عندما يكون المجرم هو الحكومة !!! .. الجزء الثاني

عندما يكون المجرم هو الحكومة !!! .. الجزء الثاني
آخر تحديث:

بقلم:اياد السماوي

في الجزء الأول من مقالنا هذا كنّا قد نقلنا للرأي العام والشعب العراقي جزء من تقرير ديوان الرقابة المالية الخاص بأعمال الرقابة والتدقيق التخصصي على سياسة وزارة الصحة والبيئة في توفير وتطبيق متطلبات الوقاية والسلامة المهنية في المؤسسات الصحيّة الحكومية .. لنثبت للرأي العام والشعب العراقي أنّ حريق مستشفى أبن الخطيب في بغداد والذي تجاوز عدد ضحياه المائة وثلاثون ضحية حسب ما تناقلته وسائل الإعلام حتى اللحظة , هو جريمة تسبب بها فساد الجهاز الإداري في وزارة الصحة والبيئة .. في هذا الجزء من المقال سنضع أمام الرأي العام والشعب العراقي والقضاء العراقي , أهم النتائج التي خرج بها تقرير ديوان الرقابة المالية الذي يثبت أنّ ما حدث في مستشفى الخطيب من مأساة مروعة , هو إهمال متعمّد سببه الأول والاخير فساد الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق , حيث شّكل هذا التقرير إدانة كبرى للنظام السياسي القائم الفاسد .. وهذه بعض نتائج هذا تقرير ديوان الرقابة المالية وليس جميعها ..

أولا : عدم وجود منظومات اطفاء ذاتي في جميع المستشفيات التي تمّ زيارتها والتي بإمكانها السيطرة على الحرائق بصورة صحيحة , خاصة في الردهات والأقسام والشعب التي لا توجد فيها أجهزة طبية ومختبرية تتأثر بالمياه .

ثانيا : عطل أغلب منظومات الإنذار المبّكر للحريق وعمل البعض الآخر بشكل جزئي في بعض أجزاء المستشفى بالإضافة إلى عدم وجودها في بعض المستشفيات مما يؤثر سلبا على سرعة السيطرة على الحرائق وكذلك سرعة إخلاء المرضى والمرافقين من ردهات وأقسام وشعب المستشفى مما يقلّل من الخسائر البشرية والمادية .

ثالثا : قلّة عدد المطافئ في المستشقيات التي تمّ زيارتها , حيث لاحظ فريق العمل عدم تناسب أعداد المطافئ مع مساحات تلك المستشفيات والسعة السريرية خصوصا للمستشفيات ذات الإنشاء الأفقي .

رابعا : سوء توزيع المطافئ في بعض المستشفيات حيث لاحظ فريق العمل عدم مراعاة نوع المطافئ وما يتلائم مع المواقع التي تمّ توزيعها , مثلا تمّ وضع مطافئ المسحوق الباودر قرب خزانات الوقود التي تحتاج إلى مطافئ الرغوة والتي من خصائصها تكوين طبقة عازلة قوية فوق سطح السائل المشتعل , ولا تتفكك بسهولة وذلك لعزل الأوكسجين عن السائل المشتعل , وبالتالي اطفاء الحريق الناتج عن الوقود السائل .

خامسا : عدم إجراء الفحص الدوري وإملاء مطافئ الحريق ضمن الجدول الزمني الخاص بالفحص في بعض المستشفيات مما يؤدي إلى صعوبة السيطرة على حوادث الحريق نتيجة عدم إملاء وفحص تلك المطافئ .

سادسا : عدم وجود خراطيم المياه الخاصة بالاطفاء في بعض المستشفيات وعطل البعض الآخر مما يشّكل صعوبة في السيطرة على الحرائق في حالة حدوثها ومنع انتشارها .

سابعا : على الرغم من وجود خراطيم المياه الخاصة بإطفاء الحراق في ( 54% ) من عيّنة المستشفيات التي تمّ زيارتها إلا أنّ فريق العمل أشّر عدم ملائمة تلك الخراطيم مع مساحات أبنية بعض المستشفيات .

ثامنا : عدم وجود مستلزمات اطفاء متكاملة ( بدلات حريق , أقنعة غاز , أحذية سلامة , كفوف , معاول وفؤوس وغيرها ) في بعض المستشفيات التي تمّ زيارتها , مما يشّكل صعوبة بالسيطرة على الحريق بالإضافة إلى خطر تعرّض رجال الأطفاء إلى الحرق بسبب عدم توّفر مستلزمات السلامة الخاصة بالحريق .

تاسعا : قلّة عدد أعضاء الدفاع المدني المدربين من قبل مديرية الدفاع المدني في أغلب المستشفيات التي تمّ زيارتها خصوصا الخفر في الدوام المسائي حيث يخصص شخص واحد فقط , مما يشّكل صعوبة في السيطرة على الحرائق في حالة حدوثها .

عاشرا : عدم وجود سلالم طوارئ خارجية في بعض المستشفيات التي تمّ زيارتها , بالإضافة إلى عدم كفاية البعض الآخر مقارنة بمساحة المستشفيات , ممل يشّكل خطرا على حياة المراجعين والمرافقين والكادر العامل داخل المستشفى في حالة حدوث حريق أو أي حالة طارئة أخرى لصعوبة إخلاء تلك المستشفيات .

إحدى عشر : خلافا للمادة ( 33 ) من قانون الدفاع المدني رقم ( 44 ) لسنة 2013 والخاصة باستحصال موافقة مديرية الدفاع المدني العامة عند القيام باستحصال إجازة البناء , حيث لم تقم وزارة الصحة باستحصال تلك الموافقات عند قيامها بإنشاء أبنية إضافية , وكذلك عدم مراعاة تدابير الوقاية والإنذار من الحريق ووسائل الإطفاء .

إثنى عشر : استخدام مواد البناء الجاهز ( السندويج ) في إنشاء أبنية وأقسام وشعب وردهات بعض المستشفيات , مما يشّكل خطر حدوث الحرائق وصعوبة السيطرة على انتشارها لما تمتاز به العوازل المستخدمة في هذه المواد من قابلية الاشتعال السريع .

ثلاثة عشر : ضعف إجراءات السلامة الخاصة بالمولدات الكهربائية في بعض المستشفيات مما يشّكل خطر حدوث الحرائق ..

أربعة عشر : عدم مستلزمات السلامة الخاصة بخزانات الوقود الرئيسية في أغلب المستشفيات التي تمّ زيارتها .

هذه بعض من نتائج تقرير فريق العمل الذي قام به ديوان الرقابة المالية سنة 2017 بعد مأساة حريق جناح الخدّج في مستشفى اليرموك والذي ذهب ضحيته ثلاثة عشر من الأطفال الخدّج .. وكان من المفترض بعد صدور هذا التقرير التخصصي أن تقوم وزارة الصحة والبيئة بالعمل على تلافي جميع الملاحظات التي وردت في التقرير , حفاظا على أرواح الناس ومنعا لتكرار حوادث الحريق في المستشفيات العراقية , والتي ضربت أرقاما قياسية لم تحدث في أفقر بلدان العالم .. فبعد صدور تقرير ديوان الرقابة المالية التخصصي الذي اشار إلى عدم توفير وتطبيق إجراءات الوقاية والسلامة المهنية في جميع المؤسسات الصحيّة العراقية وعدم تلافيها من قبل المسؤولين الذين تعاقبوا على رئاسة وزارة الصحة , والتي أدّت إلى حدوث هذه الكارثة المروّعة في مستشفى أبن الخطيب , فإننا نطالب القضاء العراقي بالقيام بواجباته بحماية أروح الناس , وإحالة جميع المسؤولين الكبار في وزارة الصحة والبيئة إلى القضاء العراقي بتهمة الإهمال العمد بإحراءات الوقاية والسلامة إلى القضاء العراقي , وإنزال أقصى العقوبات بحقهم ليكونوا عبرّة لكلّ فاسد تسبّب في إزهاق حياة الناس .. كما ونطالب رئيس الوزراء الحالي بتقديم استقالة حكومته فورا بعد هذه الفاجعة التي ألّمت بالعراقيين , والاعتذار لذوي الضحايا بالعمل وليس بذرف دموع التماسيح وإصدار القرارات المضحكة باعتبار الضحايا هم شهداء .. ختاما أقول لذوي الضحايا والشعب العراقي .. لا عزاء لكم أيها العراقيون ما لم تقتلعوا هذه العصابات التي تقود السلطة في البلد ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *