إن الهيمنة التي تفرضها إيران على العملية السياسية في العراق،قد أوصلت العراق الى ما وصل إليه الآن ، بكلِّ كوارثه وخرابه ودمار بنيته التحتية وبنيته الاجتماعية، ونشر الفوضى الطائفية والسياسية فيه ،منذ الإحتلال الى يومنا هذا، حتى صارتْ إيران البديل الواقعي للاحتلال الامريكي عام 2003 وسّماه حسن العلوي العراق الإيراني ،بعد العراق الأمريكي،وما تشهده العملية السياسية من صراع على النفوذ بين الأحزاب الموالية، ماهو إلاّ عمل إيراني منظّم لإبقاء العراق يعجُّ بالاحتراب السياسي والمجتمعي، (إنفلات الميليشيات وأحزابها ، وإنفلات العشائر الجنوبية فيما بينها )، حتى يجزم الجميع في العراق وخارجه، أن العراق دولة ميليشيات، وعصابات وفوضى خلاقة بأبشع صورها، وعلى كل الصُّعد ،وأولها العسكرية ، التي نرى التغوّل الواضح في خروج الميليشيات والفصائل الموالية لإيران عن القانون، والاوامر العسكرية ، والمحاولة لإنشاء جيش آخر بديلاً عن الجيش العراقي،
والدعوات الى حلِّ الجيش العراقي ووصفه بالمرتزقة ، ودعوات إنشاء قوة جوية وقوة بحرية ، بعد إمتلاك الحشد الشعبي وفصائله المسلحة ، سلاحاً يفوق أسلحة الجيش مئات المّرّات، يهدّد به السفارة الامريكية ،ويعلن رعاياها أسرى لديه، وغيرها من تهديدات للمصالح، والقواعد والجيش الامريكي في العراق والمنطقة، إذن التخندق مع إيران أصبح واقعاً ملموساً ومعلناً، ويتباهى به الجميع من توابع إيران والولي الفقيه ،بدءأ من زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله، ولا إنتهاء بأبي مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي مروراً بقادة الفصائل النجباء وحركة حزب الله والعصائب والقائمة تطول ، وإيران تعزّز قوتها العسكرية الباليستية والنووية بأقصى سرعتها، بعد تجييشها وتسليحها الميليشيات المسلحة في العواصم الأربع، وأصبح في العراق، خندقان وليس خندقاً واحداً، هما الخندق الإيراني ، الذي يتخنّدق فيه أحزاب السلطة الاسلاموية، الموالية لإيران والقادمة منها، وفصائل مايسمى بالمقاومة الاسلامية والميليشيات الطائفية ،التي تعلن ولاءها جهاراً نهاراً للولي الفقيه، مقابل الخندق الامريكي المتمّثل بالقوى الليبرالية والقوى الوطنية، الرافضة للوجود الايراني واحزابه وفصائله والتواقه الى وجود امريكي يحميها من ايران وأذرعها وتغولها تطبيقا لشعار(ضرب الخناجر ولاحُكم الفُرس بيّا) كما يقول العراقيون الاصلاء،
ومن حيث المشهد السياسي نرى الفشل والفساد هما الصفتان البارزتان فيه ، ومن حُسن حظ العراقيين ،أن الصراع بين هذه الاحزاب المهيمنة على السلطة، والنفوذ وتقاسم السرقات ونهب الثروات، والسيطرة على المناصب العليا والأجهزة الحساسة ، وصل حدّ الاقتتال والإحتراب، في ظلِّ حكومة أضعف من الضعيفة ، لاتستطيع أنْ تقول لأي مجرم أو اي حزب فاسد (أفٍ) ، وهاهي الآن تترّنح بإتجاه إعلان الفشل وتفليش الحكومة ، والحديث يدور داخل أحزاب السلطة ،عن قرب الإنقضاض على الحكومة، وإقصاء رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بالاستجواب أو بالإقالة ، أو بإجباره إخراج ورقة الاستقالة من جيبه، واعلان حل الحكومة ، في وقت تعيش السلطة أقسى حالات فشلها وفوضويتها وفسادها، حيث لا إعمارللمدن المحررة ولابطيخ، وسوء واسع في الخدمات في الصحة والتربية والخدمات البلدية والتنموية وغيرها في المحافظات كلها، ،وبقاء ملف معاناة النازحين، وهم بمئات الالوف، في المخيمات والمدن العراقية على حاله، منذ تحرير المدن التي سلمّها المالكي لداعش بطيب خاطر، إنتقاماً من مظاهرات المحافظات السلمية، التي رفعت شعار الاصلاح وانهاء التهميش والاقصاء واطلاق سراح الابرياء والتوازن في المناصب، والجيش والشرطة وغيرها، وهذاك الغيم جاب هذا المطرالأسود لداعش،
ومافعله المالكي بالمدن الغربية ،من قتل المتظاهرين، وحرق منصات المظاهرات، يتحمّله هووعصابته الى يوم الدين، وأدخل بعدها داعش وتركه يعيث بالمدن قتلاً وإتصاباً وتهجيراً وخراباً وتدميرا للهوية العراقية ،نعم الفوضى التي تريدها وتفرضها إيران، بكل قوتها وسطوتها ونفوذها على العراق،هي من أجل أن يبقى العراق ساحة حرب، وتصفية حسابات اقليمية ودولية ،وحتى داخلية طائفياً لحرق العراق كلّه، من أقصاها الى أقصاها ،وفعلاً يتحّقق هذا كما نراه من الشمال الى الجنوب، والهدف كما هو معروف، كي لاتتحّول المعركة والخراب الى داخل الاراضي الايرانية، التي تواجه صراعاً وحرباً عالمية محتملة التحقق بأية لحظة ،نتيجة التغوّل الايراني في المنطقة ،ورعايتها الإرهاب الدولي وتصديره الى العالم ، إيران تقود العالم بإصرارها على إمتلاكها الاسلحة النووية والصواريخ الباليستية المحرمة ،الى حروب لاتبقي ولاتذر، وهذا الإصرار يشجّع أمريكا وإسرائيل الى التدخل، وإيقاف برنامجها النووي، ومعها الدول الاوروبية ، فهي تعطي فرصة للدول العظمى للتدخل بحجة المفاعلات النووية والاسلحة والصواريخ الايرانية ،
والضحّية هي الدول العربية والعراق ساحة لهذه الحرب القذرة، إيران أصبحتْ مصدر قلق العالم كلّه ، بتدخلاتها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغيرها، وإعلانها امتلاك جيوش مليونية تهدّد بها المنطقة والعالم، وتنشر الارهاب وتدعمه وتغذيه في العالم ،ها القلق لابد أن يزول، ولايزول الاّ بإزالة النظام الايراني وتغييره ، كما تصرّ إدارة الرئيس ترمب، أو بقصقصة أجنحتها ،وتفكيك اسلحتها النووية ،وتسليمها لوكالة الطاقة الذرية ،وتنفيذ شروطها ال12، فهل تنجح إيران بنشر الفوضى في العراق والمنطقة، دون ان تحرقها نيران هذه الفوضى،وهل ينجّيها إحراق المنطقة ، وهل تسمح أمريكا والدول الغربية لها، بالمضي بحرق المنطقة ونشر الارهاب وإمتلاك اسلحة تدميرية نووية ، وتعرّيض المصالح الإستراتيجية لهذه الدول الى الخطر، وسيطرة إيران لإقامة إمبراطوريتها الفارسية كما تعلن بنفسها، بكل تأكيد لايمكن لأمريكا، أن تبقى صامتة عمّا تفعله إيران بالعراق والمنطقة دون ردع ، رغم تسويف إيران ومماطلتها للتفاوض وكسب الوقت ، فلابد أن الوقت يضيق، وينفد أمام ادارة الرئيس ترمب ،التي تعاني بسبب ايران ازمة داخلية وإقالات، ولكنها ليست في صالح إيران مطلقاً، بل العكس للتسرّيع في مواجهتها بكل قوة وحزم، قبل أن تستفحل الاحداث،
وتفلت إيران من العقوبات القاسية، بتسويفها وتهديدها للدول الاوربية ،بنسف الاتفاق النووي معها ، الوقت يضيق أمام الرئيس ترمب، ويضيق الخناق على إيران إقتصادياً وعسكرياً ، والعراق كما نوهنا في قلب الفوضى وعين العاصفة ، ولامناص من حسم الموضوع العراقي أمريكيا كي تحافظ على مصالحها الاستراتيجية في العراق والتي لايمكن أن تفرط بها ، فإما الإنسحاب الكُّلي من العراق – كما تريد إيران وأحزابها وميليشياتها – وترك العراق في الحضن الايراني، وتهديده بداعش، وإمّا مواجهة إيران في العراق مع فصائلها المسلحة وأحزابها وميليشياتها المتخندقة إيرانياً، وهذا هو المرجح الان في المشهد، تزامنا مع التحشيد الامريكي العسكري الواسع في العراق ، وحسم الامر عسكريا ، بعد أن بلغ السّيل الزبى والفوضى السياسية والعسكرية، وتهديد الميليشيات والفصائل وصل الى عنان السماء ، فلابد من الحسم بالطريقة الامريكية ،( إحنا الجبناك وإحنا اللي نخرجك)، وتنفيذا لشعار ترمب تصحّيح الخطأ، حين قال يوم أمس( أكبر خطأ تأريخي وقعت فيه ادارة الرئيس بوش الابن هو غزو العراق وهذه نتائجه الكارثية على العراق والمنطقة وأمريكا ))، هكذا نرى المشهد المأساوي في العراق ، ترقب يسبق العاصفة وفوضى تنخر في جسد حكومة لايعرف الناس اساسها من رأسها، الاوضاع كلها على كف عفريت إيراني، يأخذها الى عمق الخراب، لينشر الخراب والدمار وترسيخ الطائفية ، وتأصيلها عراقياً ، ليضمن عراقاً ضعيفاً مقسماً ومدمراً الى الأبد يسمّى العراق الايراني….