قيمة الإنسان عندنا وعندهم

قيمة الإنسان عندنا وعندهم
آخر تحديث:

بقلم :ضحى عبد الرحمن

ارسل لي أحد الأصدقاء فلما عن عائلة في استراليا فقدت ابنها الصغير قبل أيام والذي لا يتعدى العشر سنوات من العمر، وكانت العائلة تسكن في منطقة غابات، والمشكلة ان الطفل يعاني من حالة التوحد، ولا يستطيع الكلام. اتصلت العائلة بالشرطة بعد ان عجزت عن العثور عليه. استنفرت الشرطة قواتها، واستعانت بقوة من الدفاع المدني، وقوة بحث برية، وطائرات سمتية، وفتحت مقرا مؤقتا في منطقة الغابات، وبعد عملية بحت مستمرة ومشقة، تمكنت إحدى الطائرات العائدة للدفاع المدني من العثور على الطفل وهو واقف قرب بركة ماء بشرب من مياه الأمطار، وكان الطقس باردا جدا، تابع الشعب الإسترالي الموضوع من بدايته وهو يأمل بأن يتم العثور على الطفل، وكانت وسائل الإعلام الإسترالية تتابع الموضوع أول بأول، وكانت الشرطة وقوات الدفاع المدني تزويد الشعب بكافة إجراءلتها، وتؤمله بالعثور على الطفل، وعندما أزفت الشرطة خبر العثور على الطفل تلاقت دموع العائلة مع دموع الشعب الإسترالي، الذي غمرته الفرحة بعودة الطفل الى عائلته، علما ان الطفل الإسترالي من أصل لبناني.
قارنوا بين الطفل العراقي وهذا الطفل الاسترالي، اطفالنا بما يقارب (7) مليون طفل متسرب من المدارس أو أمي لا يعرف القراءة والكتابة.
مئات الآلاف من أطفالنا يقفون طوابيرا في الأسواق والإشارات الضوئية يستجدون المارة عسى ان يحصلوا على بعض المال، ومنهم من يغسل الزجاج الأمامي للسيارة بغض النظر عن رغبة السائق. او يبيع العلكة او المناديل الورقية. او تستغلهم مافيات متخصصة بالتعاون مع قوات الأمن العراقية.
مئات الآلاف من أطفالنا يفترشون الشوارع ويبيعون مواد بسيطة لمساعدة عوائلهم على شطف العيش.
مئات الألاف من أطفال العراق يعملون اعمالا قاسية لا تتناسب مع أعمارهم، ولا مع قواهم الجسمية، يستغلهم اصحاب المعامل الأهلية.
الآف الأطفال يجمعون الأوراق والبلاستيك من مكبات النفايات لبيعها وإعادة تدويرها، وقد حذرت الأمم المتحدة من مصير أطفال العراق، والحكومة طرشاء ليس لها حيص ولا بيص، بل احيانا تتهم المنظمات الدولية بأن تقاريرها تفتقر الى الدقة.
انظروا الى إهتمام الحكومة الإسترالية بالأطفال، وكيف إستنفرت كل القوات للمساعدة في العثور على الطفل، هذه هي قيمة الإنسان في دول الكفر، ولا حاجة الى مقارنتها بدول الإسلام. الأغرب منه ان العراق عضو في إتفاقية حقوق الطفل، ولا أعرف كيف قُبلت عضويته في ضوء تلك الإنتهاكات والخروقات المستمرة للأطفال؟
إن كانت الديمقراطية في العراق بهذه النتائج الكارثية، فالعودة الى الدكتاتورية أرحم بكثير، اليس من المفروض أن ندس نعالا متهالكا بفم أي مسؤول عراقي يتحدث عن الديمقراطية في العراق، او حقوق الإنسان العراقي؟
كلمة أخيرة للميليشيات الولائية، انتم تعرفون كيف تضحي الأسرة العراقية بكل شيء من أجل تربية اطفالها وتأهيلهم للمستقبل، وخدمة الوطن، وانتم بكل بساطة تغاتلون شبابهم وتطوعون أطفالهم في ميليشياتكم الإرهابية، تغتالون كل من يحب وطنه، ويبحثون عن هوية في هذا الوطن المنكوب. الا لعنة الله عليكم، اين أوصلتم العراق، وكيف فتكتم بأطفاله وشبابه، ورملت نسائهم ويتمتم الأطفال.
واقول للمرجعية الدينية أين أنتم مما يحدث للعراق وطنا وشعبا؟ صحيح أنتم أجانب، ولكنكم تعيشوا في العراق وترتزقوا من المستحمرين والجهلة، ؟ هل تقرأوا مثل هذه الأخبار عن بلاد الكفار؟ وهل أنتم من تمثلوا الإسلام ام دول الكفار؟
هل كان ابن جبير على حق عندما وصف العراقيين بقوله ” دار السلام: وأما أهلها فلا تكاد تلقى منهم الا من يتصنع بالتواضع رياء، ويذهب بنفسه عجبا وكبرياء، يزدرون الغرباء، ويظهرون لمن دونهم الأنفة والإباء، ويستصغرون عمن سواهم الاحاديث والأنباء، قد تصور كل منهم في معتقده وخلده أن الوجود كله يصغر بالاضافة لبلده، فهم لا يستكرمون في معمور البسيطة مثوى غير مثواهم، كأنهم لا يعتقدون أن لله بلادا أو عبادا سواهم، يسحبون أذيالهم أشرا وبطرا، ولا يغيّرون في ذات الله منكرا، يظنون أن أسنى الفخار في سحب الإزار، ولا يعلمون أن فضله، بمقتضى الحديث المأثور، في النار، يتبايعون بينهم بالذهب قرضا، وما منهم من يحسن الله فرضا، فلا نفقة فيها الا من دينار تقرضه، وعلى يدي مخسر للميزان تعرضه، لا تكاد تظفر من خواص أهلها بالورع العفيف، ولا تقع من أهل موازينها ومكاييلها الا على من ثبت له الويل في سورة التطفيف، لا يبالون في ذلك بعيب، كأنهم من بقايا مدين قوم النبي شعيب. فالغريب فيهم معدوم الإرفاق، متضاعف الإنفاق، لا يجد من اهلها الا من يعامله بنفاق، أو يهش اليه هشاشة انتفاع واسترفاق، كأنهم من التزام هذه الخلة القبيحة على شرط اصطلاح بينهم واتفاق، فسوء معاشرة أبنائها يغلب على طبع هوائها ومائها”. اترك الأمر لكم!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *