النقد والإنتاج

النقد والإنتاج
آخر تحديث:

علي لفتة سعيد

للنقد تعريفات كثيرة حتى لا يكاد يستقر على تعريف محدد لكن ربما هو متعارف عليه أنه تفحص الشيء والحكم عليه وتمييز الجيد من الرديء، ويعرف بأنه التعبير المكتوب أو المنطوق من متخصص يسمى (الناقد) عن سلبيات وإيجابيات أفعال أو إبداعات أو قرارات يتخذها الإنسان أو مجموعة من البشر في مختلف المجالات من وجهة نظر الناقد. كما يذكر مكامن القوة ومكامن الضعف فيها، وقد يقترح أحيانا الحلول المناسبة لها، وقد يكون النقد في مجال الأدب، والسياسة، والسينما، والمسرح وفي مختلف المجالات الأخرى. قد يكون النقد مكتوبا في وثائق داخلية أو منشوراً في الصحف.ولهذا فإن السؤال الذي يطرح: هل هناك عقل نقدي عربي بحاجة الى نقد عربي أو هل هناك نقد له عقلية عربية؟.ولكن قبلها لا بد من القول إن النقد له منطقة أخرى غير متجاورة أو متساوقة أو سابقة أو مولدة مع النصّ، بل تأتي بعده.. بعد ما يحدث شيء أو ينتج نصًّا وهو ما يعني الحاجة الى نقد، ولهذا فإن النصّ الأدبي سابق للنص النقدي الذي يعد نصًّا لا يكون منتجًا بصفته خارج أطر الخيال بحسب وجهة نظري بل هو نصّ يتوالد مع مركزيات أخرى لا بد من توافرها.. منها وجود نص آخر.. لكنه من منطقة أخرى لا يكون النصّ النقدي نصًا هامشيًا أو هو النصّ المركزي في الوقت نفسه، بل هو قد يكون أعلى من إضاءة النصّ وأقل بروزًا من النص الأدبي.. بمعنى أنه نصّ مخادع إن صحّ التعبير لأنه نصّ يعتمد على مقدرة المنتج الناقد بكيفية تحريك أدوات نصّ آخر بحسب معرفياته وكيفية قدرته على استمالة تلك المعرفة وإسقاطها على النص.. من هذه النقطة يمكن لنا القول إنه لا توجد إمكانية لفصل العقل العربي النقدي عن العقل المركزي للتلقّي فيكون مكان النقد أعلى في دائرة التلقّي وفي دائرة الإنتاج، في حين النصّ الأدبي هو الذي يوجد في المركز، وما حوله من نصوصٍ أخرى بما فيها النقد والاستعراض والمتابعة والعرض.. ويكون النقد هنا قوّة ليست متعالية بدرجة مفهوم التعالي، بل هو في مكانةٍ جاذبةٍ لكل تأويلات الآخر واعتماده كمرجعية تفوق مرجعية النصّ..

إن العقلية النقدية العربية أو النقد العربي قد جعل من ثوابته انه يأتي أعلى من النصّ المنتج وإنه يسقط الضوء ويسلّطه، وإنه هو الذي يجعل النصّ قابلا للاتساع الإعلامي والتأشير عن مكان القوة والضعف فيه.. ولكن السؤال: هل النقدية العربية متخلّصة من التسلّط في كيفية الكشف عن النقاط المتناقضة في النص إيجابا أو سلبا؟ إن الاجابة هنا تحيلنا الى إعادة التعريف بما يخصنا كنقدٍ من أنه دراسة النصوص الأدبية في الأدب. وذلك بالكشف عمّا في هذه النصوص من جوانب الجمال فنتبعها، وما قد يوجد من عيوب فنتجنب الوقوع فيها.. إلّا أن الذي يحصل في العقلية النقدية العربية هو النقد أساس نجاح النص، ولذا يجعل الناقد من نصّه النقدي أعلى من النصّ الأدبي المنتج من المخيلة، إذا ما أضفنا تعريفًا آخر: إن النقد هو مجموعة علامات ودالات ثقافية مستخلصة من دراسات عن الأدب والنقد، بمعنى أنه نصّ لا يعتمد على المخيلة وهو بهذا إن أخطا فإنه يخطئ في روح الدراسة النقدية من دون التأثير على النصّ المنتج.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *