آخر تحديث:
أهذه أنت يامصر
هادي جلو مرعي
كانت مصر تحكم بنظام ملكي لكنها كانت حاضرة في الوجدان وصورة معبرة عن الإعتدال لم يرهبها الأحتلال البريطاني والنزاعات الجانبية وكانت تعيش على الكفاف تغمسه بماء النيل وكان الادب ينمو والنهر يجري بالحياة والغناء تصدح به آلاف الحناجر من جبال الجنوب حتى شاطي المتوسط البعيد ،وكانت الصحراء كما الضفاف كلها مزهرة مونقة بالأمل برغم مصاعب الحياة والفقر والحرمان الذي يطبع حياة أهل الريف والمدينة لكن مصر كانت غنية بأشياء كثيرة لاتجعل الفقر مرئيا وإذا ظهر فهناك ادوات غلبة للشعب عليه ..والمصريون تعودوا الحياة والغناء لها وكانوا يبعثون كلماتهم مع الريح لتغازل الزوارق في النيل والسفن البعيدة في البحر ولم يعبأوا يوما بالتحديات وكانوا يناكفونها ويقهرونها بجسارة ولا يستسلمون ويردون بأغنية على كل نازلة .عندما جاء العسكر في العام 1952 خاف الناس منهم وخاف المغنون والمثقفون من الكتاب والشعراء لكنهم إنساقوا لأغاني أم كلثوم وعبد الحليم وقراءات القرآن والإعتدال الديني وحاربوا الإخوان المسلمين لأنهم كانوا يخشون تسلطهم الديني الأعمى حتى قال جمال عبد الناصر في حينه ،الإخوان مالهمش أمان ،لكنهم ظلوا في نزاع مع السلطة القائمة وتحالفوا مع قوى سياسية عدة وفشلوا في حراكهم ولم تسمح لهم الحكومات المتعاقبة بالنهوض والوقوف والتمكين من السلطة التي يحلمون بها على الدوام ،وكان عهد محمد أنور السادات عهد وئام وصدام وخصام وسجن وإبعاد حتى تم تصفيته وكان للإخوان حضور في ذلك.بقي الإخوان المسلمون في صراع مع نظام حسني مبارك وكان الكثير من المصريين يتعاطف معهم لأنهم يواجهون نظاما أمنيا قمعيا رغبوا لفترة طويلة في سقوطه وإنشاء نظام ديمقراطي أكثر تحضرا ومقبولية ولديه الرغبة في المشاركة وفسح المجال للشعب أن يكون حاضرا في صناعة القرار السياسي وبناء مشروع الدولة التعددية وهذا لم يحصل ولم يكن الناس في عناية لما بعد سقوط حسني لأنهم يركزون على فكرة التخلص منه ولو علموا ماسيحصل لهم من بعده لترددوا كثيرا قبل القيام والثورة عليه ولما تواجدوا في ميدان التحرير وهتفوا ( الشعب يريد إسقاط النظام ) .حصل إنقسام كبير في مصر بعد أن قفز الإخوان وركبوا الموجة وهتفوا ضد مبارك حين أيقنوا بنهايته ثم تدخلوا في الصغيرة والكبيرة وبدأوا ينسقون مع بعضهم وينظمون صفوفهم في مواجهة قوى ليبرالية لاتملك قواعد شعبية حقيقية وهي غير منظمة على الإطلاق وكان من السهل تحييدها وتسويقها الى الشعب ككيانات ممزقة لاتملك قوة ولافعلا ولاتأثيرا وليست لديها رؤية واضحة لمستقبل الدولة وماان جرت الإنتخابات حتى فاز الإخوان وتمكنوا من مصادرة الثورة ثم أنتخب احد زعمائهم ليكون رئيسا للجمهورية حيث سيمضي العام الأول على ولايته في 30 حزيران الجاري وسيستقبل ذلك بثورة جبارة عليه دعا لها العلمانيون والقوميون والمثقفون من شرائح مختلفة ومنهم المسيحيون والأقليات..ينتهي العام الأول بقتل الناس ،وفي ظاهرة خطيرة بسحلهم وتقطيع أوصالهم ..أهذه أنت يامصر؟