أكاد أجزم أن الطبقة السياسية الحاكمة في العراق تعلم جيداً أنها عاجزة تماما عن قيادة دولة مهمة كالعراق في ثرواته الوطنية وأهمها الشعب. ولم نبخل يوما في تقديم النصح بما استطعنا اليه سبيلا سواء الى الطبقة السياسية بأحزابها وشخوصها أو المعارضين للعملية السياسية من ناشطين او خاملين. كان الهدف من نشاطنا هو توحيد الجهود المخلصة لانقاذ العراق وقيادته قيادة رجال دولة. الأمر مختلف الآن تماما لاينفع معهم نصح او موعظة أو توبيخ وتحذير فالمرحلة الحتمية للصراع بابه مفتوح بشكل لايقبل الشك إنما هي مسألة وقت. وجميع الأطراف الحاكمة قدمت كل مالديها من اوراق التضليل وخداع الشعب، نحن إذ نخاطب الرأي العام ندرك حجم الخطورة والتحديّات ولهذا نضع الجميع امام الاختبار الوطني وكنّا دائما نضعهم على محك الاختبار فلم نجد منهم الا الأدعياء. إن مخرجات الأزمة العراقية يمكن أن تُحل بأقل الخسائر إن توفرت الارادة والثقة بالنفس فهناك توجه واضح في حركة من يدّعون المعارضة في الخارج يعتمد على المراهنة بحدوث شيء ما خارج سياقات جهدهم مثل إقتتال بين المتصارعين الرئيسيين التيار الصدري والاطار ومن خلاله يدخلون في معادلة كسب ود احد المتصارعين خصوصا التيار الصدري. هذه المراهنة أعتبرها مراهنة الجبناء الفاشلين. القوة الوطنية ليست بالضرورة ماتملكه من مليشيا مقاتلة قد تملك قوة في الخطاب الوطني الموجّه الذي يستقطب شرائح مهمة من المجتمع وتفرض وجودك في الساحة لأن هناك من يقرأ ويستمع ويعرف كيف يختار القيادة المعبرة عن تطلعاته وآماله. التوجه الآخر لدى من تسوّق لهم الماكنة الاعلامية الفاشلة وهي أيضا تتحمل مسؤولية ما آلت اليه الامور في العراق أنّ مجموعة من التناقضات في مواقف الكثير ممن يتحدثون في القنوات الفضائية كل يحمل في داخله مراهنة شخصية أو فئوية تتعارض مع المصلحة العامة وتدور مخرجاتهم في دائرة مصالح أحد اطراف العملية السياسية متجاهلين المخرجات المنطقية لجوهر الأزمات.هنا أورد بعض مانراه مخرجا حيويا لمن يبحث عنه :
أولاً : أعلنّا عن مبادرتنا لعقد مؤتمر للحوار الوطني ويبدو أن الجهة التي انفتحنا في الحديث معهم غير قادرة على تحمل هذه المسؤولية في الترويج لها والتنسيق المتبادل لانجاحها اولا من حيث تبنّيها وتحويلها مطلباً جماهيريا. كانت دعوتنا الى عقد مؤتمر للحوار الوطني وفق آليات عادلة للشعب قد انفتحت حتى على بعض التنسيقيات لمن يروجّون أنهم معارضين للعملية السياسية وانّهم ضد المحاصصة ومع التغيير الثوري فنصحناهم الى الترويج أيضا لعقد مؤتمر للحوار الوطني ليكون كذلك مطلباً جماهيرياً يثير انتباه وسائل الاعلام ويتحركوا كذلك باتجاه مفوضية الأمم المتحدة.مانراه هو تقزيم للمبادرة وحصرها بين الكيانات السياسية أو من ترشحهم الكيانات السياسية الحاكمة وهذا هو التفاف خطير يُراد منه اعادة تأهيل العملية السياسية ، للأسف دائما ماحذّرنا من هكذا جريمة.
ثانيا : يُفترض أن يأخذ الشعب وضمن فعاليات مستقلة عن التيار الصدري وضمن اعلان واضح يأخذوا دورهم في إبراز قضية الشعب الأساسية نحو تغيير العملية السياسية من خلال إعادة بناء مؤسسات الدولة بعيداً عن الأحزاب ومليشياتها ممن تورطوا في ملف انتهاكات حقوق الانسان. وفي هذا السياق يتم تشكيل مجلس إدارة الدولة الذي أعلنّا عنه في شهر تشرين الثاني 2019 وكررنا الدعوة اليه فهو من يتولى مهام عمل حكومة الانقاذ او الطوارئ. المهمة توكل الى رئيس الجمهورية وإن لم يستجيب فتُقدم قوى المعارضة إن كان لها وجود تتبنّى هذه المبادرة.الفعاليات الاجتماعية كقوى مدنية مثل النقابات المهنية والشخصيات المستقلة يُفترض أن يكون لهم دورا مهما في هذا الموضوع دون الميل الى أي طرف من اطراف الصراع واعني بهما التيار والاطار. لابد أن تشعر جميع الأطراف الحاكمة أنّها مُهمّشة من هكذا موضوع بعد أن أغلقت ابواب الدعوة الى عقد مؤتمر للحوار الوطني. نحن نعرف أهمية هذا المقترح البديل ولذلك سيتحرك أدعياء المشروع الوطني.كما تحركت مجموعة تُسمّى نقابة الأكاديميين العراقيين وبالتأكيد هم ضمن دائرة الكيانات السياسية ليسرقوا مبادرتنا الى عقد مؤتمر للحوار الوطني. أساليب وضيعة للأسف لاتخدم أجندة المشروع الوطني. الآن صار لدينا طرحين مهمين الأول مؤتمر الحوار والثاني مجلس إدارة الدولة ولكل منهما ملف متكامل لدينا في الجبهة الوطنية للتغيير في العراق من حيث الفكرة والأهداف والآليات مع الضمانات أن تصب المخرجات لصالح قوى الشعب.مع ملاحظة مهمة أن قوى الداخل والخارج لاانفصام او انفكاك بينهما فكل مكمّل للآخر.
ثالثا : تتبنّى بعض القوى او الشخصيات الفاعلة والمؤثرة رغم شكوكي في الأمر ، تتبنّى عقد مؤتمر طارئ لقوى المعارضة خارج العراق تطرح المشروع الوطني وهذا أيضا من الملفات الموجودة في المكتب السياسي للجبهة الوطنية للتغيير في العراق. نستطيع التحرك اقليميا ودوليا لتفادي الأخطار المحدقة وكذلك التفاعل مع موضوع القيادة الوطنية البديلة وبالتأكيد سيكون لقوى الشعب الداخلية الحضور الفاعل والمؤثر في ملف القيادة.
رابعا : إن عجرنا عن تحقيق المخرجات الثلاث أعلاه فهنا يأتي دور الجميع في عنصر المفاجأة وهذا متروك للظروف الداخلية ونحن في صدد مراجعته لاتخاذ مانراه مناسبا وسيُعلن عنه لاحقا. هنا نقول كلمتنا للتاريخ والشعب ، تغيير العملية السياسية في العراق لايناله الى ذو حظ عظيم.هناك مقدمات أخلاقية أولا ودوافع وطنية ثانيا مع الايثار وهذا مانفتقده في هذه المرحلة.