سامراء .. لا تعترف باثارها ..!؟

سامراء .. لا تعترف باثارها ..!؟
آخر تحديث:

بقلم:كاظم المقدادي

في زيارة سياحية قصيرة الى مدينة سامراء ، يفترض ان تكون زيارة سعيدة الى مدينة ، وصفها الحموي وابن بطوطة وغيرهما ب ( سر من رأى ) لكني وجدتها اليوم وكأنها ” ساء من رأى” . على الاقل في جانب الاهمال المتعمد لاثارها وقصورها وكنوزها المعمارية مثل قصر العاشق ، وقصر بلكلورا ، وسور اشناس ، وتل طولكان وغيرها .

سامراء هي العاصمة الثانية للخلافة العباسية التي اسسها الخليفة المعتصم على نهر دجلة ، بجانبه الشرقي في القرن التاسع الميلادي ، وجعلها قبلة للمسلمين والزائرين والرحالة والمبهورين .

لكن للاسف .. فأن سعادتنا انقلبت الى حزن ثقيل .. ونحن نشاهد هذه القصور والقلاع العباسية العظيمة ، التي تم انشاؤها على مدى اكثر من خمسين عام على يد الخليفة العباسي المعتصم ، وولده المتوكل ، ثم الخليفة المعتمد ، وهي بحالة مزرية .. على الرغم من انها ، تمثل اجمل ما وصلت اليه العقول المعمارية العربية المبدعة في تلك المرحلة التاريخية المهمة من تاريخ العراق ، من ابتكار مدهش في مساحات الفن الهندسي المعماري الفريد ، ومن البهاء والجمال والكمال .. بعد الحضارات القديمة .. سومرية وبابلية واكدية واشورية .

لحسن الحظ .. فأن الحركة السياحية عند “مأذنة الملوية” تسير بشكل منظم وجيد .. يدخل السائح العراقي من خلال بوابة خاصة .. وببطاقة للدخول بسعر ٣٠٠٠ الف دينار ، والسائح الاجنبي يدخل ب ” ٢٥ الف دينار” كما هو الحال بمتحف الاثار في بغداد .

لكن الكارثة والفجيعة كما بينت ، بوصولنا الى القصور الكبيرة والقلاع المدهشة ، ومنها ” قصر العاشق ” الذي اسعدنا منظره الرائع والجميل من بعيد .. و عند الاقتراب منه .. وجدناه للاسف في حالة مزرية ، من الاهمال ، لا اسوار تحميه .. ولا حمايات تحيط به ، ولا احد يصله ، الا الذين يدرسون تاريخ وأثار وعظمة بلاد مابين النهرين .. التي تحولت اليوم للاسف الى ” بلاد مابين النهبين ” .. فلا وزير الثقافة والسياحة والاثار ، يسأل عن حال اثاره ، ولا الحكومة تقدر عظمة تراثها .. على الرغم ان اليونسكو ادخلت مدينة سامراء في قائمة التراث العالمي كعاصمة للحضارة الاسلامية سنة 2007 .

الجميع ساهون ، وفي التراث والمال مبددون ، لاهثون وراء المناصب ، وبالمناكب يتدافعون ، حتى ظفروا ” بالثلث المعطل” ليعطلوا الحياة ، ومصالح الناس ، ولتنتعش من جديد .. التوافقية ، والمحصاصة ، والطائفية والمذهبية

والعشائرية والمحاصصة ، وصاروا يتباهون بالهويات الفرعية و بالبيوت الطائفية .. ولا احد يسأل عن حال البيت العراقي .

دخلنا ” قصر العاشق ” من بابه الرئيس .. فوجدناه وقد تجمعت حوله الاوساخ والنفايات ، وعلى جدرانه الكتابات .

ومثل هذه القصر الرائع ، قد يدر لمدينة سامراء اموالا طائلة ، تساعد على صيانة وادامة اثارها ، وتجعلها مكانا جميلا للسياحة المحلية والعالمية .. و يتوقف كل هذا على جهد متواضع من دائرة التصاميم في محافظة سامراء لتقوم بتعبيد الشوارع و المقتربات ، وانارتها ، وزرع اشجارها .. وسوف يسجل للمحافظة ويرفع من شأنها .

المحزن ايضا.. ان اهل سامراء ، غير مبالين بهذا الوضع المأساوي لهذه الكنوز من الاثار العراقية العظيمة .

لابد من الاشارة .. ان هناك عناية خاصة لمرقد الاماميين العسكريين ، وهذا امر مفروغ منه .. لكن لماذا لا تكون بالمقابل عناية مماثلة للقصور العباسية ، ام ان هناك من يمنع لجهل جاهل ، او لاسباب لايدركها العقل ..؟

كان من الاجدر بقوات الشرطة الاتحادية ، وسرايا السلام المعنية بحفظ الامن في سامراء .. ان تقوم بواجباتها وتنتشر شرطتها لحماية القصور من العبث والتخريب الذي يطالها كل يوم .

لم يبق لي الا ان اقول ( ان الامة التي لا تهتم بتاريخها وحضارتها وثقافتها .. هي امة جاهلة بكينونة استمرارها ) .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *