اسئلة كثيرة .. حول جدوى او عدم جدوى اجراء انتخابات تشرين القادم .. في ظل جدل شعبي ورسمي عقيم .
الرئاسات الثلاث .. واحزاب السلطة تشجع على اجرائها في موعدها .. والشارع العراقي باستثناء ( من ساروا وارتبطوا بزعمائهم ، عقائديا وعاطفيا ) اقول ان هذا الشارع المتذمر .. مازال يرى ان هذه الانتحابات ، لا تختلف عن سابقاتها ، فاحزاب السلطة مازالت تمتلك كل وسائل وادوت الهيمنة على مجريات نتائجها .. من شراء اصوات الناخبين ، الى دفع رشى للمراقبين ، الى امتلاك المال لشراء ضمائر البعض ممن يعمل في مفوضية الانتخابات من الفاسدين .. الى وجود السلاح المنفلت لدى فصائل لا تحترم الشعب ولا القوانين .. وسط بيئة انتخابية لم تتوفر فيها الحدود الدنيا من الطمأنينة والأمان ونظافة اللجان .
من الظواهر الجديدة .. ان احزاب السلطة ، اعادت انتاج نفسها بقوائم ( تشرينية ) مزيفة ، وباسماء بعض الذين اشتركوا في غفلة بانتفاضة تشرين .. والاحزاب ذاتها ، كانت قد استنفرت كوادرها ، وادواتها المريعة لوقف واجهاض الانتفاضة .
واليوم تصر وبامعان ، على ابقاء مناهجها القديمة ، من غش واحتيال وخداع وتزييف وتزوير واساليب ارهابية مدمرة ، معلنة وغير معلنة ، لوقف اي عملية تغيير قد تكون محتملة .
لهذا فأن احزاب السلطة .. متحمسة اليوم لخوض الانتخابات لماذا.. لانها تستغل وجود دولة ضعيفة ، وحكومة متراخية .. فعملت على انشاء مراكز سيطرة تشرف على سير نتائج الانتخابات ، ونتائج صناديق الاقتراع ، بالتنسق مع مفوضية الانتخابات .. التي التزمت الصمت عن عمليات التزوير ، والتلاعب وحرق نتائج الانتخابات السابقة .
من فوائد ومنافع الحوارات والمناضرات التلفزيونية الحالية ، وعلى الرغم من قباحتها وشراستها ، ومهاتراتها .. فقد ساهمت في فتح فضائح ملفات الانتخابات السابقة ، وعرف الجميع حجم الاستهانة باصوات وآمال العراقيين .. وان الانتخابات القادمة سوف لن تخلوا من تجاوزات خطيرة تقوم بها احزاب السلطة ، تصل الى حد ان تنزل الملايين الى الشوارع ان لم تفرز النتائج لصالحها .
هناك من يعقد الآمال على المجتمع الدولي ، وعلى اشراف الامم المتحدة ، بحضور مراقبين دوليين .. لكن هؤلاء المراقبين الاجانب ( لايحلفون بالعباس ) ولا يراقبون عملية شراء الاصوات ، ولا يرصدون حجم ومنع تداول المال الانتخابي ، ولا شراء ذمم المراقبين المحليين .
ان العالم المتمدن .. ينتظر حصول تغيير جدي في قواعد السلوك الانتخابي ، وتوفير بيئة انتخابية واعية مؤثرة لا متأثرة ، تتناغم مع شعارات ومطالب انتفاضة تشرين العظيمة ، لكي ينتقل العراق من زوايا مظلمة انتشرت فيها مظاهر الفساد والقتل والاغتيال والعنف والرذيلة ، الى حالات تتوفر فيها فرص العمل والكرامة والفضيلة .
المرشحون..
لو القينا نظرة على الاحزاب و الاسماء الكبيرة ، التي تم الاعلان عنها من قبل مفوضية الانتخابات ، والتي ستؤثر مستقبلا على مجريات القرارات السياسية والاقتصادية ، نجدها .. هي ،، هي .. تقف مصرة و متبجحة بضرورة الاشتراك في الانتخابات على الرغم من اعترافاتها المسجلة بالفشل الذريع ، لتجربة فقيرة .. على مدى سنين قاحلة ومريرة .
الناخبون..
ليست هناك من اصوات واعية الا ما ندر .. وليس هناك من تغيير في نمط التفكير السياسي لاختيار الاصلح ، فبعض قواعد الاحزاب الدينية .. باتت للاسف تتحرك وتخرج الى الشوارع بأوامر من قيادتها ، دون وعي سياسي ، متأثرة بكاريزما قياداتها ، والمهم عندها توفير ( الحافلة والسنويشة ، والورقة الحمراء ) وهي تعرف .. ان قياداتها ، ليس لها مؤهلات ولا مهارات سياسية لادارة الدولة .
ان مثل هذه الاصوات سوف تنتخب المرشح الذي ينسجم ورغباتها ونزواتها .. والنتيجة ستكون بروز مرشحين سياسيين جهلة ، وعناصر متغطرسة ، تعتمد على برامج سياسية مستهلكة و مضللة ، وهذا هو الخطر بعينه .. ان يدير شؤون الدولة وامورها ، نفر من الدجالين ، و من ادعياء السياسة ، وممن يتشدقون بالعلم والمعرفة .. من اصحاب الشهادات المزورة ، ومن الذين رضخوا لاهواء اسيادهم بذكاء .. بغية الحصول على المناصب والاثراء على حساب الفقراء ..
المستخلص:
ان جوهر احتجاجات انتفاضة تشرين.. سببها الاستهانة بمشاعر الشباب وتركهم لمستقبل مجهول بلا وطن .. بلا عمل ، ودون سقف زمني معقول ..كما ان جوهر اسباب الثورات كما يرى الفلاسفة ، والمنظرون السياسيون هو ( الافراط في الفقر —— والافراط في الثروة ) وهو التناقض الصارخ والمخيف ، الذي تجلى بوضوح في ظل حكم المافيات .. وهو الذي فجر الانتفاضةالعظيمة ،، التي سرعان ما تآمرت عليها احزاب السلطة ، وخططت بقصد تشويهها وتقويضها .
ان فكرة .. وجود منهاج سياسي عملي لتاسيس واعلان الحكومات يستدعي اولا .. اشراك اصحاب الكفاءات والمؤهلات والمقدرة من العلماء والخبراء والمثقفين ، ومن لهم دراية وحكمة في ادارة شؤون الدولة بكفاءة وبنزاهة وحس وطني عال .. ولا يجوز ترك مصير البلاد الى نتائج صناديق الاقتراع في ظل بيئة انتخابية مرتبكة وحائرة ، تعتمد على العدد والكثرة ، لا على وجود اهل العلم والصفوة .. ونحن نعرف ان التجربة الديمقراطية .. والنهوض بواقع الامة ..لا يقوى على القيام بها الا رجال العلم و المعرفة ، ودعاة التنوير .
ان الصعود الى مراكز السلطة ، لأدارة الدولة باقتدار .. يأتي بالمثابرة والاجتهاد والتدرج والالام .. وليس باستعراض السلاح على ممر الايام ، وعسكرة المجتمع بانتظام .. واغتيال الرأي الآخر ، وتصفية المعارضة جسديا وفكريا وحرق الخيام .. كما حدث لمئات النشطاء المدنيين الذين تبنوا افكار انتفاضة تشرين ، ونادوا بالحرية والسلام .
هذه هي توقعاتنا.. مبنية على دراسة الوقائع اليومية ، وعلى الملاحظات العلمية .
نتمنى ان تحدث المعجزة .. وتصعد الى البرلمان اغلبية وطنية خيرة .. لكن السياسة لم تكن يوما مفروشة لا بالورد .. ولا بالتمنيات ..