عمان/شبكة أخبار العراق- في القاعة التي اكتظت بالحضور من الفئات العمرية والأطياف كافة، قدم الشاعر السوري أدونيس أمسية شعرية في العاصمة الأردنية عمان، قرأ فيها قصيدتين من أعماله تحية للأندلس ويافا وتحية للمرأة، حبا وجسدا.الفعالية التي نظمتها مؤسسة عبد الحميد شومان ضمن ليالي الشعر العربي، تأتي بالتعاون مع مؤسسة وتر للثقافة والإبداع. قاعة شومان التي في العادة لا يمتلئ نصف كراسيها، افترش فيها الحضور الأرض، ومنهم من اختار الوقوف، مرحبين بقدوم أدونيس بالتصفيق الحار.وفي تقديم الشاعر أدونيس قال الشاعر الأردني جريس سماوي: أدونيس… المتمرد الثائر الثابت المتحول في آن، فهو الثابت على فكره ومعتقده الأدبي والفكري، والمتحول دائما باتجاه التفوق والتطور على الذات، لا يركن إلى حالة واحدة ثابتة، بل يلح في تجاوزها. هذا الذي ابتدأ من أول الجسد وانتهى إلى آخر البحر، أدونيس أحمد علي سعيد أسبر… يرق لي تمردي فأشتهي تمردا على التمرد.وأضاف “اختار من الأسطورة السورية القديمة اسمه الأدبي أدونيس ليُعرف به، نشأ وفي قلبه حب سوريا الطبيعية وكتب وفي قلبه حب الإنسان والعالم، جدلي بامتياز، إذ أنه لم يأت ليلقي سلاما على الأرض، بل نارا ويريد اضطرابها، منذ وقفته الأولى أمام الشعر، ووقفته الثانية أمام السياسية والحزب ودخوله السجن بسبب ذلك، حتى محطته التاريخية في مجلة شعر هو ويوسف الخال وغيرهم، عام 1957 ومجلة مواقف 1969 وهو يبحث في ذاته الإنسانية والقومية من أجل أن يسوغ القصيدة الجديدة. ما يميزه منذ ديوانه أغاني مهيار الدمشقي هو هذه الجدة والحداثة التي يتسم بها نصه، إنها الدهشة التي تجعلنا نقف مشدوهين أمام اللغة، إنها المفاجأة ونحن ، نقرأ الكلام، الأدونيسية التي أصبحت مدرسة في الشعر”.في قصائده الأولى وأوراقه التي بعثرتها الريح يبحث وينقب كعالم طبيعيات ماهر، يبحث في كتب التاريخ والوثائق القديمة والمخطوطات عن معنى للشعر والحياة، ويتابع سماوي حديثه :ففي ديوانه الشهير الكتاب كتبه بأسلوب جديد غير مألوف، حيث وضع النص الشعري في فضاء الصفحة في ثلاثة أشكال، المتن والحواشي والهامش، ومكّن القارئ من قراءة الصفحة من حيث يشاء، بحيث يبدأ في قراءة النص الأصلي أو المتن أو الهوامش، فيختلط النص بالهامش والحاشية مستخدما طرائق النساخ والوراقين القدماء.يعد أدونيس من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل. فمنذ أغاني مهيار الدمشقي، استطاع بلورة منهج جديد في الشعر العربي، يقوم على توظيف اللغة على نحو فيه قدر كبير من الإبداع والتجريب تسمو على الاستخدامات التقليدية، مندون أن يخرج أبداً عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية. وقرأ أدونيس في الأمسية مختارات من 3 مراحل، هي قصيدة “مقدمة لتاريخ ملوك الطوائف” التي كتبها عام 1971 وهي مستلهمة من رمزية الأندلس، وتتحدث عن فلسطين وفيها استشهادات مما كتب عن الأندلس في ذلك الوقت. والقصيدة الثانية الوقت مبينا أن الخاتمة ستكون تحية للمرأة حبا وجسدا. وقبل أن يبدأ قراءة الشعر قال “اعذروني إذا قلت أخشى أن يأتي وقت لا أظنه بعيدا يُتهم فيه بالكفر والزندقة كل من يتحدث عن فلسطين”.
ومن قصيدته التي ذرف الدموع عند قراءتها:
أحارُ، كل لحظة أراكٍ يا بلادي في صورةٍ ..
وعليّ يسأل الضوء، ويمضي
حاملاً تاريخه المقتول من كوخٍ لكوخ :
علموني أن لي بيتاً كبيتي في أريحا
أن لي في القاهرة
أخوة، أن حدود الناصرة
مكة.
كيف استحال العلم قيدا؟
ألهذا يرفض التاريخ وجهي؟
ألهذا لا أرى في الأفق شمساً عربية؟
آه ، لو تعرف المهزلة
سمّها خطبة الخليفة أو سمّها المهرجان
ولها قائدان
واحدٌ يشحذ المقصلة
واحدٌ يتمرّغ.. لو تعرف المهزلة
كيف، أين انسللتَ
في حصار المذابح.. ماذا، قُتلتْ؟
أنظر الآن كيف انتهيتَ ولم تنته المهزلة
مُتَ كالآخرين
مثلما ينشج الدهرُ في رئة السالفين
مثلما يكسر الغيم أبوابه القزحية
مثلما يغرق الماء في الرمل أو تُقطع الأبدية
عنق القبّرة
كنتَ كالآخرين، انتهيتَ ولم تنته المهزلة
كنتَ كالآخرين – ارفضْ الآخرين
بدأوا من هناك ابتدئ من هنا
حول طفل يموت
حول بيت تهدم فاستعمرته البيوت
وابتدئ من هنا
من أنين الشوارع من ريحها الخانقة
من بلادٍ يصير اسمها مقبرة