کما کان عهد الرئيس الامريکي السابق باراك أوباما، عهد التوسع والصلافة الملفتة للنظر للنظام الايراني ولأذرعه في المنطقة وبشکل خاص جدا في العراق، فإن عهد الرئيس ترامب قد أصبح عهد الانعزال والانطواء على النفس والحذر والترقب، حيث کان واضحا ومنذ بداية العهد الجديد”الصادم” لطهران وأذنابها، إن شهر العسل القلق والمضطرب من أساسه مع عهد الرئيس السابق کانت فرصة ذهبية لو کانت طهران قد إستغلتها وإستفادت منها على أفضل مايکون ولکن يبدو واضحا بأن النظام الايراني کان ينظر للإتفاق النووي الذي أسرع أوباما في إبرامه قبل خروجه من البيت الابيض کنظرية النسبة الثابتة التي لايمکن تغييره، ولکن ومن دون شك فإن مراجعة ماقد نتج عن الاتفاق النووي للمجتمع الدولي من جانب وللنظام الايراني من جانب آخر، أعطى إنطباعا بأن المستفيد هو الطرف الاخير، والاهم من ذلك إن الاتفاق ليس لم يکبح جماح طهران نوويا فقط بل وفتح شهيتها للتوسع بصورة زرعت کل أنواع القلق والتوجس في المنطقة وساهمت في تقويض الامن والاستقرار فيها بصورة ملموسة.
حالة العزلة والانطواء والحذر والترقب لطهران وأذنابها، طرأ عليها ثمة تغيير لايمکن تجاهله بعد أن إندلعت الانتفاضات الشعبية في العراق ولبنان وإيران ذاتها وکان القاسم المشترك فيما بينها رفض النظام الايراني وأذنابها في المنطقة بل وحتى بات واضحا بأن الانتفاضة الايرانية قد سعت وبصورة أکثر من واضحة لإسقاط النظام ولاسيما بعد مهاجمة أکثر من 20 قاعدة عسکرية والهجوم على مراکز أمنية ودينية تابعة للنظام والاهم من ذلك إنه کان هناك دور قيادي بارز لمجاهدي خلق من خلال معاقل الانتفاضة التابعة لها في سائر أرجاء إيران والتي أثبتت قوة دورها وحضورها من خلال إعتراف النظام نفسه بذلك وتحذيره من ذلك بصورة مکررة، وهذا جاء في وقت صار المتظاهرون في العراق يعربون بصراحة بالغة عن رفضهم للتدخلات السافرة للنظام الايراني ويرفضون مرشحيه، ومن هنا، فإن النظام الايراني قد خرجوا من حالة العزلة والانطواء وإن قتل 1500 متظاهر إيراني وإعتقال 12 ألفا وجرح بضعة آلاف، قد کان بمثابة رسالة ذات طابع فظ من النظام للعالم والشعب الايراني وفي نفس الوقت فإن مهاجمة قاعدة”کيوان” في کرکوك صاروخيا والذي جاء بعد 20 يوما من استهداف معسكر لجهاز مكافحة الإرهاب في مطار بغداد وتوجد فيه قوات أسترالية وإسبانية وفرنسية وأميركية وأدى إلى وقوع إصابات بين الجنود، ولئن حاول النظام الايراني وأذرعه الإيحاء بأن داعش وراء تلك الهجمات لکن المعلومات الاستخبارية وآراء وتحليلات المراقبين رأت بأن داعش ليس لديه القدرات للقيام بهکذا هجمات لعدم إمتلاکه صواريخا وأسلحة متطورة کالتي تم تنفيذ الهجوم بها.
الهجمات العديدة التي إستهدفت القوات الاجنبية عموما في العراق والامريکية منها خصوصا، کانت أيضا وکما أسلفنا الذکر تعبيرا عن إنهاء فترة العزلة والانطواء والترقب على الرغم من إن لا النظام الايراني ولا أذرعه في العراق قد إمتلکوا الجرأة والشجاعة ليعلنوا بأنهم هم من نفذوا الهجمات، ولکن التصريحات والمواقف والاجتماعات الامريکية التي تم عقدها بعد الهجوم الصاروخي على قاعدة”کيوان”، کانت رسالة واضحة جدا للنظام الايراني وأذرعه في العراق، وإن الرد سيأتي حتما ولاسيما وإن الادارة الامريکية والعالم کله يراقب عن کثب بروز حالة الکراهية والرفض والمعاداة للنظام الايراني وأذرعه في إيران والعراق بصورة ملفتة للنظر، وفي کل الاحوال يبدو واضحا بأن إستهداف قاعدة”کيوان”، والذي يجب ترقب ماسيحدث بعده، لن يمر لا على طهران ولا على مليشياتها الشيعية في العراق بسلام، وسواءا کانت إستعجالا أم تخبطا من جانبهما فإنها فتحت بابا سيکون حتما من أبواب الجحيم خصوصا بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” قيام طائرات أميركية بشن غارات على مقار لميليشيات حزب الله العراقي التابعة للنظام الإيراني والتي هناك أدلة على تورطها في الهجمات ضد القوات الاجنبية والامريکية بشکل خاص في العراق، وهو ما أسفر عن سقوط عشرات قتلى وجرحى، من بينهم القيادي في المليشيات، أبو علي مدنية، وهذا اول الغيث ومن دون شك فإن النظام الايراني وأذرعه أمام إحتمالين وهما إما أن يکتفيا بالتصريحات العنترية في الرد على هذا الهجوم أو أن يدخلوا المسلخ الامريکي بأقدامهم!