بغداد/شبكة أخبار العراق- أقام الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق جلسة استذكارية للأديب الكردي البروفيسور معروف خزندار في ذكرى رحيله العاشرة، بحضور نخبة من الأدباء والمثقفين والإعلاميين صباح الخميس بقاعة الريان.بدأت الاستذكارية بكلمات افتتاحية القاها الناقد فاضل ثامر عن اتحاد الادباء، ومدير عام دار الشؤون الكوردية ائاوات حسن، وغيرهما. وتحدث رئيس تحرير جريدة الصباح ونائب الأمين العام لاتحاد الادباء في العراق الناقد علي حسن الفواز في الجلسة الاستذكارية، قائلاً: إن الحديث عن الدكتور معروف خزندار هو مسؤولية أخلاقية ووطنية، إذ يتطلب منا أن نتحدث عما هو علمي ومعرفي في حياته.واضاف الفواز السيرة لوحدها لا تنفع رغم أهميتها وأهمية الأثر الذي تركه الدكتور معروف خزندار، وتابع الفواز ” حينما نتحدث عن رموزنا الثقافية بكل ما تحمله من قيمة وما تؤديه من وظائف أو ما أسسته من علامات فارقة في حياتها الثقافية، فان المسؤولية أيضا تقتضي منا الحديث عما هو علمي ومعرفي، لاسيما أن خزندار قد تصدى للكثير من العقد والإشكاليات التي تدخل في المجال المفهومي للعقل الثقافي العراقي بشكل عام والهويات بشكل خاص والتعريفي بشكل آخر”.وركز الفواز كذلك عبر حديثه على المحطة الأولى التي يمكن تسميتها محطة التشكل الأولى (المحطة الرومانسية) بكل ما تعنيه من تمثيلات أولى ورغبات منها الرومانس والافعال والحياة والرغبة في البحث عما هو جمالي وما هو معرفي وما هو وطني.
وقال: حتى المرحلة الوطنية أو ما يسمى بمرحلة النضال الاجتماعي أو التفكيري أو حتى النضال العقائدي – بمعنى أدق – هي معركة الدفاع في البحث عن الوجودي، عن الذات، وبما أن طرق البحث عن الذات أو طرق تأسيس هذه الذات المعرفية، هي تواقة للمعرفة التي تشتبك مع ما هو سائد وفاعل في حياة المجتمع العراقي، لاسيما اشتراك خزندار المعرفي في انتفاضة 1948، وهو هنا لم ينطلق فقط من كونه حالة تعبيرية أو التعبير عن حالة وطنية، وانما تحمل هذه الانتفاضة أيضا المكان الثقافي، لأن المثقفين العراقيين في الأربعينيات قد شاركوا فيها للبحث عن التوق للحرية والاستقلال والسيادة وعن الكثير من القضايا التي تتعلق بالعقل العراقي.وواصل الفواز قائلاً: المثقف الكبير هو الذي يملك القدرة على التجاوز، لذلك كان خزندار ينظر إلى الحالة العراقية بوصفها حالة وطنية، ولكن هذا لا يعني أنها تنفصل عن الحالات الأخرى التي تنتمي إلى الهوية وقيمة الإنسان.
أما في الجانب الآخر فقد توقف الفواز عند مرحلة الستينيات أو مرحلة ما بعد السفر إلى الاتحاد السوفيتي، وكشف –الفواز- موضوعة مهمة تتمحور في سؤال (كيف للمثقف أن يؤدي وظيفة العالم الاستشراقي على مستويات الكاشف والباحث الذي يهتم بأهمية اللغة للكشف عن الكثير من القضايا؟). فكثير من الناس ينظر إلى الاستشراق – بوصفه العلمي الاستعمار أو أن المستعمرين قد وظفوا الاستشراق للسيطرة على الشعوب، موضحاً أن (الدكتور معروف خزندار من الذين أعادوا صياغة هذا المفهوم). وكانت المرحلة الأدبية عند الفواز حينما كتب خزندار عن تاريخ الأدب أو الشعر الكردي، وقال: من يقرأ كتابه يكتشف مدى العلمية والمعرفية التي تحدث عنها بعقل المؤرخ وبعقل الناقد وبعقل القارئ، كما يمكن للشاعر الكردي أو المثقف العراقي الاعتماد عليها حين يود التعرف على الأدب الكردي.
وتحدث القاص حسين الجاف الذي ادار جلسة البحوث المعنية بالدكتور معروف خزندار، عن علاقات خزندار الاجتماعية، وكيف أنه كان اجتماعياً بامتياز ومثقفاً ومعلماً للأجيال ولديّه علاقة وثيقة بالأدباء العراقيين ويهتم بزيارتهم والتردد عليهم.كما تناول الجاف عبر حديثه، كلمة (خزندار) والتي تعني أمين الصندوق، أو صاحب الخزينة، اذ كان جده اميناً للخزينة في زمن العثمانيين.واضاف الجاف ثمة صحيفة بعنوان “كردستان” وهي أول صحيفة كردية صدرت في القاهرة في 22 نيسان عام 1898، على يد مقداد بدرخان، تحدث الجاف عن اكتشاف خزندار لها وتقديمها للمثقفين الاكراد وعرّف بها العالم الثقافي، وهذا أمر يدل على احتضان الثقافة الكردية، حسب الجاف.
كما تناول الجاف مشوار حياة خزندار خلال فترتي المتوسطة والاعدادية وكذلك ما قبل سفره إلى الاتحاد السوفيتي.وشارك في طرح البحوث كل من الاكاديمية في جامعة بغداد الدكتورة فرح صابر، والأكاديمي الدكتور عماد الجواهري، والناقد فاضل ثامر الذي تناول بدوره تأسيس الثقافة الكردية التنويرية، وكيف أن الدكتور معروف خزندار هو رجل تأسيسي لهذه الثقافة فقد استطاع في النصف الأول من القرن العشرين، أن يترك بصماته الواضحة في الثقافة العراقية.
وتخلل الجلسة الاستذكارية عزف وغناء للفنان جواد محسن، كما وشارك رئيس اتحاد الادباء الباحث ناجح المعموري بالحديث عن شخصية الدكتور معروف خزندار السياسية الكبيرة كونه شخصية مناضلة مرت بمراحل صعبة ولحظات مبكرة في تاريخ العراق السياسي، وهي مرحلة الأربعينيات التي تكرست بمشاركة الحزب الشيوعي العراقي.أيضا، تناول المعموري العناصر التي صاغت اهتماماته الثقافية وكيف أنه قد ذهب باتجاه هوية متنوعة على الرغم من أنه دائما ما يؤكد أهمية الهوية الكردية، وهذه واحدة من الملامح التي ميزت شخصية الأكاديمي الجديد، كما ركز المعموري في حديثه على قدرته الصحافية الفائقة والعمل في هذا المجال.وجاءت مشاركة الناقد علوان السلمان بورقة بعنوان ” معروف خزندار مترجماً” نقل من خلالها محطات الثقافة الكردية وابداع خزندار في الترجمة، بوصفها قنطرة للتلاقح بين ثقافات الشعوب وفق نسق فكري ومعايير تسهم في انتظام سيرورتها الناقلة للنص من سياق ثقافي إلى سياق ثقافي آخر ابتداء من (لغة الانطلاق) إلى (لغة الوصول). وكيف أن خزندار كان يرأس عدداً من الصحف كصحيفة شمس كردستان، الآداب والدفاتر الكردية والكاتب الكردي، إضافة إلى اتقانه اللغة العربية والروسية والتركية والفارسية والانكليزية والفرنسية.