فلاح المشعل
انتشار السلاح بيد الميليشيات والعصابات ، والإستخدام غير المنضبط للسلاح من قبل منتسبي القوى الأمنية والعسكرية والحمايات الخاصة ، جعل الأمن العراقي في مهب الريح ، والحوار بالرصاص خيار مقدم لشعب مأزوم .أمس حصل تدهور أمني خطير حين تعرضت الطائرة الإماراتية للرصاص أثناء هبوطها صباحا ً في مطار بغداد الدولي ، وتوقفت شركات الطيران من استخدام مطار بغداد ، في المساء تقاتلت بالرصاص عشيرتان في حي الفضيلية بأنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ..!؟
وجود السيطرات في الشوارع الرئيسة لاتمنع نشاط الإرهاب والميليشيات ، سواءً في زرع العبوات الناسفة أو تسليب المواطنين واستخدام الكاتم أو غيره من اسلحة الموت ، اصبح الجميع يحمل السلاح ، ماجعل البلاد عبارة عن معسكر كبير، إطلاق النار والقتل مباح ، سواءً في صراع عشائري ام تنافس بكرة القدم أو حتى مشاجرة بسبب زحام مروري وأمور اخرى أقل تفاهتة ..!؟
هذه الظواهر التي اتسعت برعاية الحكومة السابقة ونجاحها في تناسل إعداد وأسماء الميليشيات من عدد اثنين أو ثلاثة معروفة ومحددة بتوجهاتها وآليات عملها، الى عشرات الميليشيات التي زود بعضها بعناوين وهويات حكومية مخيفة حتى لرجال الشرطة .
فساد دوائر الشرطة وتورط العديد من افرادها وضباطها مع عصابات الجريمة والإرهاب ، وانتساب الكثير من افراد المليشيات الى القوى الأمنية ، أعطى إنسابية وانتشار غير مسبوق للاسلحة وجرائمها المرتكبة يوميا ًبدوافع متعددة .
دعوات الحكومة المتكررة بشأن حصر السلاح بيد الدولة، كأنه اصطياد الهواء في شبك ، ولايعفى العديد من كبار منتسبي الحكومة ورموزها من ممارسة الأرهاب عبر مواكبهم المدججة بالسلاح والسلوك الأخرق لقواعد السير واستفزاز الناس ، ولايحتاج سوى ان تمضي ساعة في شوارع الكرادة ، حتى تصادفك العديد من هذه الحالات ، إضافة لقطع الطرق التي تقيم ولائم لشتم الحكومة ورموزها وعناوينها باصوات طليقة .
ظواهر سلوكية عنفية تنزع عن الدولة العراقية اية صفة مدنية ، وتطبع المرحلة بنوع من فاشية السلوك وسحق المواطنين ، وهم تحت طائلة الأزمات والخوف من هذه الفوضى العارمة وغياب القانون والأخلاق .
حين تتذكر قول الشاعر احمد شوقي .. ” إنما الأمم الأخلاق مابقيت ، فأن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا “..! تدرك ان تلك الحكمة ، أمنية طوباوية يستحيل وجودها دون قانون ضابط أو رادع ..!
الحرية التي وضعت للعراق بعد 2003 أثمرت في ممارسة السرقة والنهب والفساد وانهيار الأخلاق وانتشار السلاح والقتل والجريمة والتهجير وأخيرا ً الإفلاس ..!
أما مواقف الحكومة ووزرائها وسلطاتها، تراوح ما بين الوعود الكاذبة والتصريحات الفارغة أوالتبرير المضحك والصمت الأبله ..!
حتى صرنا ضحايا بين إرهاب ناطق متحكم ، وقانون ضعيف أخرس .