مَن الذي هندس قارَّاتِ العالم؟

مَن الذي هندس قارَّاتِ العالم؟
آخر تحديث:

ترجمة: د. فارس عزيز المدرس

  تعدُّ القاراتُ في المفهومِ المعاصرِ كُتلاً جغرافيةً متواصلة، تفصل بينها مساحاتٌ واسعةٌ مِن المياه، وعلى الرغم من أنَّ أصلَها قديم؛ إلا أنَّ الاتفاقَ على تحديدِها لم يستقرْ تاريخياً، ولم يُدرس كفايةً، والنظام القاريُّ السُباعِي لم يظهر بشكَّله النهائي حتى أواسط القرن العشرين، فلماذا؟.

   السوابقُ الكلاسيكية
على وفقِ رؤية المؤرخ البريطاني آرنولد توينْبي، كان التمييز القارِّي مِن ابتكار البحارة اليونانيين، الذين أطلقوا اسم أوروبا وآسيا على الأراضي الواقعة على جانبي الممر المائي الذي يمتدُّ من بحر إيجه وبحر مرمرة والبوسفور والبحر الأسود؛ إلى بحر آزوف. وكان هذا الممر جوهرَ النظام القاري الذي حدده اليونانيون، بوصفه الحدَّ الفاصل بين الكتلتين الأرضيتين في عالمهم. وبعدها أُضيفت ليبيا (أفريقيا) لتشكِّل مخططاً ثلاثيَ القارات. ومن غيرِ المستغرَب وقوعُ بحر إيجه في قلبِ المفهوم اليوناني للأرض؛ فآسيا كانت تشير إلى الأراضي الواقعة إلى الشرق منها، وأوروبا إلى المَناحي الواقعة إلى الغرب والشمال، وليبيا تمثِّل الأراضي الواقعة إلى الجنوب.
  كان الوضع الوسطي الذي احتلَّه الإغريق هو الشذوذ في هذا المخطط. ويرى توينبي: أنَّ سكانَ وسط اليونان استخدموا الحدودَ بين آسيا وأوروبا لانتقاد أقاربِهم الأيونيين؛ الذين كان خضوعُهم للهيمنة الفارسية يتناقض مع حريتهم، ومع ذلك لم يعدّ كلُّ اليونانيين أوروبيين. وكانوا يرون القارات ككياناتٍ ماديةٍ ذات محتوىً ثقافيٍّ أو سياسيٍّ ضئيل، وعندما كانوا يصدرون تعميماتٍ حول سكانِ القارات المختلفة يقصرون مناقشتهم على التباين بين الآسيويين والأوروبيين؛ بينما ليبيا كانت تعدُّ صغيرةً وقاحلة؛ ولا تستحق الاعتبار لديهم.
إنَّ النظامَ القارِّي الذي تبنَّاه الإغريق كانت له فائدة للذين لم تمتد أفقُهم الجغرافية أبعد مِن بحرِ إيجه، وشرق البحر المتوسط، وكان هيرودوت يشكِّك في النظام المكون مِن ثلاثة أجزاء. وإحدى السمات الإشكالية للجغرافية التي انتقدها هيرودوت كانت تقسيم آسيا وأفريقيا على طول نهر النيل، “وهو ما أدى إلى تمزيق وحدة مصر. وكانت آسيا وأفريقيا متجاورتين، سواء مع بعضهما أو مع أوروبا وكما قال: “هناك أمرٌ آخر محيِّر: لماذا أُطلِقَت أسماءُ ثلاث نساء على ما هو في الحقيقة كتلةٌ واحدة؛ ولم أتمكن مِن معرفة مَن وضع العلاماتِ على الحدود، أو من أين جاءت هذه الأسماء”.في عهد الرومان كانت تسمياتُ أوروبا وآسيا تُستخدم بمعنىً غيرِ رسميٍّ؛ لتعيين الأجزاءِ الغربية والشرقية من الإمبراطورية. وفي ما يتعلَّقُ بالمسائل العسكرية جرى استخدام مصطلح يوربنس بشكل أدق للمنطقة الغربية، كما استُخدمَ لفظُ آسيا للإشارة إلى قسمٍ سياسيٍّ من الإمبراطورية الرومانية في غرب الأناضول.
     العصور الوسطى وعصر النهضة
  لِما يقارب ألفي عام بعد هيرودوت؛ ظلَّ تقسيمُ الأرض إلى ثلاثة أجزاء يوجِّه خيال الأوروبيين، وقد تعزَّز المخطط القاري في أواخر العصور القديمة، عندما قام الكُتابُ المسيحيون برسم خريطةٍ لقصة خلفاء نوح. ووفقاً للقديس جيروم (توفي 420 م)، “أعطى نوح لكلٍّ مِن أبنائه الثلاثة (سام وحام ويافث) أحدَ الأجزاءِ الثلاثة (آسيا وأفريقيا وأوروبا) على التوالي”، وكان لهذا المفهوم الفضلُ في تفسير الحجم الأكبر للكتلة الأرضية الآسيوية بالإشارة إلى البكوريِّة التي لسام.
في حين أدرك أفضلُ الجغرافيين اليونانيين الطبيعة التقليدية للقارات، وأصرَّوا على أنَّ البحر الأحمر يشكَّل حدوداً أكثر ملاءمة بين آسيا وأفريقيا مِن نهر النيل؛ ومثل هذه التفاصيل غالباً ما ضاعت على نظرائهم في أواخر العصور القديمة والعصور الوسطى.وفي المقابل خلال الفترة الكارولنجية ( ملوك الفرنج الأوائل)، بدأ الإطارُ الموروث للجغرافية اليونانية يتراجع، وكان مصطلح أوروبا يُستخدم للإشارة إلى الحضارة في الأراضي الفرنجية في العالم اللاتيني.
أمّا الدراسات الجغرافية العلمية فكانت مسألةً أخرى؛ إذ احتفظ اليونانيون بنظرتهم الثلاثية للعالم، ولكنَّهم نقلوها إلى نموذج كوني تجريدي، متخلِّين عن ادعاء الدقةِ المكانية. وتعكس خرائط العصور الوسطى – التي تمثِّل الأرض بهيئة صليب – النظرةَ اللاهوتية لذلك العصر، وكان رمز الصليب يشير إلى المسطحاتِ المائية التي يُفترض أنها تقسِّم أوروبا وآسيا وأفريقيا.إنَّ الارتقاءَ بالمخطط القاري إلى مستوى الحقيقة كان مشروطاً بمنعطفٍ مهم؛ ففي القرنين الرابع عشر والخامس عشر كانت الجغرافية المسيحية في حالة تغيُّرٍ؛ إذ تسبَّبت الفتوحاتُ التركية على أطرافها الجنوبية الشرقية بتراجع المجتمعات المسيحية المتبقية في آسيا الصغرى، في حين كانت الغزوات المسيحية في الشمال الشرقي تقهر آخرَ مَعاقل الوثنية في منطقة البلطيق. وفي الوقت نفسه كان صعودُ الشعورِ الإنساني يشكَّل تحدياً للوحدة الثقافية للعالم الكاثوليكي، وقد اجتمعت هذه الظروف التاريخية لمنح المخطط القاري اليوناني أهميةً جديدة.  
ومع تراجع المسيحية في الجنوب الشرقي وتقدمها في الشمال الشرقي، أصبحت حدود المسيحية تتوافق بشكَّلٍ متزايدٍ مع حدود أوروبا اليونانية، ولكن لم يمضِ وقتٌ طويلٌ قبل أنْ يتوازن التوافق الجغرافي الجديد بين أوروبا والمسيحية مرةً أخرى؛ إذ أدت الفتوحات التركية المستمرة إلى جانب الانفصال النهائي بين التقاليد المسيحية الشرقية والغربية، إلى إخراج جنوبِ شرق أوروبا بالكامل تقريباً مِن مدار الحضارة الأوروبية التي كانت تتزايد هويتها الذاتية.
   العوالم القديمة والقارات الجديدة
ما إنْ عبرَ الأوروبيون المحيط الأطلسي حتى اكتشفوا أنَّ نظامَهم القاري الثلاثي لم يعد ملائماً، وكان لزاماً عليهم أنْ يأخذوا الأدلة التي تشير إلى وجود كتلةٍ أرضية “ جديدة”. ولكنَّ التحوُّل من نظامٍ قاري ثلاثيٍّ إلى رباعي لم يحدثْ مباشرةً بعد كولومبوس، فأولاً كان عليهم أن “يخترعوا” أميركا فكرياً؛ بوصفها أرضاً يمكن النظر إليها جغرافياً؛ إنْ لم يكن ثقافياً. وبحلول القرن السادس عشر نجح البرتغالي دوارتي ونظيره الألماني فالدسيمولر في رسم خريطة للأميركتين بوصفهما قارة، في حين كانت الأعراف الخرائطية في تلك الفترة تجعل الكتلةَ الأرضية الجديدة مثلَ أفريقيا أدنى مرتبة من آسيا وأوروبا.
إنَّ قبولَ وجودِ كتلة أرضية عِبر الأطلسي، يتطلَّب أكثر من مجرد إضافة قطعة جديدة إلى النموذج القاري، ففي المفهومِ القديم كان مِن المُعتادِ تصور أوروبا وأفريقيا وآسيا على أنها تشكَّل “جزيرة عالمية” واحدة مترابطة. وكان اكتشافُ سكانٍ بعيدين في الأميركتين مِن شأنه تحطيمُ جزيرةِ العالمِ إلى أشلاء لا رجعةَ فيها. لكنْ على مدى القرون التالية أصبح مِن الواضح أنَّ العلاقةَ الأساسيةَ بين الكتل الأرضية الرئيسة في العالم قائمةٌ على الانفصال، وليس التجاور، وبعبارةٍ أخرى تفكَّكت الفكرةُ اليونانيةُ عن التضاريس البشرية الموحدة إلى القارات المكونة لها.
انقسامات جديدة
وفي القرن الثامن عشر زعم ضابطٌ عسكريٌّ سويدي هو فيليب يوهان: أنَّ جبالَ الأورال تشكَّل الحاجزَ الأكثر أهمية، وقد أيَّد اقتراح فون بحماسٍ المثقفون الروس المرتبطون ببرنامج التغريب الذي تبنَّاه الإمبراطور بطرسُ الأكبر، وكان بوسع الروس التأكيدُ على الطبيعة الأوروبية للنواةِ الروسية التاريخية.
    المسيرةُ مستمرة في المخطَّطِ القاري
على الرغم مِن التقسيم القديم للأرض إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا – مع إضافة الأمريكتين لاحقاً، التي لم يجرِ تعريفها على أنها قارات قبل أواخر القرن التاسع عشر –  كان مصطلحُ القارة الذي يؤكد على الطبيعة المتجاورة للأرض المعنية يُستخدم في ترجمة المفاهيم اليونانية واللاتينية المتعلِّقة بالتقسيم العالمي الثلاثي.
إنَّ تقسيم العالم إلى قارتين يجبرنا على الاعتراف كما فعل هيرودوت، بأنَّ أوروبا وآسيا وأفريقيا ليست منفصلة حقيقة، والواقع أنَّ الجغرافيين الفطنين كانوا دوماً منزعجين مِن هذا التقسيم، ففي وقت يعود إلى عام 1680، أبدى مؤلف الأطلسِ الإنجليزي رأيَه قائلاً: “يبدو هذا التقسيمُ غيرَ منطقيٍّ؛ لأنَّ آسيا أكبر القارات؛ كما أنَّ أوروبا لا تشكَّل توازناً متساوياً مع أفريقيا”. وقد أصرَّ العديد من الجغرافيين الألمان في القرن التاسع عشر، ومن بينهم ألكسندر فون هومبولت على أنَّ أوروبا ليست سوى امتدادٍ لآسيا؛ ووافقهم على هذا الرأي العديدُ من الروس؛ المعارضين للمستشرقين الأكثر نفوذاً.
في أطالس القرنين الثامن عشر والتاسع عشر التي كانت تطبع وحداتِ العالم الرئيسة بحبرٍ ملوَّن مختلف؛ يمكن للمرء إيجادُ مخططاتٍ تقسيمٍ رباعية وخماسية وسداسية؛ واعتبار أمريكا الشمالية والجنوبية وحدةً واحدة أو وحدتين، بينما كانت أستراليا ملونةً أحياناً كجزء من آسيا، وأحياناً كجزيرة فحسب.
بنى مونتسكيو المفكر الجغرافي الرائد في عصر التنوير الفرنسي، نظرياته الاجتماعية على الفصل الجغرافي المطلق لأوروبا عن آسيا، وهو جوهر مخططِه القاري الرباعي. وعلى نحو مماثلٍ زعم كارل ريتر؛ الجغرافي الأكثر نفوذاً في منتصف القرن التاسع عشر: “إنَّ كلَّ قارةٍ تشبه نفسَها وحدها… وكلٌّ منها تشكَّلتْ على النحو الذي يجعلها تؤدي وظيفتها الخاصة في تقدم الثقافة البشرية”، وحاول تأسيس المخطط برمتِه على الأنثروبولوجيا الطبيعية، وبعد أنْ خلط بين القارات والأعراق، نظر إلى أوروبا بوصفها أرضَ البيض، وأفريقيا أرض السود، وآسيا أرض الصُفر، وأميركا أرض الحمر؛ وهذه فكرةٌ خبيثةٌ لا تزال عالقةً في مخيلةِ العامة.
ومع إضفاء الطابعِ الرسميِّ على النظام القاري في القرن التاسع عشر، أصبحت فئاتُه تكتسب طابعاً طبيعياً؛ حتى أصبح يُنظَر إليها ليس بوصفها نتاجاً لخيالٍ بشري قابلٍ للخطأ؛ بل بوصفها كياناتٍ جغرافيةٍ حقيقية “اكتُشِفَت” مِن خلال البحث التجريبي، ولقد ذهب بونبيري، وهو أحدُ أبرز دارسي الفكرِ الجغرافي في العصر الفيكتوري، إلى حدٍ وصفِ هوميروس بأنه “جغرافي بدائي” لفشلِه في إدراكِ “تقسيمِ العالم إلى ثلاثِ قارات”.  
وهذه قضية لا يختلف عليها المتعلمون، لكنَّ ما فقده الجغرافيون في القرن التاسع عشر هو إحساس هيرودوتس بأنَّ السببَ الوحيد لتقسيم أوروبا وآسيا على طول محور الشمال إلى الجنوب بدلاً من الشرق إلى الغرب هو العُرف. والواقع أن هيرودوتس ربما كان صاحب الحجةِ الأفضل وفقاً للمعايير العلمية.
  في القرن العشرين
في أوائل القرن العشرين استخدمت كتبُ الجغرافيا المنشورة في بريطانيا والولايات المتحدة، النظامَ القارِّي كإطارٍ تنظيمي لها، وخصَّصت فصلاً لكلِّ من هذه الوحدات “الطبيعية”، وعند مسحِ هذه الكتب تلاحظ انحرافات طفيفة عن النموذج القياسي. وفي كتابِ “الجغرافيا الإقليمية للعالم”، لـ ليونارد بروكس يتَّبع المخطط التقليدي، لكنَّه يخصِّص فصلاً إضافياً للجزر البريطانية وحدها. وهنا تتنازل المركزيةُ الأوروبية عن الصدارة لصالح المركزية البريطانية، مما يشير إلى ظهورِ قارة افتراضية جديدة في شمال الأطلسي.
ومع ذلك لم ينظرْ كلُّ الجغرافيين في أوائل القرن العشرين إلى القارات بوصفها تقسيماتٍ غير إشكالية؛ ففي كتابه “جغرافيا فان لون” الصادر عام 1937، يصف المخطط القاري بلمسةٍ خفيفةٍ ومرحة، وينظر إلى الترتيب القياسي على أنه يشمل خمسَ قارات: آسيا وأميركا وأفريقيا وأوروبا وأستراليا، ومثلُ هذه الفكرة ظَّلت شائعةً حتى الحرب العالمية الثانية، ولا يمكن أنْ يكون مِن قَبيل المصادفة أنْ تخدم هذه الفكرة التصاميم الجيوسياسية الأميركية في ذلك الوقت، التي سعَت إلى الهيمنةِ على نصف الكرة الغربي، والانفصال عن قارات العالم القديم: أوروبا وآسيا وأفريقيا.
 بحلول خمسينيات القرن العشرين، أصرَّ الجغرافيون الأميركيون على أنَّ الكتلَ الأرضية المتميزة بصرياً في أميركا الشمالية والجنوبية تستحق تسمياتٍ منفصلةٍ، وكانت هذه أيضاً المدة التي أُضيفت فيها القارةُ القطبية الجنوبية إلى القائمة، على الرغم من افتقارها إلى السكان. وعندما حلَّت أستراليا محل أوقيانوسيا بوصفها قارةً؛ إلى جانب سلسلة من الجزر المعزولة والمتصلة قارياً، سرعان ما اكتسب النظامُ الناتج عن القارات السبع قبولاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وعلى الرغم مِن التحيُّز الأوروبي للمخطط القاري الجديد، فقد جرى تصديره إلى العالم؛ من دون أيِّ استجابةٍ نقدية كبرى أو تعديل محلي، وقد جاءت التغييرات اللاحقة في المفاهيم العالمية اليابانية في أعقاب تلك التي حدثت في أوروبا؛ مع الفارق الواضح في أنَّ آسيا كانت تحتلُّ المرتبةَ الأولى دائماً.
ومن جانبهم تبنَّى جغرافيو العالم الإسلامي التقسيمَ العالمي الثلاثي للإغريق في وقت أسبق بكثير من الأوربيين، على الرغم من أنَّ القارات لعبت دوراً غير ذي أهمية في تصوراتهم للنظام الأرضي قبل القرن العشرين.
 أمَّا سكانُ جنوب آسيا ممن تأثروا بالمعتقدات الدينية الهندية، فقد استخدموا نظاماً مختلفاً للتقسيمات القارية، وهو نظامٌ يهتم بالتقسيمات الكونيِّة؛ أكثر من التقسيمات الجغرافية الطبيعية. ولكن مع انتصار الإمبريالية الأوروبية أصبحت النظرةُ الأوروبية لتقسيماتِ العالم تحظى بقبولٍ عالميٍّ تقريباً. وربما يختلف العلماء مِن بلدانٍ مختلفةٍ حول العددِ الدقيق للقارات؛ إذ لا يزال النظام القاري الخماسي مفضَّلاً؛ بدلاً من النظام السباعي، ولكن النظام الأساسي لم يلقَ معارضة قوية، ومع ذلك ظلت التقسيمات القارية القديمة قائمة بعناد في الصحافة الشعبية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *