بغداد/ شبكة أخبار العراق- تعد مسألة بيع أصول الدولة الى القطاع الخاص التي وردت في المادة 47 من موازنة العام الحالي التي أرسلتها الحكومة الى مجلس النواب، قبل ان يقوم مجلس النواب بالتصويت على حذفها، من اخطر الأمور وأكثرها جدلية في الشارع العراقي.وتتيح المادة 47 من قانون الموازنة المالية لعام 2021، للوزارات والشركات الحكومية بيع أصولها لـ”غرض تعظيم موارد الدولة”.هذا الامر يعيد الذاكرة العراقية، الى ما جرى بعد عام 2003، والمتمثلة ببيع العديد من العقارات العائدة للدولة، فضلاً عن أملاك خاصة جرى الاستحواذ عليها من قبل أحزاب وجهات سياسية وشخصيات متنفذة بحسب تقارير عدة وتصريحات مسؤولين ونواب.ورغم حذف المادة من قانون الموازنة، الا انه يبدو بان هناك طرق عدة يلجأ اليها البعض، بإدخال القطاع الخاص بطرق يراها الاغلب بانها غير صحيحة، قد تؤدي بالنهاية الى جعل ثروة العراق بيد القطاع الخاص تدريجيا وكليا.وعدّ وزير النفط، احسان عبدالجبار، انه من الخطأ ان تدير وزارة النفط محطات لتعبئة الغاز والوقود، ومن الصحيح التخلي عن ادارتها الى صالح القطاع الخاص بشكل تدريجي.وقال في حوار متلفز، انه “من المفترض ان تقوم الوزارة تدريجيا بالتخلي عن هذه المسؤولية، واعطائها للقطاع الخاص، الذي هو اكثر كفاءة من الدولة في إدارتها”، مشيرا الى ان “وزارته قامت بإيقاف كل اعمال التطوير في هذه المحطات، وبدأت بإحالة ادارتها الى القطاع الخاص، اذ ان هناك توجها لاستثمارها محليا او عالميا”.
وعندما تعرض الوزير الى سؤال، حذره من بيع أصول الدولة النفطية الى القطاع الخاص، تدارك الوزير، والمح انه ليس بالضرورة بيعها، انما تأجيرها 15 او 20 سنة، وتبقى ملكيتها للدولة، مشيرا الى، ان “هذا الاجراء يحقق أرباح عالية للدولة وتشغيل للايادي العاملة”.لكن الأمين العام للحزب الشيوعي رائد فهمي، كشف مسألة في غاية الغرابة بخصوص محطات بيع الوقود المنتشرة في ارجاء عدة من البلاد، مبينا، عدم وجود أي ثمرة من تحويل هذا الامر بيد القطاع الخاص كليا.وابدى فهمي خلال تصريح صحفي، عن رفضه الشديد لبيع أصول الدولة، لكنه بالوقت نفسه أشار الى وجود مجالات أخرى للقطاع الخاص، بفتح المجال لاستثمار القطاع الخاص بالدولة بدون بيعها.وفي محضر رده على وزير النفط، أوضح فهمي، انه التقى برابطة أصحاب محطات الوقود الاهلية، وبينوا له انهم يتعرضون الى ضغوطات كبيرة غير قانونية من قبل دائرة عقارات الدولة.
وأوضح فهمي، ان “الرابطة ابلغتني بان دائرة عقارات الدولة تطالبهم بدفع أجور المثل للأراضي التي أقيمت عليها المحطات، رغم عدم وجود شروط من دائرة عقارات الدولة لهذه الأراضي ابان شروعهم بالعمل بها”، مشيرا الى ان “الدائرة تطالبهم بمبالغ تراكمية كأجور المثل، وهددتهم بمنع تجهيزهم في حالة عدم تسديد المبالغ”.وزاد فهمي، ان “إيقاف التجهيز يعني ان هذه المحطات التي يبلغ عددها 67 محطة ستقف عن العمل، وان الايدي العاملة فيها ستكون عاطلة، معبرا عن تخوفه، بان يكون هذا الاجراء منطلقا لاخذ هذه المحطات منهم حاليا واعطائها لآخرين”.وعدّ، ان “عمليات الخصخصة ليست بمعول عليها، وليس هناك ضمان بانها تخدم المواطن بل قد تؤدي الى احتكار ثروة البلد، وخاصة في ظل عدم وجود جهاز رقابي رصين”، مبينا، انه “ان هذا الامر قد يؤدي الى تحول ثروة البلد من احتكار الدولة الى احتكار القطاع الخاص، وقد يؤدي الى التفريط بأصول الدولة، وهذا من شانه ان يؤثر على الأسعار وكذلك المستخدم”.
اما النائب مثال الالوسي، فقد أشار الى “وجود ملفات فساد كبيرة، فيما يخص عقارات الدولة، متمثلة بحالات تزوير وبيع للعقارات، مبينا، ان “هذا الملف من اكبر ملفات الفساد في العراق”.وقال الالوسي في حديث صحفي، ان “كثيرا من الأصول العائدة للدولة بيعت للوقفين في المحافظات وخاصة في الانبار تحت حجة القروض، وكثير منها بيعت بقيمة اقل من سعر الأرض التي تقام عليها.ورأى الالوسي، ان “الاقتصاد في العالم اثبت فشل رأسمالية الدولة، الا ان في العراق اثبت فشله بسبب خروقات كثيرة منها تتعلق بالنزاهة وتقديم الخدمات، اذ ان بيع أصول الدولة يجب ان يمر بشفافية واهداف واضحة، وتكون هناك لجنة نزيهة ليس فاسدة تراقب هذا الامر”.وختم الالوسي حديثه، بالقول “ان بيع أصول الدولة لا يجب ان يكون من منطلق القضاء على الدولة”.
وعلى السياق ذاته رأت الخبيرة الاقتصادية، سلام سميسم، ان “مسألة محطات الوقود ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، متوقعة بيع منشآت صناعية مهمة للقطاع الخاص”.وقالت سميسم في حديث، ان “التوجه نحو محطات الوقود بدء منذ 2004، مشيرة الى ان “هذه المسألة من شأنها ان تصبح منفذا لرؤوس الأموال السياسية”.وأوضحت، ان “الأموال بدأت تتجه نحو شراء العقارات والمولات، لكن هذا الامر اصبح لا يكفي، لهذا بدأت رؤوس الأموال السياسية تذهب باتجاه محطات الوقود، ولا ضير ان تكون هناك واجهات للاستثمار، بمعنى استعمال أناس اخرين لهذا الامر”.وتابعت، ان “كل هذا يجري تحت يافطة مضمار “الخصخصة”، بدون أي رقابة تذكر، والتي هي لا تتحقق ما دامت هذه المحطات عائدة الى النفوذ والمال السياسي”.ورأت سميسم، ان “هناك فرقا بان تكون هناك خصخصة واعية، كما موجود في الدول الرأسمالية، وبين ان تتحول الدولة الى متخلفة بخصخصة مباشرة يستولى عليها من قبل ذوي النفوذ السياسي”.يذكر ان وزارة النفط من حصة الايراني الأصل الفاسد عمار الحكيم.