التبليغات القضائية بعد الإحتلال .. من سبل الفساد ؟!
آخر تحديث:
بقلم: اياد عبد اللطيف سالم
التبليغات القضائية ، عنوان في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969- المعدل ، تندرج تحته أحكام مواد القانون (13-28) بكل تفاصيلها ، وهي المعتمدة في جميع المحاكم ومديريات التنفيذ ، المبتدئة بأن ( يقوم بمهمة التبليغ من يعينهم وزير العدل ، ويجوز إجراء التبليغ برسالة رسمية من المحكمة بواسطة البريد المسجل المرجع ، أو ببرقية مرجعة في الأمور المستعجلة بقرار من المحكمة ، وفي حالة عدم وجود مكاتب للبريد في المكان المطلوب التبليغ فيه ، يقوم بالتبليغ رجال الشرطة ) . وكان من المفروض وبعد توفر أجهزة الإتصال الحديثة المتعددة والمتنوعة بعد الإحتلال سنة 2003 ، أن يتولى المشرع المتمثل بمجلس النواب وحسب آليات التشريع المعتمدة دستوريا ، تعديل القانون بما يوجب إستخدام تلك الأجهزة والوسائل لتبادل المراسلات بين دوائر السلطات ، ضمانا لسرعة إنجاز المعاملات بالمحافظة على الوثائق من التزوير ، والتخلي عن المطالبة بصحة الصدور إلا عند الضرورة القصوى ، والتخفيف عن كاهل المواطن عبء مراجعات دوائر لا تتميز بعد الإحتلال.
بغير الفشل والفساد الإداري والمالي والتربوي ، إذ لا يقوم موظف التبليغات بواجبه ضمن حدود منطقة المحكمة أو مديرية التنفيذ التي يعمل فيها ، إلا بعد إستحصال ( رشوة ) طوعا أو كرها من المواطنين ذو العلاقة بالتبليغ ، وقد تطور الفساد إلى حد تكليف المواطن ذاته بالتبليغ عن طريق المحاكم أو مراكز الشرطة بالإنابة ، لوقوع محل سكن أو عمل المراد تبليغه (المدعى عليه) خارج حدود مسؤولية المحاكم أو المراكز للمدعي ، دون النظر إلى ما يتكبده المواطن من تكاليف مادية وما قد يتعرض له من مخاطر خلال رحلة التبليغ الإجباري ؟!، وفي تطور آخر وجديد ، تتم مطالبة المواطن في مديرية تنفيذ بغداد ( … ) بدفع كلفة تصوير الوثائق وأجور نقل الإضبارة إلى محكمة الإستئناف ، حسب طلب موظف شعبة حفظ الأضابير بالتنسيق مع الموظف المعتمد لنقل المراسلات ومرفقاتها بين الدوائر المذكورة ، وهم ممن عينهم وزير العدل ؟!. وكل أؤلئك ممن يتقاضون رواتب ومخصصات من خزينة الدولة ، لقاء ما يقومون به من واجبات رسمية ، إضافة إلى ضمان حقوقهم في حالة تعرضهم لأي حادث أثناء الخدمة أو بسببها بموجب القانون .
ومع ذلك لا يتقدمون بالخطوة الأولى إلا بعد قبض المال الحرام غصبا ، وجميعهم ممن يدعون الإلتزام بقواعد الدين والشرع الحنيف ، إلا أنهم يتجاهلون نتائج تداعيات الحديث النبوي الشريف ( كل جسد نبت من السحت فالنار أولى به ) .
* لم أكن على علم بتفاصيل تلك الحالات من الفساد ، ولم أتوقع حصولها بعلم الجميع وخاصة المحامين والمسؤولين . حتى تذوقت طعم المرارة وعلقم التبليغات ، خلال سنتين من الدفاع عن حقي الشرعي والقانوني ، وقد يجيز لي القانون والقضاء أن أندب حظي العاثر بعتبات الفشل والفساد بكل صنوفه وأنواعه وأشكاله ، ولأعلن للناس جميعا وعلى رؤوس الأشهاد ، بأن كل ما إقترفته من ذنب طيلة حياتي ، وقد بلغت من العمر عتيا مع تدهور ملحوظ في الصحة العامة ، هو تأليف ستة كتب في مجال الخدمة والوظيفة العامة ، أنفقت في سبيل الدفاع عن واحد منها ، أكثر من مبلغ التعويض الذي قررته المحكمة المختصة لي ، أزاء قيام من لا يقيم وزنا للأمانة العلمية ؟!. ولا يحترم جهد الآخرين وحقوقهم التي ضمنها القانون.
بإستنساخ كتابنا الموسوم ( في قانون الخدمة المدنية- الدرجات والرواتب والمخصصات – دراسة تحليلية للنص القانوني والواقع التطبيقي ) ، وبيعه لمنفعته الشخصية ، بمساعدة محام إعتمد ذات الكتاب مصدرا من مصادر حصوله على شهادة الماجستير؟!. * إن أشد ما أبتليت به ونكبت ، أن يسمح القضاء والتنفيذ مشاركة فلول السرقة بالإستحواذ على جزء من مبلغ التعويض . ولا يسمح بمقاضاة المحامي المقيم في محافظة أخرى ، إلا بعد تكليفي بتبليغه بموعد جلسة المرافعة في إحدى محاكم البداءة في بغداد ، بدلا من قيام المحكمة بذلك الواجب المناط بها حصرا بموجب القانون ، ومن غير مراعاة للإعتبارات الإنسانية المتجسدة في حالات تقدم السن وسوء الحالة الصحية ، وما يترتب على ذلك من مشقة وعناء وتكاليف مادية إضافية وإجبارية لا سند لها في العرف أو في القانون ، مع عدم وجود الضامن القانوني لحقوق المكلف بالتبليغ بشكل غير قانوني ، عند تعرضه لأخطار حوادث المرور أو الإعتداء عليه لأي سبب كان ، كما يضمنها القانون لموظفي التبليغات الرسميين . * إن إحقاق الحق الذي يتمسك وينطق به المختصون ، يستوجب التعامل مع روح القانون قبل نصوصه التي لا إجتهاد في موردها . ولعل ما جاء في نص المادة (167) من قانون المرافعات ، التي تقضي بوحوب تصحيح الخطأ من قبل المحكمة بناء على طلب الطرفين أو أحدهما . والإستماع لأقوالهما أو من حضر منهما ، ما يؤكد عدم الحاجة إلا لأحد الطرفين ، لتعلق طلب التصحيح بالخطأ المادي البحت كتابيا أو حسابيا الحاصل من قبل المحكمة المختصة وليس من قبل الطرفين أو أحدهما ، ومن المؤكد أيضا أن لا يتقدم بطلب التصحيح أو يحضر جلسة المرافعة لإستماع أقواله إلا الطرف المتضرر ، وقد يكون مناسبا التذكير بنص المادة (27) بأن ( يعتبر التبليغ باطلا إذا شابه عيب أو نقص جوهري يخل بصحته أو يفوت الغاية منه ) . مما يعني إعادة إجراء التبليغ إن تطلب العدل ذلك ، ولا أدري بأي كيفية سيكون التبليغ للمرة الثانية ؟!. * حالات فساد نضعها بين يدي مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل ، عسى أن يجدا لها الحل المناسب والمطلوب ، في ظل عديد الرسوم التي تفرضها المحاكم والتنفيذ ، وتستحصلها من المواطنين المراجعين لغرض إنجاز معاملاتهم ، ومنها إجراءات التبليغ ، ولا أدري وعلى الرغم من أن مصيبة الفساد تشمل الجميع ، جال في خاطري قول الشاعر السوداني إدريس جماع : إن حظى كدقيق فوق شوك نثروه … ثم قالوا لحفاة يوم ريح إجمعوه صعب الأمر عليهم ثم قالوا أتركوه … إن من أشقاه ربى كيف أنتم تسعدوه