لا جدال في أن نظام صدام قد سقط بدبابات أميركية خالصة، ولكن بمعونة إيرانية وسورية أسدية انتهازية لا ينكرها الحكام الإيرانيون أنفسهم، بل يباهون بها على الدوام.ومنذ العام 2003 والقاصي والداني من العراقيين يعتقد بأن الصراع الدامي بينالأحزاب الموالية لإيران ومليشياتها وبين الأحزاب والتجمعات والتيارات القومية والدينية والطائفية السنية هو السؤول عن الخراب والدمار اللذين شهدهما الوطن العراقي، دون ريب.وكان أكثر العراقيين يعتقدون، إلى عهدٍ قريب، بأن إيران متضررة، مثلهم تماما، من تسلل عصابات القاعدة إلى مدن العراق وقراه، ومن جرائم عصابات الزرقاوي ومن بعدها االدواعش، وبأنها جادة، قولا وعملا، في حربها على الإرهاب، ومخلصة تماما في مساعدتها للشعب العراقي على تحرير أرضه المحتلة من داعش، حبا بالعراق، واحتراما لسيادته الوطنية ودفاعا عن كرامة شعبه ووحدة أراضيه.
ثم، بعد أعوام من سفك الدماء وحملات التهجير الطائفي والعنصري والديني، وتفليسخزائن الدولة، وترك المواطن العراقي، شيعيا كان أو سنيا، مسلما أومسيحيا، يعوم في بحيرات المياه الآسنة في الشوارع والمنازل والمستشفيات ومدارس الصغار والكبار،نصحو على حقائق مذهلة أعلنها العالم، أخيرا، تكشف بالوقائع والأرقام والتواريخ والأسماء أن إيران لم تكن صاحبة الأمر والنهي والوصاية الكاملة على مليشياتها الشيعية، فقط، بل إنها كانت، ولا تزال، هي الراعية الحاضنة المموِّلة المسلِّحة المدرِّبة للقاعدة السنية، ولعصابات الزوقاوي التي ولدت من رحمها داعش العراقية وداعش السورية، وإنها كانت هي التي تنظم حركة سير المجاهدين السنة، ذهابا وإيابا، منأراضي حليفتها الراضية المرضية، سوريا، وهي التي تؤمن سلامة مرورههم مع مفخخاتهم إلى مدن وقرى لا تقع في النصف السني من العراق، وحده، بل في الشيعي كذلك، من أجل تعميق الضغينة أكثر، ومن أجل مزيد من الاستعباد والاستغلالوالتجييش للأغلبية الشيعية العراقية لتقاتل بمزيد من دماء شبابها وشيوخها ونسائها وأطفالها في حروبها القومية العنصرية لتحقيق مشروع الحلم الخميني الإمبراطوري الفارسي المقنَّع برداء حماية الطائفة في العراق وفي دول العالم العربية والإسلامية الأخرى، كذلك.
ثم يكتشف العالم أيضا أن الولي الفقيه هو المجرم رقم واحد الذي أسال دماءً غزيرة، وأحرق منازل ومدارس ومساجد وأسواقا عديدة، وأقلق، ولا يزال، راحة شعوب قريبة وبعيدة لا تعد ولا تحصى.وخلاصة القول هنا أن أمريكا، ومعها أوربا والعرب والعجم والهند والسند، أدركت أن إيران الخمينية والخامنئية هي الراعية الأولى للإرهاب في العالم، والأخطر حتى من القاعدة ومن داعش السنية، بمراحل.
وهنا نسأل، هل إن هذا الاكتشاف جاء متأخرا وبعد فوات الأوان، وبعد خراب البصرة،أم هو عزُّ الطلب، وأنه يجيء في أوانه وميعادِه الأحسن والأفضل من كل ميعاد؟.وليس من باب التمني بل من باب النظر المدقق المُفلّي يمكن القول إن الصحوة الأمريكية الأخيرة على خطر إيران الخميني عليها وعلى العالم، جاءت وإيران في أصعب ظروفها الداخلية والخارجية، على حد سواء.
ففي العراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين يصاعد التململ الحقيقي من تماديها وتمادي وكلائها في الهيمنة والوصاية والإذلال والإفقار والابتزاز والاستعمار.وفي الداخل لا تتوقف عجلة الاقتصاد من الغوص أكثر فأكثر في وُحول البطالة والفقر،وقلة الخدمات، وانهيارات العملة، وتعثر مشاريع الإنعاش، وفشل أغلب برامج الترضية التي حاول النظام بها تهدأة خواطر الجياع والمعوزي
فمَن، غيرُ أمريكا التي ابتلتنا بإيران يستطيع أن يكفر عن هذا الذنب الكبير؟ ومن غير أمريكا، بجبروتها العسكري والاقتصادي والسياسي، يستطيع محاصرة الولي الفقيه،ويجبره على واحدٍ من أمرين، إما القبول بالشروط العشرة التي وضعها مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، وهي التي تعني، في النهاية، سقوط النظام، أو رفضها واختيار المواجهة العسكرية الشاملة، والتي تعني، هي الأخرى، سقوط النظام؟.
سؤال آخر، لولا عنجهية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وبغضه الكاسح الماسح للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ومخلفاته، من كان سيُحقق للملايين من العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين والفلسطينيين والبحارنة والسعوديين والمصريين أحلامها بالحرية والانعتاق؟