يلعب الإعلام دوراً مهماً في عملية الرقابة وكشف ملفات الفساد في المجتمعات الحرة ، وعبر وسائل البث المتنوعة كانت تفتح أخطر الملفات وسرعان ماتتحول الى فضحية تنتهي الى منصات الرأي العام وقاعات المحاكم ، ويترتب عليها سقوط أنظمة او استقالة حكومات ..!
تلك ثقافة ترسخت في الأنظمة الديمقراطية في ظل سلطة إعلام حر قوي ، وقضاء صارم مستقل يحمي الدولة .
اللافت في المجتمعات و الأنظمة الديمقراطية، أنها لاتتواني في أداء الواجباب القانونية والأخلاقية في التعامل مع الفساد وكشفه بأعتباره وصمة عار ضد المجتمع والدولة ، وخيانة عظمى للأمانة والوظيفة .
وإذ تنشغل هذه المجتمعات بأبتكار آليات للحد من فرص الفساد ومكافحته عبر تعامل تتسم بالشفافية ، فأن ذاكرة الفضائح تنتعش بالجديد مرة كل خمس سنوات او عشر سنوات كما يشير سجلها المجتمعي .
الكارثة مايحصل عندنا في العراق من هدير يومي صاخب بفضائح فساد يطل علينا عبر شاشة البغدادية في برنامج ” استديو التاسعة ” .
وهنا أخاطب صاحب القناة الأخ عون الخشلوك شخصياً بكونه صاحب القرار الأول في القناة ، وقد بلغني انه يحترم رأي الإعلام الموضوعي والنقد البناء .
البغدادية عبر هذا البرنامج او غيره اثبتت روحها الوطنية النقدية والإندكاك مع الشعب وحرياته وحقوقه ، خصوصاً بعد الدور الوطني البارز لحضورها في تظاهرات 31آب .
لكن الإنصاف والحرص على البغدادية تدعونا ان نطالبها بإيقاف هذا البرنامج وللاسباب التالية .
*استنفاد مهمة البرنامج بعد ان أوصل رسالته بوضوح عن تورط الحكومة الحالية بصفقات فساد كبيرة هائلة اضاعة ثروة الشعب .
*وصول البرنامج لمنطقة الفراغ والإجترار واصبح منصة لتصفية الحسابات والتسقيط الفردي والحزبي ، وتحولت البغدادية الى جسر تعبر من فوقه غايات مكشوفه لعناصر تحمل من مؤشرات الفساد والوضاعة مايضعها موضع شك وإساءة لرسالة القناة .
*لجوء الضيوف في عدد غير قليل من البرنامج الى الإدعاء بلا وثيقة .
لا أعتقد ان العاملين في البرنامج يقدرون خطورة مايقدم من تأثير نفسي لدى المواطن ، أنهم يزرعون اليأس في أعماقه ولاشعوره ، ويجعلونه يؤمن بأن لاخلاص من واقع محكوم عليه بالخراب واللعنة الأبدية ، وانا واثق أن اهداف الأخ عون الخشلوك بعيدة كل البعد عن هذه الأهداف السوداء .
لايمكن ان يكون جميع المسؤولين العراقيين فاسدين وبهذه الدرجة من العدوانية واللصوصية ضد الشعب والوطن ، ومهما كان الموقف معارضا لفساد الحكومة وفشلها ولكن لانعطي الحق بأتهام الجميع ..!
واذا كانت الغرض تغليب فصيل سياسي على آخر لأهداف مستقبلية ، فأن النتائج تتخطى ذلك الى الضرر بالبنية العامة للمجتمع لأن رسالة البرنامج اصبح واضحة وهي اشاعة مشاعر اليأس وترسيخ ثقافة الفساد بكون واقع لامناص منه .
أدعو الأخ عون الخشلوك الى تفهم خطورة الإعلام وهو يتصدى لقضايا وطنية مهمة ومؤثرة ، وتذكر بأن الإعلام سيف ذو حدين . [email protected]