جيب ليل وأخذ تغريدات

جيب ليل وأخذ تغريدات
آخر تحديث:

بقلم:واثق الجابري

بَرَزتْ في الآونة الأخيرة ظاهرة توالي الأخبار ليلاً، وتتناقل القنوات الفضائية والمواقع، عواجل الأخبار والقرارات الحكومية والتصريحات والتغريدات السياسية، وإجتماعات مفاجئة للقوى السياسية.

عاجل عاجل.. هكذا تناقلته كل القنوات الفضائية، يُشير الى أن رئيس مجلس الوزراء سيوجه خطاباً للشعب العراقي بعد قليل، وينتظر بعضنا متى هذا البيان، فيما يظهر العاجل أسفل الشاشة ويمنع كل الأخبار الآخرى، وبعد إنتظار 4 ساعات صدر البيان في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، ومعظم الشعب نائم.. فمنهم من لا يثق بالقرارات الحكومية، ويعتقدها لن تقدم ولا تأخر، وآخر كره السياسة، ومن نام ليستيقظ للبحث عن عمل صباحاُ، وآخرون لا علاقة لهم بما يحدث يتنقلون بين مواقع الترفيه والمطاعم، والأموال تصلهم دون عناء.

صار البرلمان العراقي هو الآخر يعقد جلساته بعد الرابعة عصراً، في أحسن الأحوال، ومعظم الجلسات أمست تعقد بعد وجبة العشاء، حتى سهر الشعب ليالي بإنتظار إقرار الموازنة، وإذا بها بعد ليلة طويلة تؤجل الى يوم آخر، لعدم إكتمال النصاب أو بالخلافات السياسية، وهكذا حال القرارات المهمة، إلاّ قوانين الملاحة والبذور والطيور المهاجرة، فأنه لا تكلف البرلمان عناء، فيما لا يرى منها الشعب تطبيق على أرض الواقع، أو أنها ليست من القوانين ذات الأولوية.

تتوالى التغردات على نفس الشاكلة، وتُبنى مواقف على تصريحات، من خلال برامج حوارية ضيوفها ساسة تعج بهم القنوات، التي تبحث عن إنتقاء مقاطع للإثارة، وهكذا سترد أطراف آخرى في الليلة التالية، ويبقى ليل العراق حصاد للمصائب وتقليب للآهات، وكأنهم يقولون: ” جيب ليل وأخذ عتابة” وصار الليل للتصريحات والتغرديات والقرارات، وكلام الليل يمحوه النهار!

إن الحكومة والبرلمان والهيئات المستقلة والدرجات الخاصة، كحال بقية المؤسسات، يعمل فيها مكلفون بالخدمة العامة، ويخضعون لقوانين الوظائف، وحسب التركيبة الإنسانية، فأن نشاطه يبدأ من الخامسة صباحاً ويتضائل بعد 12 ظهراً، حيث يبدأ الشخص بفقدان التركيز وقلة الإنتاج، والإستيقاض المتأخر عند معظم المسؤولين والنواب، حتماً سيؤدي الى أمراض وإرهاق كون نوم النهار لا يعوض الليل، فما بالك في مسؤولين يستمرون على ذلك خلال أربع سنوات، وسيصابون بالأمراض من أجل الشعب، ويتخلون عن صفة الوظيفة العامة بتحديد أوقات الدوام والإنصراف؟!

أنتشرت على أثر ذلك ظاهرة الكروبات، وتداول الأخبار العاجلة، وتبدأ النقاشات على ما هو حقيقي أو مفبرك، ويشتعل الجدل وتستمر الكتابة في بعض الكروبات الى الصباح، وبجدل محتدم وخروج أعضاء وتطاول وإتهامات، ” وجيب ليل وأخذ كتابة” وينتهي اليوم أو يصبح ما بعده عن ظنون وأخبار كاذبة ووعود لا تتحقق، وتذهب التصريحات والتغريدات أدراج الرياح..

يأتي يوم آخر بأزمات تتجدد وتشعل الأجواء ليلاً وتخفت نهاراً، وتكفي حرارة النهار وإنقطاع الكهرباء لإشعال النهار، وعند الليل تشتعل المواقع والقنوات الإخبارية، ويحترق معها قلب المواطن، ويبدو منهم من لا يريد راحة للعراقي ليل أو نهار، وحتى النوم تتغلغله الكوابيس، ومن أمل لقرار جديد، نصبح ونمسي على كارثة سياسية، وتغريدة أو تصريح أو قرار يقلب كل الموازنين والحسابات.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *