عندما يتمّكن رئيس الجمهورية من انتزاع وسلب أهم حقّ لكم ولمكوّنكم ويجمع بين حقّ الترشيح وحقّ التكليف , فالعلّة ليست برئيس الجمهورية وحنكته ودهائه , بقدر ما هي بسبب غبائكم وفسادكم وأنانيتكم وعدم شعوركم بالمسؤولية الملقاة على عاتقكم .. ولو كانت لديكم ذرّة واحدة من الحرص والشعور بالمسؤولية , لما انتزع الآخرون منكم حقّ مكوّنكم وأصبحوا هم من يتّحكموا بهذا الحقّ .. إنّكم والله لأسوء من توّلى المسؤولية في تاريخ البلاد .. وكلّ الذي يحدث هو بسبب تخلّيكم عن الكتلة الأكبر وعدم تسميتها في جلسة مجلس النواب الأولى .. والمصيبة أنّ الذي أضاع حقّ تسمية الكتلة الأكبر وتسبب بهذه الفوضى السياسية لا زال يراهن على قيادته الخائبة لأهم وأكبر تكتل نيابي شيعي , ولا زال يعتقد أنّه القائد السياسي الأكثر حنكة ودراية وقدرة على تحقيق الممكن .. لا أريد أن استمربتقريعكم لأنّي أعرف مسبقا أنّ الشعور بالمسؤولية قد انتهى لديكم ولم يبقى منه سوى ذلك الجزء المتعلّق بمصالحكم الشخصية ومصالح أحزابكم .. فإذا كنتم حريصين فعلا على مصلحة مكوّنكم وتشعرون جدّيا بخطورة ما أقدم عليه رئيس الجمهورية من سنّة , فعليكم بالطريق الممكن الوحيد والأقصر لإيقاف هذه السنّة ..
الحديث عن جمع تواقيع من النواب لغرض إقالة رئيس الجمهورية الذي تعتبرونه قد تجاوز على الدستور وسلب منكم حقّكم في ترشيح رئيس الوزراء , هو حديث سخيف وعقيم ولا ينمّ عن أي وعي دستوري .. فإقالة رئيس الجمهورية عملية تكاد أن تكون شبه مستحيلة إن لم تكن مستحيلة في ظلّ هذا الانقسام السياسي .. ولو افترضنا جدلا أنّ الجميع متّفق على إقالة الرئيس , فإنّ إجراءات الإقالة تمرّ بثلاثة مراحل وتستغرق وقتا طويلا , وأهمّ هذه المراحل أن يدان الرئيس من قبل المحكمة الاتحادية العليا بإحدى الجرائم الثلاث التي حددّها الدستور .. وهذا أمر مستحيل بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا بحصر حق الترشيح برئيس الجمهورية .. وإذا كنتم فعلا متذّمرون من تجاوز رئيس الجمهورية على الدستور وسلبه حقّكم في ترشيح رئيس الوزراء .. فما عليكم إلا الذهاب إلى الطريق الأقصر والممكن والمتمّثل بحل مجلس النواب بموجب المادة 64 أولا من الدستور العراقي .. وهذا الطريق لا يحتاج سوى إلى طلب مقدّم من ثلث أعضاء مجلس النواب وتصويت بالأغلبية المطلقة على حل المجلس .. عندها سيكون رئيس الجمهورية مجبرا بموجب الدستور بالدعوة إلى انتخابات عامة للبلاد خلال مدة أقصاها ستون يوما .. إن لم يكن قد اتفق مع الأمريكان على سيناريو آخر في حالة حلّ مجلس النواب .. وبدون هذا الحل فإنّ الزرفي ماض في تشكيل حكومته , وقرار تكليفه أصبح دستوريا بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا .. وسيصوّت له معظم النواب الشيعة نكاية بكم وبخيبتكم .. ختاما أقول لكم إلعبوها صح مرّة واحدة في حياتكم