الأزمة الجديدة العراق في عين العاصفة

الأزمة الجديدة العراق في عين العاصفة
آخر تحديث:

بقلم:حيدر الصراف

مواجهة محتملة بدأت ملامحها تلوح ليس بعيدآ بين ايران و امريكا من خلال أعتبار الحرس الثوري الأيراني من وجهة النظر الأمريكية هو منظمة ارهابية غير منضبطة و غير مرتبطة بالدولة الأيرانية الرسمية و ذلك بأمتلاكه ميزانية خاصة به تمول من الأستثمارات الداخلية و الخارجية تنفق على تسليحه و جنوده و أنشطته الحربية بمعزل عن وزارة الدفاع الأيرانية و جاء الرد الأيراني سريعآ بأعتبار القوات الأمريكية المتواجدة في غرب آسيا هي الأخرى قوات ارهابية خارجة على القانون و استنادآ على ذلك يمكن مساواتها بالتنظيمات الأرهابية كالقاعدة و داعش و شرعية استهدافها عسكريآ في اماكن تواجدها و تمركزها .

هذه التوترات و الأزمات بين البلدين لم تكن جديدة او عابرة انما هي قديمة قدم الثورة الأيرانية التي اعلنت العداء السافر للولايات المتحدة الأمريكية منذ قيام نظام الجمهورية الأسلامية منذ عشرات السنين و لم تهدأ الحملات الأعلامية العدوانية المتبادلة بين الطرفين و لم تتوقف بل كان هناك اوقات من التهدئة يعقبها تصعيد اعلامي في الغالب الأعم و ان كانت هناك بعض المواجهات التي كانت ( ايران ) تدفع بحلفائها لمهاجمة القوات الأمريكية كما حدث لقوات المارينز الأمريكية في لبنان في الثمانينات من القرن الماضي حين هاجم ( حزب الله) اللبناني الموالي لأيران القوات الأمريكية المتواجدة في لبنان حينها .

لعل اكثر ( الخسائرالمعنوية ) التي تكبدتها القوات الأمريكية كانت تلك التي حدثت اثناء تواجدها في العراق عقب اسقاطها النظام العراقي السابق حين كان هناك ما يشبه الأتفاق الضمني بين المنظمات الأسلامية المتطرفة ( السنية ) و بين التنظيمات الموالية لأيران ( الشيعية ) على مهاجمة القوات الأمريكية و أيقاع افدح الخسائر في صفوفها و هذا الأمر لم يحدث لأن الشعب العراقي هو من دفع الضريبة الكبرى من ذلك الصراع الأيراني – الأمريكي من دماء أبنائه الغزيرة و تدمير بناه الأقتصادية و تهديد أمنه و سيادته و تعريضها للخطر الخارجي المحدق و التقسيم الداخلي الى دويلات طائفية بعد ان نشبت الحرب الأهلية التي كادت ان تودي بالدولة العراقية الى متاهات التفتت و التشرذم .

على الرغم من التواجد العسكري الأمريكي في أغلب دول غرب آسيا ( حسب المصطلح الأيراني ) و هي اضافة الى العراق دول الخليج العربي و لعل الأساطيل الحربية الأمريكية التي تجوب مياه الخليج العربي و القواعد العسكرية الأمريكية في الدول الخليجية و التي هي من أهم القواعد الأمريكية و أكبرها في العالم و خاصة تلك التي توجد في دولة ( قطر ) لكن المسؤولين القطريين لم يأبهوا كثيرآ من احتمال مهاجمة القوات الأيرانية للقاعدة الأمريكية في قطر و ذلك و ببساطة شديدة لأن الأيرانيين كانوا يقصدون ( غرب آسيا ) هو العراق فقط و الذي سرعان ما أنبرت الفصائل ( العراقية ) المسلحة الموالية للحكومة الأيرانية بأطلاق التهديدات و التصريحات الأستفزازية تجاه الحكومة الأمريكية و قواتها المتواجدة على الأراضي العراقية بطلب رسمي حكومي عراقي معلن .

أعتمدت الحكومة الأيرانية في كل الهجمات التي الحقتها بالقوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة سواء تلك التي كانت في لبنان او في العراق على المنظمات و الفصائل الموالية لها و لم تدخل في مواجهة مباشرة مع القوات الأمريكية على الرغم من ان الأسطول الحربي الأمريكي متواجد على الدوام في الخليج العربي و على مقربة من السواحل الأيرانية الا ان ذلك لم يشجع القوات الأيرانية على مهاجمة الجيش الأمريكي طالما هناك فصائل و منظمات اخذت على عاتقها أداء هذه المهمة نيابة عن الجيش الأيراني او الحرس الثوري الذي يفترض بهما القيام بالمهام الحربية كونهما المؤسسة العسكرية النظامية التي تملك من الأسلحة و الأعتدة و الشرعية ما يؤهلها للقيام بمهام الجيوش العسكرية التي تدافع عن دولها و حكوماتها و شعوبها .

أكتفت الحكومات الأيرانية و منذ قيام نظام الثورة الأسلامية بالتهديد و الوعيد فقط ما جعل من تلك التهديدات فارغة و غير مهمة و لا تؤخذ على محمل الجد ما جعل ( أسرائيل ) تكيل الضربات للقوات الأيرانية المتواجدة في ( سوريا ) دون رد عملي عسكري رادع يوقف ( أسرائيل ) و يضع حدآ لغطرستها سوى تلك الردود الأعلامية التي لا تأثير يذكر لها ما جعل أسرائيل تتمادى في تلك العربدة العدوانية و تستمر في هجماتها على الأراضي السورية في واحدة من ابشع صور العدوان و الأستهتار الذي تماسه الدولة العبرية التي خرقت كل القوانين و الأعراف الدولية دون ان تجد من يقف لها و لتصرفاتها العدوانية بالمرصاد و الترقب .

اذا كانت المواجهة القادمة بين ايران و امريكا حتمية الوقوع بغض النظر عن احقية التصانيف ( الأرهابية ) بين الطرفين فأن النأي بالساحة العراقية عن ذلك الصراع المحتمل هو واجب النخب السياسية المتواجدة في البرلمان و الحكومة و التي عليها مسؤولية حماية الوطن و الشعب من الأخطار المحدقة و لجم الأصوات النشاز التي تدعو للوقوف الى جانب هذه الجهة او تلك و أحالة اولئك الذين يصرحون و يدعون الى الزج بالبلاد في أتون حرب لا ناقة للعراق فيها و لا جمل و احالتهم الى المحاكم المختصة بتهمة تعريض البلاد و أمن الشعب الى المجازفة و المخاطرة و جعل العراق ساحة صراع و تصفية حسابات للآخرين و ما يلحقه ذلك من دمار و خراب أجتماعي و اقتصادي و كأن كل تلك الحروب المتلاحقة و المتعددة التي ابتلي بها الشعب العراقي لم تكن كافية و لابد من المزيد من الدماء التي تراق على مذابح الآخرين و في حروب الآخرين و في نزوات الآخرين.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *