هايدة العامري
عندما يتأمل المراقب والمتابع الاجنبي للشأن العراقي يتبادر الى ذهنه ان العراق دولة كبيرة متنوعة الموارد والثروات وتصدر نفطا وتحتوي ارضها على أحتياطيات ضخمة من الغاز تؤهلها لتكون من أوائل الدول في العالم من حيث كمية الانتاج للغاز والذي سيصبح بعد سنوات قليلة هو المادة الاولى في الاستعمال للطاقة وكذلك يفكر المراقب الاجنبي ان العراق يحتوي على نهرين كبيرين يجعلانه قوة زراعية كبرى تستطيع أن تكتفي ذاتيا من الزراعة ولكنه لايعرف أن الحكومات المتعاقبة على العراق ضيعت وبددت كل ثروات العراق وجعلته بلدا يوضع في أسفل قوائم التطور الاقتصادي والاستثماري وفي أسفل القوائم بالنسبة للتطور في القطاعات الصحية والاسكانية وفي أعلى القوائم من حيث الدول التي يستشري فيها الفساد وهذا الفساد هو الافة التي تأكل العراقيين أكلا وتمول الارهاب والفساد يزيد الامراض الاجتماعية والفوارق الطبقية في البلد فتجد أناس يملكون مئات المليارات من الدنانير وتجد عوائل تنتظر راتب الحماية الاجتماعية والذي تعتبره الحكومة منجزا تفاخر به امام دول العالم والمصيبة انك تجد موظفا حكوميا يشتري بيتا في الجادرية بمليارات الدنانير وتجد عوائل تسكن في بيوت من التنك وهذه البيوت تتكاثر يوما بعد يوم وقد تصبح طرازا معماريا عراقيا
مادفعني لكتابة هذا المقال هو الكوارث التي نعيشها وكاننا بلد قد غضب الله عليه وعاقب سكانه فاليوم قرأت تقرير صادر من المفوضية المستقلة لحقوق الانسان والتي نسمع عنها فقط من خلال التقارير التي تصدرها أي أنها لاحول ولاقوة سوى بالتقارير والتي تكلف من يصدرها مليارات من الدنانير والتقرير يقول أن حالات الانتحار بين العراقيين تتصاعد وأن هذا التصاعد هو من الخطورة بحيث أصبح الانتحار أمرا هينا وسهلا لدى الشباب من الجنسين وان اسباب الانتحار يعود للفوارق الاجتماعية والبطالة المتفشية في العراق والملفت في التقرير ان المحافظة الاولى في أعداد حالات الانتحار هي الناصرية مما يدل على حجم الظلم التي تتعرض له مدينة في جنوب العراق معروف عنها انها منبع الادب والثقافة والشعر والناصرية وهذا يفسر كيف أن الناصرية هي المدينة الاولى التي تتصاعد فيها التظاهرات والاحتجاجات
وللعلم فان البطالة هي كارثة تقوم بأسقاط حكومات في كافة الدول الديمقراطية ان أزدادت معدلاتها ولكنها عندنا تقوي الحكومة لان المواطن يصبح أكثر أحتياجا للحكومة وأموالها ومن الكوارث الاخرى التي نعيشها تفشي الامراض السرطانية في العراق فتجد ظاهرة تشوه المواليد الجديدة من الاطفال في الفلوجة والبصرة تزداد بمعدلات لامثيل لها وان جاء المولود سليما فانه ستظهر عنده حالة الاصابة بالسرطان بعد مرور عدة سنوات وكل ذلك بسبب الحروب التي مرت على العراق وبسبب أستخدام اليورانيوم المنضب من قبل القوات التي حاربت العراق وهو ماكان يقوله نظام صدام حسين ويفنده المعارضون أنذاك ويقولون عنه يدخل ضمن الاجندة الاعلامية لصدام حسين اثناء الحصار الاقتصادي وللعلم فان الفساد سبب في تفشي ظاهرة الاصابة بالسرطان في العراق فقد حدثني خبير مختص أن عمليات الحفر والتنقيب والاستخراج والانتاج النفطي التي تجري في جنوب العراق تجري دون مراعاة للشرط الصحية اللازمة ودون تركيب بعض المتطلبات البيئية التي تقوم بتنقية الابخرة والغازات التي تنبعث من الحقول النفطية والغازية وان هذه الحالة ستؤدي الى الاصابة بامراض السرطان والربو والحساسية من مختلف الانواع بل وانها تؤدي في ابسط الاشياء الى تقليل المناعة عند الانسان العادي الذي ياكل ويشرب ولايعرف ان مناعته الصحية تتناقص يوما بعد يوم والمصيبة الكبرى ان الفاسدين في الشركات النفطية يعرفون هذه الاشياء ولكنهم يضعون العراقيل لنصب المعدات التي تقلل من الابخرة والغازات السامة وبعضهم يؤخر نصب هذه المعدات الا بعد اخذ العمولة والقومسيون الواجب دفعه لهم
عندما تناقش الحكومة أو مسؤوليها تقول لنا ان التركة الثقيلة من نظام صدام هي السبب ولكن صدام مضى على سقوطه عشرة أعوام ولم نرى مايشير الى تقدم ولو بسيط بأغلب القطاعات الخدمية وخصوصا في القطاعات الصحية ويبدو اننا نحتاج الى المركزية في كل شيء لان وزارة مثل وزارة الصحة تتقدم بسرعة السلحفاة من ناحية تقديم الخدمات للمواطن العراقي فلم نجد أحدا أنشأ مستشفى ومناقصات المستشفيات تعلن وتحال وتسرق السلف الاولية فيها وتعاد الاحالة وهل تستطيع الادارة الحكومية الحالية بناء مستشفيات وهي لم تستطيع تبديل مصاعد مدينة الطب وقد يتذكر الجميع كيف ان السيد المالكي لم يصدق ماشاهده وكيف صدم عندما زار مدينة الطب وحينها كتبت قائلة له ان هذه هي نتيجة الفساد الموجود في وزارة الصحة والذي كان يعمقه ويزيده عادل محسن وزمرته والخلافات بين جماعة التيار الصدري وعادل محسن التي ظهرت للعلن العام الماضي الا نتيجة الخلاف على تقاسم المغانم والنفوذ في احالة العقود وسرقة المال العام
ووزير الصحة المحسوب على التحالف الكردستاني يداوم يوم الاحد ويذهب الاربعاء الى أقليم كردستان اي انه يداوم في وزارته اربعة ايام تكون منقوصة يوم واحد هو يوم اجتماع مجلس الوزراء أي ان انتاج وزير الصحة هو لثلاثة ايام فقط في الاسبوع ولم نجد السيد الوزير المحترم يقف مطالبا لانشاء مستشفى تخصصي لسرطان الاطفال او لمعالجة حالات السرطان وهو يستطيع ذلك ان وفر الاموال التي يجنيها من العقود وهل تعجز حكومة مثل الحكومة العراقية عن تخصيص مبلغ معين لانشاء مستشفى متخصص وجلب اطباء اجانب اليه ولكن لاحياة لمن تنادي
وأما وزارة التربية فهي حصن من حصون الفساد من التعيينات وبيع القرطاسية والصرفيات التي ليس لها أي معنى والوزير منشغل بالقضايا السياسية والعاطفية ووكيله الاخر من بيت معلة منشغل بادارة نادي الصيد وكيفية ترتيب الامور فيه
ووزارة النفط والكهرباء هي الكارثة الكبرى وهاتين الوزارتين تمثلان النموذج السيء الصيت للمحاصصة في العراق لان العمل في هاتين الوزارتين يتم تقاسمه وفق المحاصصة أي أن الفساد في هاتين الوزارتين مقسم بطريقة تقاسم المناصب والوزارات وان كانت الاغلبية في الفساد في وزارة النفط هي لطائفة مسيطرة عليها
أعزائي نحن نعيش في مجموعة كوارث تبدأ من الارهاب وتمر بالفساد ولاتنتهي بالافات الاجتماعية التي بدأت في الظهور في مجتمعنا مثل حالات الانتحار المتصاعدة وحالات الطلاق التي وصلت لارقام قياسية غير مسبوقة وغير قابلة للتصديق وحالات الجرائم المتنوعة وغيرها من الكوارث التي لاعدد لها وستأخذ هذه الكوارث منحى تصاعدي لاننا نسير في طريقة خاطيء ولان النخبة السياسية منشغلة بالسرقة وتقاسم النفوذ وتاركة الشعب يعيش أياما لايعلم بها الا الله وقد يقول قائل أنني حاقدة أو غير منصفة لان المستوى المعاشي للعراقيين ورواتب الموظفين والاجهزة الكهربائية والسيارات الحديثة وانا اجيبه بكل بساطة ان بلدا مثل العراق لديه كل هذه الثروات يجب أن يكون للمواطن فيه بيت وسيارة وخادمة ان كنت تريد ان تقسم الثروات بشكل عادل ولكن مشكلتنا ان العدالة قد تم نزعها من قلوبنا لان أيماننا بالله ضعيف ونتيجة هذا الضعف في الايمان هي قبولنا بالذل والخنوع والقليل من الحقوق وضعف الايمان ولد لدى العراقيين مرض الطائفية الذي سيدمر البلد وانا هنا أشير لكلمة الحق الوحيدة التي قالها ابراهيم الجعفري والتي لم اسمع منه شيئا مفيدا غيرها عندما قال ان الفساد في العراق أصبح نهجا وثقافة والكل من النخبة السياسية من رئيس الجمهورية الذي لانعرف أين هو الان مرورا برئيس الوزراء وانتهاء بالبرلمان الميت المشلول بفعل الصدامات والتشنجات السياسية يتحملون المسؤولية وخلاصة القول اننا نعيش في كارثة سقوط الدولة كلها من ناحية القيم والاخلاق المجتمعية وحمى الله العراق والعراقيين .