهانة المنقوصة وثرواته المسروقة المنهوبة بوضح النهار من قبل ثعالب الاستعمار وعقاربه وأفاعيه المسمومة .

الشعر : للشاعر الكبير المعروف ايليا ابوماضي .

*1 ـ الأعجمي ـ كل ٌ غير العربي

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *