التحالف السري..إيران والقاعدة أنموذجا! ج1
محمد الياسين
لطالما سوقت الماكنة الاعلامية والسياسية المشبوهة لفكرة مفادها ان التصادم الفكري والعقائدي بين إيران الشيعية والقاعدة السُنية يحول دون اللتقاء الطرفين المتشددين على مصالح ! ، إلا ان هناك قاعدة ثابتة تقول وتؤكد على أن ” المصالح تتصالح ” ، خصوصاً إذا كانت تتعلق بالاستراتيجيات الكبيرة مثل التحكم بعقول الشعوب لإدارة المجتمعات والسيطرة على مفاتيح صناعة التفوق في القوة والنفوذ وبناء السلطة العميقة!، إذن فتلك القاعدة تنسف تماماً المفهوم القائم على فكرة العداء بين القاعدة وإيران! ، خاصة وإن وسائل الإعلام والواجهات الكبيرة لكلا الطرفين هي التي تُدعم مفهوم العداء بينهما للعالم من خلال الخطاب الاعلامي والسياسي والثقافي الديني لهما! ، وهذا ما يترك الشك في النفوس ، لا سيما أن تنظيم القاعدة الذي استهدف بعملياته الإرهابية غالبية الدول العربية ذات الأغلبية السُنية ولم يستهدف لمرة واحدة إيران الشيعية التي يعاني فيها ملايين السُنة من التهميش والاقصاء والقتل ! ، ناهيك عن إستضافة إيران لأحدى زوجات وأبناء زعيم تنظيم القاعدة اسامه بن لادن الذي قُتل على يد القوات الأمريكية في عملية عسكرية إستخباراتية غامضة في باكستان!.ومنذ عشر سنوات في العراق برز دور تنظيم القاعدة بشكل كبير للغاية في العمليات الإرهابية التي طالت كافة مفاصل الحياة ، ووصلت إلى أبعد مناطق ومدن العراق السُنية والشيعية على حد سواء ، والتي يُفترض ان المناطق الشيعية منها لا يتوفر فيها أي حاضنة للقاعدة أو يطالها خرق أمني ، لما لها من تحصين أمني وعسكري كبير من قبل أجهزة الحكومة والميليشيات الإيرانية المتواجدة فيها ! ، لكنها ذاقت الامرين على مدى عشر سنوات وإلى الآن ، فكيف إذن نجح هذا التنظيم من الوصول إلى تلك المناطق والإستمرار بعملياته الإرهابية لمدة أكثر من عشر سنوات؟! ، وهل يُصدق العقل أن تلك العمليات تتم من دون دعم خارجي مؤثر وفعال في المناطق الشيعية على أقل تقدير؟!.ومن المؤكد للوهلة الآولى أن يتساءل البعض عن طبيعة المصالح التي تجمع طرفي معادلة التحالف السري ، إيران وتنظيم القاعدة ، فالقاعدة وإيران طرفي نزاع فكري بعقيدة فاسدة ، لكلاً منهما رؤى وأهداف اجتمعت فيها المصلحة ، فالطرفان ينتهجا نهج التطرف في العقيدة السُنية والشيعية على حد سواء ، ولا يعترفا بحدود جغرافية لافكارهما الفاسدة ، ويعتقدان بأن العنف هو السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف ، ولا يستطيعان ان يعيشا في هدوء وسلام فهما يجدان في الفوضى والعنف والتخويف بيئة خصبة لإستمرارهما في صدارة المشهد وبقاءهما على قمة الهرم ، فالطرفان يؤمنا بمفهوم ” الغاية تُبرر الوسيلة ” ، أي بمعنى أن الوسيلة أي كانت فهي متاحة لتحقيق الغاية ، وترجمة ذلك على أرض الواقع حدث ويحدث كل يوم ، فالقاعدة في العراق قتلت من أبناء السُنة الكثير لاعتقادهم انهم لا يدينون لها بالولاء ، وإيران دعمت أرمينيا المسيحية بالسلاح في حربها على أذربيجان الشيعية ، وكذلك قتلت من شيعة العراق الكثير لتحقيق غاياتها السياسية ومن الأدلة على ذلك ما كشف عنه الجنرال الامريكي السابق في العراق جورج كيسي في مؤتمر نحو الحرية الذي عقدته المعارضة الإيرانية في باريس وأكد فيه أن إيران تقف وراء تفجير مرقدي الأمامين في سامراء في العام 2006 ، فمن الطبيعي القول أن ما أعقب ذلك من عمليات تطهير طائفي شهدها العراق قامت بها القاعدة ضد الشيعة والميليشيات ضد السُنة يتحملُ وزرها بالكامل النظام الإيراني وحليفه السري ، تنظيم القاعدة.