تشكل الانتخابات العراقية البرلمانية القادمة ،حدثا مصيريا للعراق والمنطقة، لانها ستحدد شكل الحكم ونوعية السلطة، إن كانت دينية أم مدنية ، وسيتقرر ايضا مصير العراق من خلالها، ولهذا ينتظر العالم كله هذا الحدث الاستثنائي، خاصة بعد الانتهاء من مرحلة سيطرة تنظيم داعش على مدن عراقية ، وتهديده المنطقة والعالم ، لان الانتخابات بكل تأكيد ستغير شكل المنطقة وتحالفاتها وأمنها واستقرارها ،وتعمل إدارة الرئيس ترمب بكل طاقتها ونفوذها في العراق، على إجراء تحولات جذرية في الحكم ،والتي تصر على تحويله الى حكم مدني، وإبعاد الاحزاب الدينية والعمائم عن الحكم بأية طريقة ،لتضمن نجاح حلفائها في مرحلة مابعد داعش ،وهكذا تعمل إيران وبكل قوة نفوذها وسطوتها الدينية والعسكرية على إبقاء أتباعها في السلطة لتنفيذ وإكمال مشروعها التوسعي الديني في المنطقة، إذن الصراع الامريكي-الايراني في الانتخابات ،هو من يتسيد المشهد السياسي العراقي الانتخابي الآن ،وهذا الصراع يأخذ أشكالا متنوعة منها الدعم المالي والدعم الاعلامي والدعم السياسي،ولنعد الى التحالفات التي تجري الان ، فنجد هناك جناحان للتحالفات ،أمريكي وإيراني، فالجناح الذي يرأسه حيدر العبادي هو (قائمة النصر) ،وتدعمه إدارة الرئيس ترمب ،فيما قائمة تحالف نوري المالكي دولة القانون يمثل الجناح الايراني ، وهكذا تتسابق الاحزاب والكتل والشخصيات ،للالتحاق بالتحالف الاقوى والاضمن لها في الفوز ، وهذا بحد معركة انتخابية تستخدم فيها الاحزاب والكتل كل انواع الاغراء والتهديد والترغيب لضمان الفوز ،فنرى تسابق البعض الى قائمة العبادي وإستقتالهم للانضمام لقائمته ،فيما بقيت قائمة المالكي يحذر الاخرون الالتحاق بها لعدم ضمان الفوز ، لان نوري المالكي ااااصبح منبوذا سياسيا والالتحاق بقائمته غير مضمونة الفوز ،فبعد ان اعلن العبادي رفضه دخول قادة الميليشيات وعناصر الحشد الشعبي في الانتخابات ، قبل انضمام كتلة (الفتح المبين) التي يرأسها هادي العامري ومعه الخزعلي والاسدي وغيرهم من قادة الحشد والميليشيات ، وهذا أول خرق إنتخابي يمارسه العبادي في الانتخابات ونكث للوعد الذي قطعه امام الشعب العراقي، فيما كانت القوائم والتحالفات الاخرى ،مثل تحالف اياد علاوي واسامة النجيفي والمطلك يتوجس من هذه التحالفات المريبة التي تأخذ طابعا طائفيا ،بالرغم من اعلان العبادي عن تحالفه بأنه تحالف عابر للطائفية ،والذي كذبه السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في اليوم وهاجمه بشده واصفا التحالف( بالبغيض والطائفي)، فيما إنسحبت قائمة هادي العامري (الفتح المبين ) ،التابعة للفصائل العسكرية من تحالف العبادي، بسبب دخول قوائم(سنية ) تدعي( الفتح)،بأنها فاسدة وملوثة بالدم والمال العراقي ، وهذه أول إنتكاسة للعبادي في الانتخابات ،هناك مفاجآت لاحقة قد تغير من وجهة التحالفات السياسية ،ونتيجة الانتخابات، بالرغم من أن البرلمان سيناقش طلبا بتأجيلها لمدة ستة أشهر بسبب عدم عودة النازحين والمهاجرين والمهجرين الى مدنهم،والتي تعتبر عقبة دستورية ، امام مرشحي المدن التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش،فيما يريد الخصوم إستغلال النزوح والتهجير لضمان إستمراره في السلطة ويرفع من خلالها شعاره الطائفي المقيت(حتى ما ننطيها )،نحن نرى أن الانتخابات ستجري سواء تحققت أم تأجلت ،ما يهمنا هنا هو التغيير الجذري، الذي لابد أن يحصل، وإبعاد التحالفات الطائفية والاحزاب الدينية ورموز الفساد وحيتانه ،التي حولت العراق الى خرابة تنعق فيها البوم ،ونشرت لارهاب بكل أشكاله ومسمياته ونشرت الطائفية فيه ،إن حكم الاسلام السياسي في العراق فشل فشلا ذريعا ،بل كان سببا رئيسيا في دمار وخراب العراق وما يزال، وإن شعب العراق،قد لفظه ومقته ،لانه أنتج له وفرّخ الارهاب ،برؤوسه الشريرة ومسمياته وأفكاره المنحرفة والمتطرفة، ويريد ألآن لتصحيح المسار من خلال رفض انتخاب هؤلاء الذي تبرقعوا بإسم الدين وقتلوا الشعب بغسم الدين ومظلومية المذهب(شيعيا وسنيا)، أما ادارة ترمب هي الاخرى لها إستراتيجيتها في الانتخابات،بل فرصتها الذهبية في النزوع الى التغيير الشامل حسب استراتيجية الرئيس ترمب في العراق،وهكذا تتناغم العلمانية المدنية مع التوجه الامريكي في السيناريو مابعد الانتخابات وبإصرار نحو نجاح تجربة الانتخابات لصالحها ، والتخلص من حكم الاسلام السياسي الراديكالي،وهو ما يجعل من فوز الخط المدني والدعم الامريكي ممكنا وكلنه ليس سهلا، أمام المشروع الايراني وإصراره وقتاله على إستمرار التمسك بالسلطة التابعة له والتي تأتمر باوامره لانها ولاءها الديني له وتعمل على تحويل نظام الحكم في العراق الى سلطة (ولاية الفقيه)، التي يرفضها المرجع الديني السيد السيستاني وشعب العراق كله،إذن نحن كشعب عراقي في صراع مع المشروع الايراني ويجب إسقاطه في الانتخابات،ليبقى العراق مستقرا وموحدا ، وبعكسه ستبقى الاوضاع في فوضى سياسية وحروب طائفية غير منظورة ومنظورة أحيانا، وسيضطر الحلفاء الى القبول مرغيمن على انشاء الاقاليم الخاصة بهم لكي يضمنوا الحياة المستقرة بعيدا عن النفوذ والهيمنة الايرانية وسطوة ميليشياتها الطائفية، وسيفشل بوحدة العراقيين المشروع الايراني الذي يلقى الرفض المطلق، ولكن يبقى الشعب العراقي بيضة القبان التي ستزيح الاحزاب الطائفية التابعة لولي الفقيه الايراني، وتعيد للعراق وجهه العروبي والعربي ، إنها ليست فرصة الامريكان وحدهم ،بل فرصة العراقيين والعرب في ازاحة ظلام وفساد الاحزاب الدينية الطائفية ،وحيتان ورموز الفساد في السلطة ، والقائهم الى مزبلة التاريخ ،في دعم القوى العراقية الوطنية(سنة وشيعة وتركمان واكراد ومسيحيين وايزيدين) دعما ماليا واعلاميا في الانتخابات القادمة لهزيمة المشروع الايراني ورموزه الفاسدة بكل مسمياتها، وهذه ليست مهمة العراقيين فقط،بل مهمة الامم المتحدة ومجلس الامن والادارة الامريكية والدول العربية والاسلامية والاوربية ،في ضمان اجراء انتخابات نزيهة وعادلة ،وبإشرافها ،بعيدة عن التزوير الذي حصل بنسبة مئة في المئة ،في فترة ولايتي نوري المالكي السوداء،وبهذا فقط نتخلص من الاسلام الراديكالي، ونتخلص من هيمنة وسطوة ونفوذ وإحتلال إيران للعراق،وبهذا فقط يعود الامن والاستقرار للعراق،ويعود خمسة مليون مهجر ونازح ومهاجرللعراق، نعم الصراع الامريكي-الايراني على أشده في العراق، لأن مصير المنطقة كلها مرهون بإزاحة الاسلام السياسي الفاشل والفاسد من السلطة ، خاصة بعد القضاء على تنظيم داعش الارهابي الى الابد، بدماء عراقية طاهرة، وبطولة الجيش العراقي البطل ، إذن العراق أمام مفترق طرق مصيرية ، وسط فوضى عارمة من فشل حكومي في ادارة السلطة، وإستشراء الفساد المنقطع النظير في التاريخ،وعلى العراقين ودول التحالف والعرب إيقاف هذه المهزلة،وإحالة رموز الفساد الى القضاء،المهمة صعبة نعم ولكنها ليست مستحيلة ، العتب واللوم والعار على من يلتحق بالقوائم التي تعلن عن طائفيتها وتبعيتها لايران ، من جميع الطوائف والقوميات والمذاهب، لانه يقوي المشروع الطائفي، ونظام المحاصصة البغيض ويعمل على إدامة ونشر الطائفية والفوضى في العراق الى زمن غير منظور ،تهدر فيه دماءا عراقية زكية بسببهم،نحن متفائلون بالانتخابات القادمة ونبني هذا التفاؤل والثقة، على وعي شعب العراق بكل قومياته وطوائفه، التي دفعت ثمنا غاليا بسبب فشل وطائفية الاحزاب الحاكمة وتبعيتها لأيران ،الصراع الامريكي –الايراني في أوجه في إنتخابات العراق ،وهو من بين مشروعين مختلفين ،بالرغم من التناغم والتخادم الذي حصل في فترة الحرب على داعش، لكنه الآن أخذ شكلا آخر تماما ،هو فرصة التخلص من الاسلام الراديكالي بأية وسيلة والهيمنة والنفوذ والاحتلال الايراني ،وهو ما سيحصل ، في الانتخابات العراقية المقبلة …..