د.حميد عبدالله
انقضىْ عام 2014 من غير أن تقر موازنته، ومن غير أن يعرف العراقيون أين تبددت أموالهم!
صحونا على إفلاس بعد تخمة مالية ذهبت فوائضها إلى أفواه الديناصورات وجيوب الكواسج!
هدر غير محسوب وإنفاق غير مراقب والمال سائب ولعاب المتربصين به يسيل يميناً وشمالاً!
لا أحد يقدم لنا تفسيراً صريحاً صحيحاً واضحاً شجاعاً عن الذي جرى.. الجميع يبررون، ولن نقبض من الزوبعة سوى اتهامات وتنابز بالألقاب وتسقيط.. وكلها لا تغني ولا تسمن بل تعمق الفجيعة والنكبة!
غالبية وزراء المالية الذين تعاقبوا على المنصب بعد عام 2003 لا علاقة لهم بالمال، فأحدهم طبيب كسور والآخر روزخون والثالث هاوي سفر وغاوي مؤتمرات ومغرم بالتنظيرات ورابعهم مشغول بالإيفادات والملذات.. وليشرب الفقراء والمستضعفون ماء دجلة وإن لم يكفهم فأمامهم الفرات وإن لم يرتووا فليذهبوا إلى شط العرب!
رحم الله حسقيل ساسون أول وزير مالية في الدولة العراقية الذي بفضله أخذ العراق يسترجع واردات النفط بالباون الذهبي، بدلاً من العملة الورقية، بعد إصراره على هذه المعاملة مع الجانب البريطاني، برغم اعتراض أعضاء الوفد العراقي على ذلك.
كان ساسون منظم أول ميزانية في العراق وأول هيكلية لنظام الضرائب.
لقد طلب الملك فيصل من وزير ماليته العتيد مبلغ 20 دينارا عراقيا من أجل بناء مدرسة في الديوانية فرفض الطلب قائلاً “لقد أقرت الميزانية في البرلمان وليس هناك مجال للتلاعب فيها!!”.
لم يدبر الملك المكائد للإطاحة بساسون والمجيء بوزير آخر بالوكالة، بل شد على يديه وقال له طوبى لمهنيتك وحرصك!
لو كان وزير ماليتنا اليوم بصلابة ساسون ما سمح لأموالنا أن تهدر وتبدد ولوقف ببسالة وشجاعة وفضح من كان وراء نكبة الإفلاس التي نعيشها.
رحم الله ساسون، والرحمة للرصافي الذي نعاه قائلا:
نعى البرق من باريس ساسون فاغتدت
ببغداد أم المجد تبكي وتندب
تضجّ الملاهي وهو كالطود شامخ
فلم تلقه إلا من المجد يطرب
السلام عليكم