الآخلال بالآداب العامة والقيم الاجتماعية والآخلاقية
آخر تحديث:
بقلم: نهاد الحديثي
مسؤوليه اصلاحية وتربوية للحفاظ على الذوق العام للمجتمع العراقي
رحب المرصد العراقي للحريات الصحفية بأي خطوة في الإتجاه الصحيح لتعزيز حضور الدولة وتأكيد هيبتها وحماية الأمن المجتمعي من مظاهر الإنحلال والتفسخ الأخلاقي، مع مراعاة حرية التعبير والإنتقاد الهادف ومساعي محاربة الفساد ودعم الديمقراطية والمشاركة السياسية، ويدعو المرصد الى فك الإرتباط والخلط بين مفاهيم حرية التعبير والعمل الصحفي والسلوكيات والمحتويات السيئة التي تنتهك القيم والأخلاق وتفكك الأسرة، وتنشر الأدبيات المنحطة والهابطة,, المرصد يقدر جهود وزارة الداخلية ولجنة مكافحة المحتوى الهابط، ويدعو الى تشكيل لجنان متخصصة في تقييم المحتويات على مواقع التواصل الإجتماعي، وإعتماد ذوي الخبرة من الصحفيين، وعدم التسرع في إصدار الاحكام، أو الدفع بإتجاه المحاسبة الفورية دون سابق إنذار لتجنب التأثير في مستقبل بعض الشبان المتحمسين لنشر بعض المحتويات التي تسيء الى ذائقة المجتمع، وتهدد بنيته الأخلاقية، ومنحهم الفرصة لتصحيح سلوكهم، مع توفير ظروف دعم مادي ومعنوي لأصحاب المحتوى المتميز والذي يدعم الإنتاج والإبتكار وتوظيف الطاقات الفكرية والهادفة لخدمة المجتمع، خاصة وإن هناك أعداد جيدة من أصحاب المحتوى ممن يحظون بمتابعة ترقى الى الملايين من المتابعين والإستفادة منها بالقدر الممكن , ويأمل المرصد من السلطات المختصة تجنب التأثير السياسي في تطبيق القوانين وإنفاذها والحرص على سلامة المدونين القانونية والمهنية والتي تدعو الى الاصلاح والتسامح الفكري والتعاون ونبذ العنف والطائفية والمحرضين على العنف والمتاجرين بقضايا المجتمع
مشكلة المحتوى الهابط لا تنحصر في العراق فحسب، وإذا عُدنا إلى كتاب (نظام التفاهة ) لمؤلفه “ألان دونوأستاذ الفلسفة والعلوم السياسية في جامعة كيبيك- كندا فإننا نراه يصف واقعنا المعاصر بنظام الميدوقراطية ,, وهي تعني النظام الاجتماعي الذي تكون الطبقة المُسيطرة فيه هي طبقة الأشخاص التافهين، أو الذي تتمّ فيه مكافأة التفاهة والرداءة عوضاً عن الجدية والجودة. وفي هذا النظام نجحت وسائل التواصل الاجتماعي في جعل كثير من تافهي مشاهير السوشال ميديا والفاشينستات أن يظهروا لنا بمظهر “النجاح”، وهو أمر يُساءل عنه المجتمع نفسه، الذي اختزل كلّ صور النجاح التي تعرفها البشرية في المال فقط !! وفي مجتمع مثل العراق، يكون فيه أغلب أصحاب الأموال من المافيات الصاعدة، وجماعات السلاح وواجهات الفساد أثار اعتقال عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي بالعراق، جدلاً واسعا، بعد أن شنت وزارة الداخلية حملة اعتقالات في العاصمة وعدد من المحافظات ضد من ينشرون محتويات وصفتها الوزارة بـ (السيئة) وغير اللائقة وبما لا ينسجم مع الآداب العامة, فمنهم ثمن جهود القضاء ووزارة الداخلية بمكافحة المحتوى الهابط ومحاسبة المسيئين للقيم والأخلاقيات ومروجي ثقافة الابتذال, واعتبروا أن «نشر التفاهة يراد منها صناعة دولة فاشلة ومجتمع متسافل، وهذا أخطر من كل أنواع العدوان والانتهاكات التي عانى منها العراقيون عبر مراحل التاريخ, فيما اعتبرها أخرون تكميما للافواه , وااقر مختصون بأن المحتوى الهابط مخالف للذوق العام،ألا ان وفرض إجراءات عقابية وصلت إلى مستوى السجن مدة عامين لبعضهم، هي تضييق على حرية التعبير , واعتبروا هذه الإجراءات تضع العديد من علامات الاستفهام لمفهوم العدالة في العراق.كما يرى مختصون في مجال حقوق الإنسان ومدوّنون، أن فرض إجراءات عقابية وصلت إلى مستوى السجن تضع العديد من عامات الاستفهام لمفهوم العدالة في العراق, ويرون إن «توجه القضاء والحكومة العراقية لوضع حد لانتشار المحتوى الهابط (كما تسميهم) وان كان ضرورة ومبررا للحفاظ على الذوق العام للمجتمع العراقي، إلا ان التحريك المباشر للمؤسسات الأمنية وإصدار مذكرات إلقاء القبض والاعتقال كأول خطوة لمعالجة المشكلة أمر غير مبرر وفيه الكثير من الاستعجال والتعسف في استعمال القانون، حيث كان من المفترض التوجه إلى الإجراءات البديلة والعقوبات غير المباشرة؛ مثل حجب المواقع أو/و انذارهم أو فرض عقوبات مادية عليهم» معتبرين إن «اي تقييد للحريات يجب ان يكون حصرا من خلال القانون، وهذا القانون يجب ان يكون ملائما لطبيعة النظام السياسي الديمقراطي ويكون وفق معايير حقوق الانسان من ناحية وضوحه وامكانية فهمه وتطبيقه من قبل المواطن
ثقافة الآبتذال بحاجة إلى دراسة ومراجعة واقع المجتمع العراقي، ومعرفة أسباب لجوء غالبية الشباب والمراهقين لمتابعة هذه المحتويات التي وصفتها بـ “الخالية من المعنى, هناك غياب لفهم معنى الحرية من قبل هؤلاء الذين يبثون محتويات تافهة أو سطحية تعمل على إشغال الشباب في قضايا قد تعيق تنمية مواهبه وتطوير ذاته, ويبدو ان الجهات الرسمية العراقية – ربما – لا الحكومة لا تملك إحصائيات بأعداد أو نسب العراقيين المستخدمين لشبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وذلك بحسب ما يؤكده المتحدث باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي كشف مركز الإعلام الرقمي (منظمة غير حكومية) أن عدد مستخدمي شبكات التواصل بمختلف أنواعها خلال عام 2022 بلغ نحو 28 مليونا و300 ألف مستخدم، حيث يشكل الذكور ما نسبته 67.9%، بحسب المركز, وتتراوح أعمار مستخدمي مواقع التواصل بين 5 و34 عاما، في الوقت الذي أكد فيه المركز أن تطبيق تيك توك شهد زيادة كبيرة بأعداد المتابعين العام الماضي, من هنا تبرز أهمية وجود توعية مجتمعية مكثفة، تبدأ من المراحل العمرية الصغيرة، وذلك عبر إقرار مادة التربية الإعلامية والرقمية ضمن مفردات مناهج وزارة التربية من أجل التوعية بكيفية التعامل مع محتوى كهذا، مع حث الشباب على تجاهله، أن هذه الطريقة ستكون أكثر فاعلية من السجن والاعتقال
ويطرح مختصون حلولا اخرى بعيدا عن الاعتقال، منها أهمية وجود توعية مجتمعية مكثفة، تبدأ من المراحل العمرية الصغيرة، وذلك عبر إقرار مادة التربية الإعلامية والرقمية ضمن مفردات مناهج وزارة التربية من أجل التوعية بكيفية التعامل مع محتوى كهذا، مع حث الشباب على تجاهله، معتبرا أن هذه الطريقة ستكون أكثر فاعلية من السجن والاعتقال, وتابع أن من جملة الحلول البديلة عن الاعتقال: تشجيع ودعم الشباب من ذوي المحتوى الهادف، مع استضافتهم كضيوف شرف في المحافل الاجتماعية والثقافية والرسمية ,, أما عن الحلول الأخرى بعيدا عن الاعتقال، يبين السامرائي أهمية وجود توعية مجتمعية مكثفة، تبدأ من المراحل العمرية الصغيرة، وذلك عبر إقرار مادة التربية الإعلامية والرقمية ضمن مفردات مناهج وزارة التربية من أجل التوعية بكيفية التعامل مع محتوى كهذا، مع حث الشباب على تجاهله، معتبرا أن هذه الطريقة ستكون أكثر فاعلية من السجن والاعتقال يقترح مختصون أن تتولى هيئة الاعلام والاتصالات, بافتتاح قسم خاص في هيئة الإعلام والاتصالات يكون بمثابة تعديل لقانون 65 لسنة 2014يتولى مسؤولية المراقبة من خلال تفعيل قسم مختص يضم عددا من خبراء الإعلام والقانون، على أن يكون ارتباطه بالمدير التنفيذي للهيئة لمراقبة ما ينشر عبر الإنترنت، وإحالة ما يخالف القانون للقضاء، مشددا بالوقت ذاته على ضرورة تشريع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية بعد اجراء تعديلات عليه, ليكون حلا لمثل هذه الجرائم الشائعة, واشد مايخشونه أن تكون خطوات الاعتقال هذه ممهدة لاعتقال مدوّنين آخرين يعملون على نقد الجهات الحكومية والسلطة، وبالتالي يصبح الموضوع تكميما للرأي العام.