في واحدة من أكثر المشاهد فضحًا لحالة اللاانتماء الوطني التي يعيشها البرلمان العراقي، تظهر وثيقة موقعة من قِبل عدد ضئيل جدًا من النواب (120 نائب فقط من أصل 329) يرفضون اتفاقية خور عبد الله البحرية مع الكويت، التي تمثل تعديًا واضحًا على السيادة البحرية العراقية. بينما يغيب البقية، أو يلتزمون الصمت، في مشهد يعكس ما هو أعمق من مجرد “تقصير سياسي”: بل هو تجسيد لتحول البرلمان إلى أداة بيد الأحزاب اللاإسلامية التي تسير وفق أجندات خارجية، لا علاقة لها بمصالح العراق أو شعبه
تحالفات خارجية.. لا وطنية
منذ سنوات، استولى على مفاصل البرلمان العراقي تحالف هجين من الأحزاب التي لا تمثل أي مشروع وطني. هذه الأحزاب، التي تدعي الإسلام زورًا، تمارس أبشع أشكال الانفصام السياسي، حيث تتحرك بأوامر خارجية: تارة من طهران، وتارة من الدوحة أو أنقرة، وفي أحيان كثيرة بحسب مصلحة زعيم المليشيا لا مصلحة الوطن.
خور عبد الله: اختبار للانتماء ففشل فيه الأغلب
اتفاقية خور عبد الله ليست مجرد “خلاف حدودي”، بل قضية تمس أمن العراق البحري وسيادته الاقتصادية. من المفترض أن يقف النواب جميعًا صفًا واحدًا لرفضها، لكن الحقيقة أن أغلبهم إما غائب عن الجلسة عمدًا، أو متواطئ بصمته. وهذا بحد ذاته يكشف أنهم لا يمثلون العراق، بل يمثلون كتلهم وأوامر أولياء نعمتهم. علما ان هناك معلومات تشير إلى ان بعض النهاب من اعضاء المجلس استلموا رشاوى من الخصم !؟!؟
برلمان غير شرعي، وإرادة مصادرة
منذ انبثاقه عن انتخابات مشكوك في شرعيتها، لم يكن هذا البرلمان سوى واجهة لمصالح أحزاب السلاح والمال، لا الشعب. تمرير قوانين خدمية يتأخر لأشهر، بينما تُمرر اتفاقيات تضر بالعراق في ليلة وضحاها. والنتيجة: تحوّل مجلس النواب إلى سوق صفقات سياسية، لا مجلس رقابة وتشريع.
العراق خارج حساباتهم
المنشور المتداول يقولها بوضوح: “البقية ما لهم دخل لأن العراق مو بلدهم”. وهذا ليس تعبيرًا مجازيًا، بل واقع يومي نراه في مواقفهم، حيث يسكتون عن جرائم الفساد، ويمررون صفقات الخيانة، ويتغاضون عن الاغتيالات والتهجير والتبعية، طالما أن مقاعدهم محفوظة ورواتبهم مستمرة.وحقيقة الأمر ان مجلس النواب العراقي الحالي ليس سوى انعكاس لانهيار المنظومة السياسية بأكملها اخلاقيا وان الاوان للعراقيين ان يقولوا كلمتهم الرافض لوجود هؤلاء الخونة بصوت عال، لانهم أحد أدوات مشروع تخريب العراق من الداخل. ولن يُستعاد القرار الوطني إلا حين يُعاد بناء المؤسسة التشريعية والتنفيذية من جديد، وفق شرعية وطنية حقيقية، خالية من تبعية الأحزاب اللاإسلامية والميليشياوية المرتبطة بالقرار الخارجي .