آخر تحديث:
بقلم:فاروق يوسف
هل يعلن العالم عن شعوره بالذنب لأنه لم يكتف بإدارة ظهره لأهل غزة بل ساند الحرب عليهم وقدم لها كل وسائل الدعم المادي والترويج العالمي لحكايات تلك الحرب من وجهة نظر المعتدي لا من وجهة نظر الضحية؟محت دول مثل فرنسا والسويد زمنا يناهز السنة وعدة شهور كانت فيه أشبه بالحليف الذي هو على استعداد ليكون جزءا مباشرا من تلك الحرب، لتظهر استهجانها لاستمرار الحرب التي لم يعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يطيق سماع أخبارها من غير أن يجرؤ على الاعتراف بأنها ما كان لها أن تكون بذلك الحجم المدمر والنزعة الوحشية لولا الدعم الاستثنائي الذي تلقاه سفاحها من الإدارة الأميركية.
سيقال على سبيل المغالطة إن ترامب لم يكن رئيسا يوم السابع من أكتوبر 2023. سيُقال إن دول الاتحاد الأوروبي انجرت وراء الموقف الأميركي المتطرف وهي تحت تأثير صدمة ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم. سيُقال أيضا إن طوفان الأقصى الذي يثق الغرب كله بأنه كان صناعة إيرانية قد كان بمثابة امتحان عسير للدفاع عن وجود إسرائيل باعتبارها طفله المدلل.لن يعتذر الغرب عن مساهمته في إبادة شعب أعزل ولن تكون كل التصريحات المنددة باستمرار الحرب والتي صارت تأتي من الغرب كفيلة بإعادة أسباب الحياة في بلاد ذهبت إلى الجحيم
كل تلك الأقوال لا تعبّر عن رؤية سياسية عميقة في تحليلها لما حدث من انفجار، كانت غزة مساحته المباشرة لكنه في حقيقة جذوره إنما يعبّر عن حجم الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون وهم يرون أن قضيتهم تُمحى بطريقة ممنهجة، فيتم نسف كل القرارات الأممية التي تتعلق بها من أجل أن يتم تحويلها إلى مسألة إنسانية، يمكن أن تحلها منظمات الإغاثة والمعونات التي تصل إلى الفلسطينيين عن طريق إسرائيل وما من طريق آخر لها.
وإذا ما كانت الولايات المتحدة قد عبّرت عن خصومتها مع الشعب الأميركي من خلال سحب مساهمتها في تمويل وكالة غوث اللاجئين “الأونروا” فإن دول الاتحاد الأوروبي كانت على إطلاع مباشر على عمق الهوة التي تفصل بين ما هو سياسي وما هو إنساني. كان حضورها الإنساني قويا غير أنها ظلت عاجزة دائما عن لعب دور أساس في المسألة السياسية على الرغم من أن اتفاق أوسلو، على سبيل المثال، كان في الجزء الأكبر اختراعا أوروبيا.
لم تكن أوروبا باستثناء بريطانيا على خصومة مع الفلسطينيين، غير أن ما حدث في السابع من أكتوبر قلب كل المعادلات رأسا على عقب. هناك قوى يمينية صارت تتقدم في أوروبا لتهيمن على السلطة في عدد من دولها أو تكون قريبة منها في دول أخرى. تلك قوى لا تنظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية شعب مهدد بوجوده على أرضه بقدر ما تنظر إلى ما يجري باعتباره صراعا سياسيا يجب عليها أن تقف فيه إلى جانب الطرف الأقرب إليها فكان عليها أن تعمل على تصديق كل ما يقوله بنيامين نتنياهو باعتباره مرآة للواقع.
ما يفعله الغرب اليوم هو نوع من المصالحة التي يحتاجها من أجل أن يخرج من تلك الحرب القذرة نظيفا