امجد ياسين كان العمل جميلا واريد ان اشرح لك ذلك، عبارة تلخص ربما نتاج الكثير ممن يتعرضون للنقد المسرحي هذه الايام، فهي عملية سهلة جدا لكتابة الاف الكلمات المتصلة والمملة احيانا للملمة احداث المسرحية كاملة. والحقيقة ان هذا الامر ليس من وظيفة الناقد او النقد عموماً، والا لنجلس في بيوتنا وندع النقد يصف لنا الامر. ان هذا النوع من الكتابة السهلة يحقق غايتين للكاتب وليس للقارئ، الاولى انها تتضمن جانبا كبيرا من المجاملة لان الكاتب هنا سيتناول ظاهر الحوار والاداء.. اي انه مشاهد يهتم بما يعرض امامه من دون التفاصيل او الغوص في ما قدم على مستوى الحوار والاداء والاخراج… وهو هنا يحاول ان يبنى، الكاتب، نوعا من العلاقة بينه وبين القارئ عبر ذكر التفاصيل، فيستنجد بالصورة على حساب المعنى، لتوطيد علاقته بالقارئ العادي، فيستخدم عبارات وكلمات مثل انه عمل رائع، كان العمل مميزا، وهي عبارات بالمناسبة خادعة، لانه يريد ان يوطد العلاقة بينه وبين القارئ عبر الكلمات معتقدا انه يبني قناة وصل ، وتشبه هذه الحال كثيرا ما يسمى بالعلاقة التنبيهية في المحاورة التي تشد انتباه السامع. فما وصف ورتب بعبارات معينة ليس بالضرورة صائب، لان هذا النوع من الكتابة لا يقف عند الدال والمدلول بصورة معمقة او يستنطق الاحداث والحوار والاخراج. هو يتعامل مع قشرة العمل . ثانيا، ان هذا النوع من الكتابة ومن ضمن ما يتضمنه هو الايهام، ايهام القارئ برؤية ما لم يره، لان المشهد المسرحي حمال اوجه، اذ تتصارع فيه عناصر العمل المسرحي كاملة، ربما تنفع هذه العملية اكثر في السينما، لكن في المسرح الامر مختلف، فحركة الممثلين والحوار والديكور وفضاء المسرح المفتوح وزاوية نظر المشاهد .. كلها امور تبني المشهد في ذهن المشاهد، اما الكتابة الوصفية تُغيب بالتاكيد بعضا من هذه الامور، فيبدو المشهد ناقصاً بالمجمل. واذا ما افترضنا ان مشهدا جمع بين ممثلين وانتهى الحوار بينهما بكلمة ” حسنا” وهي كلمة قد تفيد بانتهاء الحوار والموافقة على ما قيل، وقد تعني ايضا ان هناك نية للرد على ما قيل .. وكلا الحالتين فيهما ما فيهما من امور، فاذا انتهى الحوار مثلا على مضض او قناعة تامة، او اذا كانت ” حسنا” ستولد حوارا اخر فانه سيعتمد بالتاكيد على الموقف من انتهائه. نحن هنا امام كلمة وتفرعاتها، فما بالك بمشاهد تعتمل فيها الحركة والحوار والاضاءة والموسيقى… وتشكل دورا مهما لبنائها.لاباس للنقد ان يتوقف عند التفصيل عند مشهد لتبيان حال معين، فالوصف جزء من النقد اذا اقتضت الضرورة ،ولكن ان يتحول الموضوع كاملا الى وصف للمشاهد، دون ان يربط بتحليلات او دلالات او مرجعيات العمل على مستوى الفكرة والاداء، اعتقد انه امر عقيم لايقدم نقدا حقيقيا، هو اقرب لتسميته بعرض ثقافي للعمل المسرحي وليس نقدا ادبيا.