جولة بايدن في المنطقة – اهداف تكتيكية لمستقبل بعيد

جولة بايدن في المنطقة – اهداف تكتيكية لمستقبل بعيد
آخر تحديث:

بقلم:نهاد الحديثي

كتب الرئيس الأميركي جو بايدن مقالاً بجريدة «واشنطن بوست» تحت عنوان: «لماذا أنا ذاهب إلى المملكة العربية السعودية؟, و قال بايدن: «سأسافر إلى الشرق الأوسط لبدء فصل جديد واعد، وإن الرحلة تأتي في وقت حيوي بالنسبة للمنطقة وستعمل على تعزيز المصالح الأميركية المهمة,وشرح أنه يسعى إلى شرق أوسط أكثر أمناً وتكاملاً وأن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة يأتي بفوائد للأميركيين، وقال: «الممرات المائية في الشرق الأوسط مهمة للتجارة العالمية وسلاسل التوريد تعتمد عليها، موارد المنطقة من الطاقة حيوية للتخفيف من التأثير على الإمدادات العالمية للحرب الروسية في أوكرانيا ,, وكان البيت الابيض قد اعلن عن أول زيارة سيقوم بها الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إلى الشرق الأوسط في الفترة من 13 إلى 16 تموزالجاري , ومن المقرر أن يحضر قمة دول مجلس التعاون الخليجي في جدة، والتي يشارك فيها قادة مصر والأردن والعراق , ومن المتوقع أن تستغل الإدارة الأمريكية جولة “بايدن” للإعلان عن إجراءات جديدة لتعزيز العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج (منتدى أمني تشارك فيه إسرائيل والسعودية)، وهي خطوة من شأنها أن توضح استمرار التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة في مواجهة التهديد الإيراني, وربما يجري التوصل لتفاهمات غير معلنة لاستعادة الثقة بين دول الخليج والولايات المتحدة، وسيظهر ذلك في قرار دول الخليج الرئيسية بشأن الانضمام إلى جهود “بايدن” لخفض أسعار النفط , ومع ذلك، لا يزال من السابق لأوانه تقييم ما إذا كانت زيارة “بايدن” إلى المنطقة تعكس تغييرا استراتيجيا يتجلى في الإرادة والقدرة على إنفاق المزيد من الموارد في الشرق الأوسط، أم أن الزيارة لن تتجاوز الأهداف التكتيكية المتعلقة بالأزمة في أوروبا

ويعلق المحللون في واشنطن بأنه ستنشأ سياسة الولايات المتحدة في المنطقة من مبادئ السياسة الخارجية الأوسع: إعادة بناء النظام الدولي الليبرالي-الديمقراطي، الذي بنته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وتعزيز الديمقراطية في أرجاء العالم “من هونج كونج حتى السودان، ومن شيلي حتى لبنان، والانتصار في المنافسة الدولية حيال الصين وروسيا , ورغم تعلقها المتقلص بالنفط في الشرق الأوسط، لا تزال للولايات المتحدة مصالح متواصلة في المنطقة، مثل: أمن إسرائيل، والتدفق الحر للطاقة، ومنع التحول النووي لإيران، والحرب ضد الإرهاب، كما تسعى الولايات المتحدة إلى مزيد من التوازن بين مستوى التزامها الاستقرار والحرية والأمن في المنطقة وبين الغرق في المواجهات التي تقضم من القوة الأمريكية – لذلك، تُعد هذه الزيارة فرصة ممتازة لصياغة رؤية أمريكية للشرق الأوسط تُوازن بين المشاركة والانسحاب , ولا يزال صدى الانسحاب الكارثي للولايات المتحدة من أفغانستان يتردد لدى الدول الخليجية، التي استنتجت أن الولايات المتحدة لم تعد حليفا موثوقا به ولذلك، يجب أن تعزز زيارة بايدن ثقة الشركاء التقليديين بحسب موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤولين أمريكيين ، وينبغي له، خلال زيارته إلى المنطقة، تجنب التصريحات غير الرسمية التي قد تقوّض أي إنجازات إيجابية، وتجنب التدخل في سياسة إسرائيل، والإشادة علنا بأهمية “اتفاقيات إبراهيم” كإنجاز بارز لتعزيز الاستقرار الإقليمي، والتواصل مع تركيا لتشجيعها على التواصل مع إسرائيل، وتجنب إعادة التفكير في النماذج الفاشلة لسبل حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني

يبدو أن “بايدن” قرر تبني نهجا واقعيا بشأن الالتزام بالقيم، ورأى أن المصالح السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة تقتضي تغيير المسار وتوجد العديد من القضايا الشائكة على أجندة القمة الأمريكية السعودية، ومن المشكوك فيه أن يتم حل كل شيء في قمة رئاسية واحدة، حتى لو تم التحضير لها في جولة اجتماعات بين الطرفين في الأسابيع الأخيرة , ويمكن القول أن حرب أوكرانيا أجبرت الإدارة الأمريكية على تغيير أولوياتها، مما يفتح الباب أمام تحسين علاقات الولايات المتحدة مع دول المنطقة, وتمثل الحرب الروسية-الأوكرانية أولوية أمريكية في الوقت الحالي، ويُجمع كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري على أنه لا ينبغي إهمال الشرق الأوسط وإلا سيعود ليطارد الولايات المتحدة , كما تريد واشنطن تذكير العالم بأن الولايات المتحدة لا تزال تهتم بشؤون المنطقة وازدهارها وتريد أن تظل شريكا يساعد في توجيه المنطقة نحو مزيد من الاستقرار بما يعود بالنفع على الجميع.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *