هادي جلو مرعي
ليس غريبا أن يأتي العبادي الى رئاسة الحكومة العراقية بهذه الطريقة المثيرة للإشمئزاز، فقد سبقه نوري المالكي بذلك. إنزعج الكرد من الجعفري المراوغ غير الممال لهم والرافض على الدوام لمطالبهم التي لاتنتهي، ولم يكن السنة في معرض الرضا بمواجهة كردية مع الحكومة ليكونوا مع الجعفري فبنظرهم إن خطر الشيعة يكاد ينهيهم، بينما لامشكلة مع الكرد- مؤقتا على الأقل، وحين تنادى القوم لإسقاط الجعفري سارع المالكي للقبول بالشروط وأزاح الجعفري عن سدة الحكم، وتناولها هو، ثم سرعان ماأزاح الرجل عن رئاسة الحزب الذي ينتميان سوية له، وينتمي معهما العبادي له أيضا، وكانوا ثلاثتهم يذودون عن حياضه أيام المعارضة، غير أن حزب المعارضة ليس كحزب السلطة. لم يترك الجعفري الفرصة تفوته ليثأر من المالكي، ومضى ويده بيد العبادي الى أحد إخوان الصفا ( فؤاد معصوم ) ليوقع معه قرار الإطاحة بالمالكي، ومعه تأييد ورضا وسرور كل القوى التي أطاحت به هو نفسه من قبل وسلمت الأمر للمالكي، فتكاد الأمور أن تمضي متسقة مشابهة لبعضها في الماضي القريب والحاضر الحاضر.
حاول المالكي التقرب للكرد، لكن مطالبهم لاتنتهي، حاول التقرب للسنة لكن مطالبهم أكبر من موافقات المالكي وأعمق فهم يملكون تاريخ الدولة، ولن يقبلوا بمصادرة الشيعة لمستقبل تلك الدولة، البعض يظن إن الكورد هم من يستخدم السنة في الصراع مع بغداد، والحقيقة إن السنة هم الأقرب الى هذا التوصيف، وهم من يفكر مليا بإستخدام الكورد، والوصف الأقرب أيضا إن الكورد والسنة في مواجهة الشيعة المتخبطين الضائعين.
يتقدم العبادي بإبتسامات واعدة، يبعث بموافقات بملايين الدولارات الى كوردستان، يبحث في تنمية العلاقات الخارجية ويطلب الدعم والتسليح من العالم، واشنطن من جهتها لاتثق به، ولا بأي من القيادات الشيعية، وتتحدث عن طائرة مقاتلة كأنها أميرة وخطّابها كثر، ولاأمل في وصول إمدادات السلاح الأمريكي الى العراق ( الأسبوع الماضي سلمت واشنطن لمصر عشر طائرات أباتشي مقاتلة) العراقيون بنظر الأمريكيين موظفون لدى طهران، ولايريدون لسلاحهم أن يمرر الى العقول الإيرانية لتبحث فيه وتصنع مثله، والنظام السياسي غير مستقر، والعبادي يقدم الوعود والتنازلات هنا وهناك، والدائرة تضيق، وماذا لو إنتهت داعش بمسماها الحالي في العراق؟ الواضح إن السنة سيكسبون الكثير، حرس وطني، هجوم مضاد، الشيعة يتحفزون، هي الحرب الأهلية ربما، وحتى الكورد سيدخلون في صراع فيما بينهم. الى أين يمضي بنا العبادي؟