لم أتردد في مناسبات عدة في الإفصاح عن رأيي المتواضع بأن ائتلاف العراقية وقادته لم يتعاملوا على نحو صحيح مع الأزمة السياسية المتواصلة منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة (2010) وتشكيل حكومة المالكي الثانية، في مختلف مراحل هذه الأزمة. وفي ظني ان هذا بين ما فاقم من الأزمة وأوصلها الى حال الاستعصاء الراهنة التي تبدو مقصودة ومرغوباً فيها تماماً من السيد المالكي وذوي المصالح المحيطين به الذين سيضرهم أن يتخذ رئيس الحكومة القرار الصحيح والسليم لحل هذه الأزمة.
مع هذا فأنني لا استبعد صحة ما جاء أمس من معلومات تحذيرية في تصريح المصدر المأذون لحركة الوفاق الوطني التي يقودها اياد علاوي.
هذا المصدر أعلن عن ان “هناك تحضيراً لمحاولة جديدة تهدف الى تشويه سمعة بعض الرموز الوطنية من العراقية التي تعمل على انهاء حالة الفوضى التي يعيشها البلد نتيجة المحاصصة والاقصاء والتهميش، حيث تقوم بعض الاطراف المتنفذة بالاعداد لعملية التسقيط السياسي لتلك الرموز الوطنية وذلك من خلال تركيب صورهم الى جانب عناصر من القاعدة ووضعها داخل سيارة مفخخة وبالتالي تدعي تلك الاجهزة الامنية وبالتنسيق مع بعض الاجهزة الحكومية المتنفذة بالعثور على تلك السيارة المزعومة لتدعي في عملية مفبركة وخسيسة ان أولئك الرموز الوطنية كانوا وراء تلك السيارة المفخخة”.
ترجيح صحة هذه المعلومات يستند الى قاعدتين، الاولى ان أجهزة الامن في دولتنا يحتشد فيها الان رجال من أمن النظام السابق، وهؤلاء لديهم خبرة عريقة في ممارسات من هذا النوع، وهم لن يتورعوا الان، مثلما لم يتورعوا في عهد النظام السابق، من القيام بأية أعمال قذرة لارضاء مسؤوليهم وقادتهم. ويساعدهم في هذا ويشجعهم عليه عدم الشفافية في عمل أجهزة الدولة وبالذات في قطاع الأمن وعدم خضوعها لاشراف ومراقبة مجلس النواب.
اما القاعدة الثانية فان أجهزة الأمن والتحقيق في دولتنا الحالية لديها سوابق كثيرة في هذا الميدان. ويكفي أن نشير الى ما فعلته مع نشطاء المظاهرات التي انطلقت في 25 شباط 2011 وبعده، فعلى مدى اسابيع عدة أعتقل العديد من هؤلاء النشطاء واحتجزوا في معتقلات سرية وتعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي ولمحاولات التسقيط السياسي بتلفيق تهم في حقهم، أخفها تزوير وثائق رسمية (في الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة العليا المئات من مزوري الشهادات والوثائق الذين تسعى الحكومة منذ سنتين لمكافأتهم بتشريع قانون يعفو عنهم … لأنهم من جماعتها).
والكل يعرف الآن إن اجهزة الامن في دولتنا الحالية ارتكبت أيضاً، بذريعة تطبيق قانون مكافحة الارهاب، جرائم مختلفة في حق مواطنين ابرياء. وهذا ما اعترفت به الحكومة صراحة على لسان رئيس اللجنة الخماسية حسين الشهرستاني، مقدماً اعتذار حكومته عما فعلته هذه الاجهزة ومتعهداً بتعويض المتضررين من تلك الأفعال المشينة.
نحن دولة موضوعة عن عمد وسابق اصرار في عين عاصفة مدمرة، وأجهزة الأمن هي في قلب هذه الدولة .. فلا تستبعدوا أي شيء منها ما دامت تعمل خارج نطاق الشفافية.