منى سالم الجبوري
تصريحات المرشد الاعلى الايراني خامنئي بشأن أن سياسة إيران ضد الغطرسة الامريکية لن تتغير، وتأکيده بأن إيران لن تتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن الشؤون العالمية والقضية النووية تمثل استثناء، تبريرات سمجة و بائسة تثير الشفقة لأن الاتفاق النووي کان بمثابة إعلان لإفلاس النظام مبدأيا و تنازله رسميا عن شعاره المرکزي(الموت لأمريکا) من جانب و إعلانه رفع الراية البيضاء فيما يتعلق ببرنامجه النووي، فأين هي السياسة الايرانية المزعومة المقارعة لأمريکا؟ هل هي فقط في أثناء المناسبات التي يخدعون فيها الشعب الايراني و شعوب المنطقة و العالم؟
تصريحات خامنئي البائسة هذه تأتي في وقت يتم فيه إماطة اللثام عن حقيقة الى أين وصل الامر بهذا النظام من أجل المساومة و تقديم التنازلات من أجل البقاء، ويکفي أن نشير هنا الى ما قد أعلنه مراقبون سياسيون من خلال إخضاعهم الاتفاقية للبحث و الدراسة من إيران قد قبلت بوضع نفسها تحت شکل من أشکال الوصاية الدولية و تفاصيل هذه الوصاية الغربية وردت في بنود اتفاق فيينا الذي يتيح للغرب السيطرة على أجزاء كبيرة من الاقتصاد الإيراني، والتجارة، والسياسات الصناعية، وذهبوا إلى أبعد من ذلك عندما رأوا أن الاتفاق يعامل إيران كمجرم في عملية إطلاق سراح مشروط يوضع تحت مراقبة الشرطة ويتم تقييمه دوريا، والحقيقة أن تصريحات خامنئي النارية هذه هي تماما کخطوطه الحمراء التي أعلنها قبل أسبوع من الاتفاق و التي داستها أحذية ممثلي دول مجموعة 1+5 و بشکل صريح.
خامنئي الذي کان ينادي بالاکتفاء الذاتي و بأن الاوضاع في إيران ولاسيما الاقتصادية على أفضل حال وانه من المستحيل التنازل و المساومة على مواقف و مبدأية النظام، لکن هذه الاتفاقية النووية کما رأينا قد جعلت من خامنئي و نظامه تحت الوصاية الدولية وتتجلى هذه الوصاية في الإبقاء على الملف النووي مفتوحا لمدة 15 سنة على الأقل، والتهديد بعودة العقوبات مما يجعل من إيران وجهة استثمارية غير مرغوب بها.
مٶسس نظام ولاية الفقيه خميني و من بعده خامنئي، ظلا يتبجحان بشعار الموت لأمريکا و إن نظام ولاية الفقيه لن يتنازل او يغير او يساوم على مواقفه”المبدأية”المعلنة من أمريکا، لکن الذي حدث و جرى في الاتفاق النووي و على الرغم من کل السلبيات الموجودة فيه، فإنه قد أثبت بأن نظام ولاية الفقيه أصغر و أجبن من أن يواجه الغرب و أمريکا کما کان حال العديد من الانظمة الاخرى، فالشعارات في نظام ولاية الفقيه هي للإستهلاك و غسل الادمغة فقط أما في الحقيقة و الواقع فإن الامر مختلف تماما.
التراجع الکبير في الاتفاق النووي و الذي سمح به خامنئي بنفسه”مضطرا”، هو بداية لمسير و مرحلة جديدة في التأريخ الايراني المعاصر و الذي وصفت الزعيمة الايرانية المعارضة مريم رجوي أهم معالمه بقولها:” هذا التراجع الذي يسميه المعنيون في النظام بكأس السم النووي، سيؤدى لامحالة إلى تفاقم الصراع على السلطة في قمة النظام وتغيير ميزان القوى الداخلية على حساب الولي الفقيه المنهوك. ان الصراع على السلطة في قمة النظام سوف يستفحل في جميع مستوياته. ومن هذا المنطلق يمكن وصف الاتفاق الحاصل من ناحية المضمون والصياغة بانه اتفاق ” خسارة – خسارة”.”.