الصدر .. الطريق الصعب

الصدر .. الطريق الصعب
آخر تحديث:

 بقلم: أحمد صبري
لم يدُر بخلد خصوم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر استقالة نوابه من البرلمان أنها فتحت الطريق لخصمه الإطار التنسيقي الشيعي ليصبح القوة الرئيسة والأكبر في البرلمان بعد صعود الخاسرين بالانتخابات من اتباع الإطار خلفا لنواب الصدر المستقيلين.ولم يكتفِ الصدر بقرار استقالة كتلته البرلمانية (73) نائبا، وإنما انسحب من تحالف إنقاذ وطن المكوَّن من التيار الصدري والسنَّة والأكراد الذي وضعهما في موقف لم يستوعبوا تداعياته على المشهد السياسي والتحالفات المقبلة. فبعدما كان تحالف إنقاذ وطن يمتلك الأغلبية في البرلمان (202) نائب، تحوَّلت الصدارة في البرلمان إلى الإطار الشيعي بعد إزاحة الكتلة الصدرية عن طريقه في سعيه لتشكيل الحكومة، وتسمية رئيس الجمهورية على وفق شروطه.والسؤال الذي بات يؤرق المتابعين للشأن العراقي هو: لماذا تخلى الصدر عن فوز كبير وتحالف واسع لخصمه الذي استفاق على وقع مكرمة حوَّلته إلى اللاعب الرئيس في العملية السياسية ومستقبلها؟
الجواب ـ برأي المقربين من التيار الصدري ـ إن الصدر وصل إلى حائط الانسداد السياسي بعزوف خصومه عن الاستجابة لطروحاته لوقف الانهيار، وأراد أن يمنح خصومه فرصة لتجاوز محددات الانسداد السياسي من غير أن يدركوا أنها فرصة ضائعة، ولا تصنع موقفا ولا تفتح طريقا من دونه، لا سيما إذا استخدم خيار الشارع الذي يحتكم وينصاع لأي نداء صادر من الصدر في تعاطيه مع أي أزمة مقبلة.وعلى الرغم من أن جهودا تبذل من وسطاء لثني الصدر عن قراراته وتداعياتها المستقبلية، فإن هذه الجهود تصطدم بلاءات الصدر بتشكيل حكومة أغلبية سياسية ليست توافقية ومحاربة الفساد وتحقيق التوازن بالعملية السياسية، ومحاسبة من تسبب بالكوارث العسكرية التي مكَّنت داعش من السيطرة على ثلاث محافظات عراقية عام 2014.
وهذه اللاءات والإصرار على التمسك بها لتجاوز أزمات العراق عدَّها الإطار الشيعي موجهة لنوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق في تلك الفترة هي التي أدَّت إلى عدم التوافق على قواسم مشتركة لحل الأزمة السياسية.صحيح أن خطوة الصدر يدرك أبعادها السياسية خصومه الذين تعاملوا معها بحذر شديد، لا سيما الميليشيات المسلحة التابعة للإطار الشيعي التي تلوِّح هي الأخرى بخيار الشارع مصحوبا بالسلاح في أي مواجهة مستقبلية، وهو الأمر الذي سيدخل العراق برمته في أتون حرب ليست شيعية ـ شيعية، وإنما حرب أهلية تعيد العراق إلى تداعيات ما جرى بعد احتلال العراق.
وخيار الشارع مقابل شارع في ظل غياب رؤية تخرج العراق من محنته هي التي باتت تخيم على المشهد السياسي برمَّته، وتنذر بعواقب جرَّاء فشل الطبقة السياسية في إدارة شؤون العراق، وعدم قدرتها على الخروج من النفق ورؤية النور في نهايته.إن الصدر الذي يشهر سلاح الإصلاح والتغيير، والحفاظ على المال العام، بات على قناعة أن خصومه غير جادين ولا مستعدين للسير معا في طريق، رغم أنه وعر ومليء بالعثرات، لكنه ربما قد يؤدي إلى الخلاص وإنقاذ العراق من حال التخبط الذي يعيشه منذ احتلاله وحتى الآن.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *